رحبت إيران الأحد بتصريحات رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد توفيق علاوي حول خروج القوات الأميركية من البلاد، وذكرت انها مستعدة لتقديم "اي دعم" للحكومة المنتظر تشكيلها والمرفوضة حتى الأن من قبل المتظاهرين.
وإيران تجمعها روابط قوية بالعديد من الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة الشيعية في العراق إلى جانب أحزاب كردية من الشمال. وحاول المسؤولون الإيرانيون استغلال نفوذهم للإبقاء على حكومة في بغداد تتماشى مع مصالحهم.
وقال عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "في إطار الدعم المستمر للاستقلال والسيادة الوطنية ووحدة الأراضي وتعزيز أسس الديمقراطية في العراق، وإلى جانب الطلب المشروع لحكومة وشعب العراق بخروج القوات الأميركية من أراضي هذا البلد، ترحب إيران باختيار محمد توفيق علاوي رئيسا جديدا للوزراء في هذا البلد".
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن موسوي قوله إن إيران مستعدة لتقديم أي دعم مطلوب لمساعدة العراق في التغلب على مشاكله وتجاوز هذه الفترة الحساسة.
وطلب علاوي مساندة العراقيين السبت بعد بضع ساعات من تكليف الرئيس برهم صالح له لكن المحتجين رفضوه بالفعل باعتباره أداة في يد النخبة السياسية.
وقتلت الولايات المتحدة القائد العسكري الإيراني البارز قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة في بغداد الشهر الماضي مما أعطى قوة دفع جديدة لحلفاء إيران في العراق للمطالبة بسحب القوات الأميركية.
من جهته، حث رجل الدين العراقي مقتدى الصدر أنصاره الأحد على مساعدة قوات الأمن في فتح الطرق التي أغلقت على مدى أشهر من الاعتصامات والاحتجاجات وطالب بعودة الحياة اليومية إلى طبيعتها.
ودعا الصدر، الذي كان ينحاز في بعض الأحيان إلى المحتجين المناهضين للحكومة وفي أحيان أخرى للجماعات السياسية المدعومة من إيران، أنصاره غير المسلحين المعروفين باسم "القبعات الزرق" للعمل مع السلطات لضمان عودة المدارس والشركات للعمل بشكل طبيعي.
واندلعت الاحتجاجات في بغداد وعدد من المدن الجنوبية مساء السبت فور تكليف الرئيس برهم صالح لعلاوي بتشكيل الحكومة في محاولة لإنهاء الاضطرابات السياسية.
وتجمع آلاف المتظاهرين الأحد في ساحة التحرير في بغداد حيث مخيم الاعتصام الرئيسي في العاصمة لرفض هذه الخطوة. وقرعوا الطبول ورددوا هتافات مناهضة لعلاوي وللصدر قائلين "علاوي مرفوض أحزابه مرفوضة".
وقال الصدر في بيان نشر على حسابه على تويتر "أجد لزاما تنسيق (القبعات الزرق) مع القوات الأمنية الوطنية البطلة ومديريات التربية في المحافظات وعشائرنا الغيورة إلى تشكيل لجان في المحافظات من أجل إرجاع الدوام الرسمي في المدارس الحكومية وغيرها كما وعليهم فتح الطرق المغلقة لكي ينعم الجميع بحياتهم اليومية وترجع للثورة سمعتها الطيبة".
وأضاف "أنصح القوات الأمنية بمنع كل من يقطع الطرقات وعلى وزارة التربية معاقبة من يعرقل الدوام من أساتذة وطلاب وغيرهم".
وقالت وكالة رويترز للانباء إنه يبدو أن بعض أنصاره قد ساعدوا بالفعل على إخلاء أماكن الاحتجاجات في ساحة التحرير في بغداد أثناء الليل.
وقبل بضع ساعات من تعيين علاوي هاجم أفراد من القبعات الزرق مسلحون بالعصي مبنى في ساحة التحرير يعرف باسم المطعم التركي يحتله المتظاهرون منذ أكتوبر/تشرين الأول.
وبدا المبنى خاليا تقريبا الأحد ووقف أفراد القبعات الزرق خارجه يحملون أجهزة اللاسلكي للحراسة.
وقال محتج يدعى رسول (20 عاما) كان يقيم في المطعم التركي منذ أكتوبر/تشرين الأول "هاجمونا فجأة وأخرجونا من المبنى وهم يصرخون بأننا لم نخدم البلد بل دمرنا اقتصاده".
واستمرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مكان قريب وصب المتظاهرون جام غضبهم على علاوي الذي عُين السبت في إطار اتفاق بين الصدر والجماعات السياسية المدعومة من إيران.
وكثيرا ما كان المحتجون الذين يطالبون بإبعاد النخبة السياسية الحاكمة في العراق يغلقون الطرق الرئيسية في بغداد وفي جنوب العراق منذ بدء المظاهرات في أكتوبر/تشرين الأول.
لوح بعض المتظاهرين في بغداد اليوم بالعلم الوطني في حين لوح آخرون بأعلام الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وكتبوا بالانكليزية على العديد من اللافتات "ندعو الأمم المتحدة لدعم وحماية المتظاهرين العراقيين".
وقال طالب يدعى مالك جواد "علاوي طرف في اللعبة السياسية التي دمرت العراق ويجب أن يرحل".
ووقف أكثر من عشرة شبان عراقيين على شاحنة تحمل مكبرات صوت وحيوا الحشد.
وأضاف جواد "مقتدى الصدر وجه رسائل متعارضة من البداية لكنه أوضح في نهاية الأمر أنه ضد المتظاهرين".
وراقب أنصار الصدر المحتجين من داخل مبنى المطعم التركي وحوله.
وكان الصدر يوجه الاضطرابات المناهضة للحكومة في السنوات الماضية لكنه لم يتمكن من السيطرة على هذه الموجة من الاحتجاجات والعديد من المتظاهرين يعارضونه مثلما يعارضون بقية الساسة. وكان أنصار الصدر قد دعموا المتظاهرين في السابق وفي بعض الأحيان ساعدوا في حمايتهم من هجمات لقوات الأمن ومسلحين مجهولين.
ويأتي أغلب أنصار الصدر من أحياء فقيرة في شرق بغداد ويعانون من المظالم نفسها التي يعاني منها الكثير من العراقيين وهي انعدام فرص العمل وضعف الرعاية الصحية والتعليم.
وتمثل الاضطرابات الراهنة أسوأ أزمة يشهدها العراق منذ سنوات. وبددت فترة من الهدوء استمرت نحو عامين سادت بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في 2017.