نبَّه مسؤول في الإدارة الذاتية الكوردية في شمال شرقي سوريا (روجافا) اليوم (الأحد)، إلى أن تهديد المنظمات الإنسانية العاملة في مخيم الهول يشكل «سابقة خطيرة»، بعد أيام من مقتل مسعف على يد عناصر تابعة لتنظيم «داعش».
ويؤوي مخيم الهول نحو 56 ألف شخص، أكثر من نصفهم دون 18 عاماً، وفق آخر بيانات الأمم المتحدة. ويضم نحو 10 آلاف من عائلات مقاتلي التنظيم الأجانب، ممن يقبعون في قسم خاص قيد حراسة مشددة. ويشهد المخيم بين الحين والآخر حوادث أمنية تتضمن عمليات فرار أو هجمات ضد حراس أو عاملين إنسانيين أو جرائم قتل تطال القاطنين فيه، حسبما أفادت وكالة «الصحافة الفرنسية».
وقال مسؤول المخيمات في الإدارة الذاتية في روجافا، شيخموس أحمد، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «ثمة خلل أمني وتهديد جدِّي في المخيم؛ حيث خلايا (داعش)، ما زالت موجودة».
وأكَّد أن «تهديد المنظمات الإنسانية والنقاط الطبية يشكِّل سابقة خطيرة»، موضحاً أنها بعد الحادث الأخير «ستواصل تقديم الخدمات الإنسانية؛ لكن ليس بالشكل المطلوب».
ونعى «الهلال الأحمر الكوردي» الأربعاء أحد عناصره. وقال إنه قُتل متأثراً بإصابته «بطلق ناري أثناء تأديته لواجبه الإنساني» في المركز الرئيسي للمنظمة في مخيم الهول.
وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قُتل المسعف الثلاثاء على يد مسلحين تابعين لتنظيم «داعش» تمكنا من دخول النقطة الطبية، باستخدام هويتين مزورتين.
وفي بيان مشترك الأربعاء، أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، عمران ريزا، والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مهند هادي، أن «منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى لا تزال ملتزمة بحشد وتقديم المساعدات المنتظمة المنقذة للحياة، والمساعدات الأساسية للمخيم»؛ لكنهما حذرا من أنها «لا يمكنها القيام بذلك بشكل فعال، إلا عندما يتم اتخاذ خطوات لمعالجة قضايا السلامة المستمرة».
وشدَّدت منظمة «أطباء بلا حدود»، إحدى أبرز المنظمات العاملة في المخيم، في بيان الجمعة، على أنه «لا بد من إيجاد حلول طويلة الأمد، تحترم حقوق سكان المخيم، وتكفل سلامتهم، وسلامة العاملين في المجال الإنساني، على حد سواء».
وتعمل عشرات المنظمات غير الحكومية، المحلية والدولية، على تقديم المساعدات داخل المخيم.
ومنذ مطلع عام 2021، وثَّق «المرصد السوري» مقتل 91 شخصاً في المخيم، غالبيتهم لاجئون عراقيون، على يد عناصر متوارية من التنظيم. وبين القتلى عاملان في المجال الإنساني.
وكانت وتيرة جرائم القتل قد انخفضت إثر عملية أمنية نفَّذتها القوات الكوردية نهاية مارس (آذار)، وأسفرت عن توقيف أكثر من مائة عنصر من التنظيم، قبل أن تعاود الارتفاع.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم في مارس 2019، تطالب الإدارة الذاتية، ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية، باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات، أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة المتطرفين في سوريا؛ لكن مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية أخرى باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.
وحذَّرت الأمم المتحدة مراراً من تدهور الوضع الأمني في المخيم. ويخشى خبراء من أن يشكل المخيم «حاضنة» لجيل جديد من مقاتلي التنظيم، وسط استمرار أعمال الفوضى والعنف وانسداد الأفق الدبلوماسي بإمكانية إعادة القاطنين فيه إلى بلدانهم.