أغلقت متاجر أبوابها بمدن إيرانية عدة، الاثنين الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، في أعقاب دعوات من محتجين يريدون إسقاط حكم رجال الدين إلى إضراب عام بجميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أيام.
وتشهد إيران اضطرابات في جميع أرجائها بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني خلال احتجاز "شرطة الأخلاق" لها في 16 سبتمبر (أيلول)، مما شكل أحد أقوى التحديات للجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979.
وذكرت وكالة "تسنيم" شبه الرسمية للأنباء، الإثنين، أن القضاء أغلق متنزهاً ترفيهياً في مركز تجاري بطهران، لأن المسؤولات عنه لم يلتزمن بالحجاب بشكل صحيح.
وقال رئيس السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين محسني إجئي، إن "مثيري الشغب " يهددون أصحاب المتاجر كي يغلقوا متاجرهم، وأضاف أن القضاء والأجهزة الأمنية ستتصدى لهم بسرعة، وأشار إلى أنه سيتم قريباً إعدام المحتجين الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام.
وعرض حساب "تصوير 1500"، الذي يضم 380 ألف متابع على "تويتر" ويركز على الاحتجاجات، مقاطع مصورة لمتاجر مغلقة في مناطق تجارية رئيسة، مثل بازار بطهران، ومدن كبيرة أخرى مثل كرج وأصفهان وشيراز، ولم يتسن لـ"رويترز" التأكد من صحة هذه المقاطع.
وقال شهود لـ"رويترز" إن شرطة مكافحة الشغب وميليشيات "الباسيج" انتشرت بكثافة في وسط طهران.
وأكدت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية إغلاق السلطات محل مجوهرات يملكه أسطورة كرة القدم الإيرانية السابق علي دائي عقب قراره الإغلاق خلال أيام الإضراب العام الثلاثة.
وعرض حساب "تصوير 1500" وحسابات نشطاء آخرين لقطات مماثلة لمتاجر مغلقة في مدن أصغر مثل بوجنورد وكرمان وسابزيفار وإيلام وأردبيل.
وذكرت جماعة "هنجاو" الإيرانية لحقوق الإنسان أن 19 مدينة انضمت إلى حركة الإضراب العام في كوردستان غرب إيران، حيث يعيش معظم السكان الكورد.
ولقي مئات الأشخاص حتفهم في الاضطرابات منذ وفاة أميني (22 سنة)، التي احتجزتها "شرطة الأخلاق" بتهمة انتهاك قواعد الحجاب.
من ناحية أخرى، أفادت وكالة "تسنيم" الإيرانية شبه الرسمية للأنباء بأن الحرس الثوري الإيراني قال، الاثنين، إن "قوات الأمن لن ترحم مثيري الشغب وقطاع الطرق والإرهابيين".
كما أشاد الحرس الثوري بالقضاء لموقفه من الاحتجاجات، وحثه على الإسراع في إصدار الأحكام بحق المتهمين بارتكاب "جرائم ضد أمن الوطن والإسلام".
وفي سياق ذي صلة، تجاهلت الصحافة المحافظة في إيران، الاثنين، الإعلان عن إلغاء "شرطة الأخلاق"، التي كانت وراء اندلاع الحركة الاحتجاجية التي تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ أكثر من شهرين ونصف، بينما تطرقت أربع صحف إصلاحية للمسألة على صفحاتها الأولى.
وأعلن المدعي العام في إيران محمد جعفر منتظري، مساء السبت، خلال مؤتمر صحافي في قم الواقعة شرق طهران، أن "شرطة الأخلاق ألغيت من قبل الذين أنشأوها". ويعتبر هذا الإعلان مبادرة حيال المحتجين.
لكن أربع صحف إصلاحية فقط تطرقت، الاثنين، إلى إلغاء الشرطة الدينية، التي أنشئت في أوائل العقد الأول من القرن الحالي من أجل "نشر ثقافة الحشمة والحجاب".
وكتبت صحيفة "سازانديجي"، "بعد 80 يوماً من الاحتجاجات التي تسببت بها شرطة الأخلاق، أعلن المدعي العام إلغاءها"، وعنونت "نهاية شرطة الأخلاق".
من جهتها، بدت صحيفة "شرق" متشككة وتساءلت على صفحتها الأولى "هل هذه نهاية الدوريات؟" لفرض قواعد اللباس التي تشمل ارتداء الحجاب.
