مشاري الذايدي
أغلب مشكلات الدول العربية اليوم، والحروب وشبه الحروب القائمة، والقتل والضياع والتهجير والخراب والإرهاب، وتدخل الأمم بشؤون العرب الدقيقة.. شاهدها وستجد أن اللاعب الرئيسي فيها إما إيران وإما تركيا.
هذه حقيقة، من العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا.. إلخ، نبع الداء إما إيران عبر مليشياتها الإرهابية المفسدة للحياة السياسية ولمعنى وجود الدولة وسيادتها، كما تفعل جماعات «الحشد الشعبي» بالعراق و«حزب الله» بلبنان والحوثي باليمن، وإما تركيا، مثلاً، في ليبيا عبر احتضان «جماعة الإخوان» وتوفير الدعم الإعلامي والسياسي لها، وفوق ذلك تهريب السلاح للجماعات الإرهابية داخل ليبيا، كما حصل مع الشحنة التركية المضبوطة أخيراً بميناء «الخمس» الليبي، واعترف بها وزير خارجية تركيا.
أما سوريا فهي المسرح الذي تداخل فيه الإفساد الإيراني والتركي، وكانت سوريا هي ذروة المآسي العربية بالعقود الأخيرة، وبركات خامنئي وأردوغان فيها ظاهرة للعيان.
من أجل ذلك فقد كان تشخيص الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، بقمة تونس، صحيحاً وهو يقول في كلمته أمام القادة العرب خلال جلسة افتتاح الدورة الثلاثين للقمة العربية بتونس أمس (الأحد): إن «التدخلات، من جيراننا في الإقليم، وبالأخص إيران وتركيا، فاقمت من تعقد الأزمات وأدت إلى استطالتها، بل إلى استعصائها على الحل، ثم خلقت أزمات ومشكلات جديدة على هامش المعضلات الأصلية، لذلك فإننا نرفض كافة هذه التدخلات وما تحمله من أطماع ومخططات».
ورداً على المزايدات التركية والإيرانية، أكد أبوالغيط أن «الجولان أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وأن الاحتلال جريمة وشرعنته خطيئة وتقنينه عصف بالقانون واستهزاء بمبادئ العدالة».
لكن هل كان لإيران، وطبعاً تركيا الأردوغانية، أن تفسد شأن العرب ودولهم ومجتمعاتهم لولا وجود عرب متخيمنين أو متأردغين (نسبة لأردوغان) يعملون معهم؛ أشخاص وجماعات أو دول، ومن هذه الدول طبعاً بل الأشهر، هي قطر، التي يقال إن أميرها تميم غادر قمة تونس محتجاً على كلمة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط خصوصاً ضد تركيا، وهذا طبيعي.. فالقرين بالمقارن يقتدي.. ويغضب له، حتى في غيبته!
على ذكر قطر، فهذا السياسي العراقي «الإخواني» طارق الهاشمي الذي يكنّ الود لقطر وتركيا، هاجم في حسابه على «تويتر» الدول العربية وطالب قادة العرب بتوحيد موقف، لكن ضد من؟
ضد أمريكا، من دون أن يذكر سواها، كأن بلده العراق ليس مستباحاً من إيران، وسوريا من إيران وتركيا، والخليج -ما عدا قطر.. وربما غيرها- هدفاً للهجاء والصراخ التركي الأردوغاني.
نعم، صدق الأمين العربي في اتهام تركيا وإيران وأتباعهما العرب، وهذا قطعاً لا يرفع المسؤولية عن العرب في إيذاء أنفسهم.