ثمة حركةٌ غير اعتياديةٍ لطائرات شحن عسكرية أميركية في قاعدة عين الأسد العراقية بناحية البغدادي بمحافظة الأنبار، بحسب ما يقول سكان المنطقة.
وبحسب السكان أيضا، فإنه كلما زاد هبوط الطائرات الأميركية، زاد اختفاء الميليشيات العراقية التابعة لإيران من شوارع المنطقة المجاورة للقاعدة العسكرية.
فماذا يجري هناك قرب الحدود العراقية-السورية؟ وهل تسعى واشنطن إلى قطع "الهلال الإيراني" من طهران إلى بيروت؟.
برنامج "عاصمة القرار" من قناة "الحرة" ناقش هذه المسألة مع ضيفيه: جويل رايبرن، مؤسس ومدير المركز الأميركي لدراسات بلاد المَشرِق، المبعوث الأميركي الخاص السابق لسوريا، وجوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد.
كما شارك في جزء من الحوار من بغداد، حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، ورامي عبد الرحمن، مدير المركز السوري لحقوق الإنسان من بريطانيا، والبرلماني العراقي السابق عمر عبد الستار محمود، من إسطنبول.
وفقاً لتقارير إخبارية، فإن القوات العسكرية الأميركية المتمركزة في قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار بغرب العراق، تخطط لإغلاق الحدود الطويلة بين العراق وسوريا، كما يرسل الجيش الأميركي قوافل جديدة من الشاحنات العسكرية التي تنقل الأسلحة والإمدادات اللوجستية من العراق، إلى محافظة الحسكة في سوريا .
وتضيف التقارير أن القوات الأميركية المتمركزة في القاعدة العسكرية ذات الموقع الاستراتيجي في منطقة التنف السورية، تتلقى قوافل متعددة من المعدات العسكرية من قاعدة عين الأسد، لتنفيذ برنامج سري في المنطقة.
صمت واشنطن وبغداد بشأن الموضوع، لم يقطعه سوى النفي.
ويقول بات رايدر، المتحدث باسم البنتاغون: "ليس هناك أيّ تغيير كبير في وضع القوات التي تواصل مهمة هزيمة داعش في سوريا. كان هناك بعض التقارير غير الدقيقة القادمة من المنطقة تشير إلى أن القوات الأميركية منخرطة بشكل ما في تأمين الحدود بين العراق وسوريا. هذا الأمر غير صحيح. ليس هناك أي تأمين للحدود فنحن لا نوفر أمن الحدود وهذا الدور يعود للحكومة العراقية".
"إنها مجرد شائعات" على حد تعبير اللواء ماثيو ماكفرلين، قائد قوات التحالف الدولي في سوريا والعراق.
ويشدد الكاتب الأميركي، جاريد زوبا، على أن "البنتاغون يراقب عن قرب زيادة التعاون الإيراني الروسي في سوريا، وفي منطقة الحدود العراقية السورية خاصة، لا سيما بعد التحرشات الروسية بالقوات الأميركية في قاعدة التنف مؤخراً.
ويختم بالقول: إنه من شبه المؤكد أن التحرك الأميركي العلني في البوكمال - التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، سيؤدي إلى تصعيد كبير".
يتمنى جويل رايبرن أن تكون التحركات العسكرية الأميركية صحيحة، لكنها حسب ما يقول "مجرد شائعات. على واشنطن ردع النظام السوري والميليشيات الإيرانية، لكن هذا لا يحدث الآن. إنها شائعات غير صحيحة، وربما أطلقتها أجهزة دعائية تابعة لمجموعات متشددة في المنطقة. وربما يروج لها النظام الإيراني وميليشياته في العراق".
ويتفق جوناثان مع رأي رايبرن على أن هذه "مجرد شائعات غير صحيحة، وإنه لا تغيير في التموضع العسكري الأميركي. وفي كل سنة مثل هذا الوقت يتم التبديل الدوري للقادة العسكريين لمهمة العزم الصلب لمواجهة داعش. وفي هذا الإطار، سيحل اللواء فاويل هذا الأسبوع محل اللواء ماكفرلين قائدا لقوات التحالف الدولي في سوريا والعراق، وهذا شيء روتيني".
ويضيف جوناثان لورد: "ليس هناك وجود عسكري أميركي في القائم أو البوكمال. هناك وجود عسكري أميركي فقط في التنف، وفي المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا دعماً لقوات سوريا الديمقراطية.
ويشدد جويل رايبرن على أن "الوجود العسكري الأميركي في العراق وسوريا يركز على المهمة ضد داعش والمجموعات الإرهابية فقط".
ويقول حسين علاوي: "هذه بروباغاندا (دعاية) إعلامية واضحة جدا، الغرض منها تحدّي العلاقات العراقية الأميركية، خاصة بعد نجاح زيارة الوفد العراقي لواشنطن مؤخراً. إن ما جرى مؤخراً على الأرض هو تبديل روتيني في البعثة الاستشارية الأميركية التدريبية داخل القواعد العسكرية العراقية".
ويرى رامي عبد الرحمن أن "هناك توتراً مستمراً بين ضفتي الفرات الشرقية والغربية، بين مناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف في شرق الفرات، وميليشيات إيران التي تحشد غرب الفرات على الحدود السورية العراقية. وإن النظام السوري يريد الهرب من فشله في حلّ المشكلات الداخلية عن طريق إلقاء اللوم كله على القوات الأميركية، وربما مهاجمة مناطق شرق الفرات، وإيران ليست بعيدة عن هذا التوجه".
ويقول البرلماني العراقي السابق عمر عبد الستار محمود إن هناك "انشطارا ولائيا في العراق بين ميليشيات إيران. والولايات المتحدة تركز على علاقة إيران وميليشياتها مع روسيا. وإن واشنطن تريد استئصال العلاقات الإيرانية الروسية، وهذه ورقة تفاوضية أميركية مع إيران".
يقول جويل رايبرن إن هذه "الشائعات مرتبطة بالتظاهرات ضد النظام السوري، وبالأزمة الاقتصادية في سوريا. لكن السوريين يعرفون أن بشار الأسد ونظامه مسؤولون عن دمار سوريا. وتظاهرات السويداء تقول هذا لبشار الأسد".
ويوافق جوناثان لورد على ارتباط الشائعات بشأن التحركات العسكرية الأميركية باندلاع "الحراك الشعبي ضد نظام بشار الأسد، الذي قتل مليون سوري إلى الآن، والذي يبدو مستعدا لقتل مليون آخر للبقاء في السلطة. لكنه لن يستطيع تجنب تحمّل مسؤوليته عن كل مآسي سوريا والسوريين".
ويضيف رامي عبد الرحمن أن ثمة "ارتباط بين هذه الشائعات وبين تجدد التظاهرات ضد النظام في الداخل السوري. فهذا النظام غالبا ما يلجأ للإرهاب وداعش وغيرها لتأمين حشد لمناصرته. وإن الميليشيات التابعة لإيران في العراق هي من أطلقت شائعة التحركات العسكرية الأميركية على الحدود مع سوريا، من أجل تحضير الجبهة الداخلية قبل افتعال أزمة على الحدود العراقية السورية". على حد تعبير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.
كانت تلك أبرز الإجابات على التساؤلات بشأن صحة وجود تحركات عسكرية أميركية فعلية، بينما المؤكد أن لهذا الموضوع فصولاً مستقبلية، فالأزمة في سوريا قد تخلط الأوراق الدولية من جديد، وتغير الحسابات الأميركية.