وأضافت "شرق"، "بينما أعلن المدعي العام أنه جرى إلغاء شرطة الأخلاق، فإن إدارة العلاقات العامة التابعة للشرطة رفضت تأكيد هذا الإلغاء".
وقال الكولونيل علي صباحي مسؤول العلاقات العامة في شرطة طهران، رداً على سؤال الصحيفة عبر الهاتف، "لا تذكروا حتى أنكم اتصلتم بنا، الوقت ليس مناسباً لمثل هذا النقاش، وستتحدث الشرطة عن الأمر عندما يكون (الوقت) مناسباً".
كذلك، بدت صحيفة "آرمان ملي" متشككة حيث عنونت "هل هذه نهاية شرطة الأخلاق؟". وبعد إعلان المدعي العام، تساءلت صحيفة "هام ميهان": "تغيير لمصلحة النساء؟". وأضافت "السلطة القضائية أصدرت إعلاناً ولكن لم تعلن أي سلطة أخرى حل شرطة الأخلاق".
وقالت صحيفة "هام ميهان" ذات الميول الإصلاحية إن شرطة الأخلاق عززت وجودها في مدن خارج طهران، حيث كانت أقل نشاطاً خلال الأسابيع الأخيرة.
ونقلت وكالة "العمال" الإيرانية شبه الرسمية للأنباء عن المدعي العام قوله، السبت، إنه تم حل شرطة الأخلاق، لكن لم يرد تأكيد من وزارة الداخلية وقالت وسائل إعلام رسمية إن المدعي العام ليس مسؤولاً عن الإشراف على القوة.
وقالت أنسيه الخزعلي نائبة الرئيس لشؤون المرأة، الأسبوع الماضي، إن الحجاب جزء من القانون العام للجمهورية الإسلامية وإنه يضمن للمرأة أمنها.
قلل ناشطون حقوقيون مؤيدون للحركة الاحتجاجية، الإثنين، من أهمية تصريح رسمي عن تفكيك السلطات لجهاز شرطة الأخلاق المثير للجدل، مشددين على أن أي تغيير لم يطرأ على قواعد الجمهورية الإسلامية المقيدة بشدة للباس المرأة.
وشكك الناشطون في مدى صحة تصريحات المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري التي بدت أقرب إلى رد عفوي على سؤال طُرح عليه خلال مؤتمر صحافي من كونها إعلاناً واضحاً بشأن شرطة الأخلاق التابعة لوزارة الداخلية.
وشددوا على أنه حتى وإن أُلغيت، فإن الخطوة لن تمثل أي تغيير في سياسة إيران بشأن الحجاب التي تمثل إحدى الركائز الفكرية لنظامها الديني، بل ستكون مجرد تعديل في التكتيكات المتبعة لفرضها.
واتفقت برلين مع هذه الرؤيا، الإثنين، إذ قالت متحدثة باسم الخارجية الألمانية إن "الإيرانيين والإيرانيات ينزلون إلى الشارع للدفاع عن حقوقهم الأساسية، يريدون العيش بحرية واستقلالية، وهذا الإجراء في حال تطبيقه لن يغير هذا الأمر إطلاقاً".
وقالت المؤسسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بوروماند لحقوق الإنسان ومقره الولايات المتحدة رؤيا بوروماند لوكالة الصحافة الفرنسية إن إلغاء وحدات شرطة الأخلاق سيشكل خطوة "ضئيلة جداً ومتأخرة جداً على الأرجح" بالنسبة للمحتجين الذين باتوا يطالبون بتغيير النظام بأكمله.
وأضافت "ما لم يرفعوا جميع القيود القانونية على لباس النساء والقوانين التي تتحكم بحياة المواطنين الخاصة، فلا تنصب هذه الخطوة إلا في إطار العلاقات العامة"، مضيفة أن "لا شيء يمنع (أجهزة) إنفاذ القانون الأخرى" من مراقبة تطبيق "القوانين التمييزية".
يعد مشهد دوريات شرطة الأخلاق مألوفاً في شوارع طهران منذ العام 2006 عندما أُدخلت في عهد الرئيس المحافظ المتشدد حينذاك محمود أحمدي نجاد، لكن القيادة الدينية تطبق القواعد التي تشمل فرض الحجاب منذ ما قبل ذلك بكثير.