رفتن به محتوای اصلی

اعتقال امرأة بسبب حمالة صدر!

نساء يعانين كل الأمور في إيران
AvaToday caption
أنها تعاني من “مرض تليف الثدي منذ سنوات، وهي تخضع لعلاج دائم، وتتناول أدوية
posted onAugust 14, 2019
noدیدگاه

بادية فحص

في سابقة فريدة من نوعها في بلاد ولاية الفقيه، اعتقل عناصر “دورية الإرشاد” في طهران، امرأة بسبب عدم ارتدائها حمالة صدر تحت ملابسها، متذرعين بأن “إقدام هذه السيدة على ارتكاب هذا العمل القبيح، يتسبب في تحريك شهوات الرجال في الشارع”.

خبر اعتقال نرجس أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسم الرأي العام ما بين معارض ومؤيد لما تعرضت له. المدافعون عنها كان معظمهن من النساء، واعتبرت جمعيات نسوية أن سلوك “دورية الإرشاد لم يعد يُحتمل”، في حين باركت الفئات المتدينة عمل الدورية، باعتبار أن “خروج المرأة بلا حمالة صدر موجب للفتنة الاجتماعية”.

أحد الموقع الإلكترونية المعارضة، أجرى مقابلة مع نرجس، التي أكدت أنها تعاني من “مرض تليف الثدي منذ سنوات، وهي تخضع لعلاج دائم، وتتناول أدوية، تسببت لها بحساسية جلدية حادة، إضافة إلى الأوجاع”.

للعلم، مرض تليف الثدي، أو داء الثدي الكيسي الليفي، مرض شائع عند النساء في سن الإنجاب، وهو عبارة عن تكيسات أو كتل حميدة، تؤدي إلى تضخم حجم الثدي، وتكون مؤلمة في حالات كثيرة، لذلك تلجأ المصابات إلى إهمال لبس حمالات صدر.

وأشارت نرجس إلى أنها لم تعد ترتدي حمالة صدر منذ إصابتها بهذا المرض، لا في المنزل ولا في العمل ولا في الزيارات، لكن لم يخطر في بالها يوماً، أن تصبح فريسة دورية الإرشاد، بعدما وقعت فريسة للمرض، كما أن أحداً طوال هذه الفترة، لم يلحظ أنها لا ترتدي حمالة الصدر، “فهموم الإيرانيين، تتجاوز هذا الأمر السخيف والسطحي، لكن دورية الإرشاد همها إذلالنا”.

تعمل نرجس في مجال التصوير الفوتوغرافي، وتملك استديو تصوير في قلب طهران، وزبائنها من الجنسين، وتقول إن جوهر عملها هو كيفية التعامل مع الجسد والتصالح معه، وتصف لحظة اعتقالها: “خرجت من منزلي كالعادة، في ذلك اليوم، أرتدي لباساً شرعياً طويلاً وفضفاضاً، وأضع على رأسي منديلاً ذا أمتار كثيرة، تكفي لأغطي به شعري، وأعقده من الأمام لأخفي صدري.

وحين كنت أهم بالخروج من محطة المترو، في ميدان فردوسي وسط طهران، حاصرتني ثلاث نساء من دورية الإرشاد، واقتربت إحداهن كثيراً مني وشدت منديلي جانباً، ثم صرخت بي بعصبية: (أنت ترتكبين معصية بخروجك بهذا الشكل).

ثم قدنني مخفورة أمامهن نحو سيارة الدورية، التي يجلس فيها رجلان، ومن ثم إلى مركز التحقيق في مبنى وزرا في طهران”.

تقول نرجس إنها طوال الطريق إلى مركز التحقيق، كانت تبكي وتشرح لعناصر الدورية، طبيعة مرضها، ولا أحد يصغي، وطلبت منهم أن يسمحوا لها بالاتصال بطبيبها، لكنهم رفضوا.

في مركز التحقيق، ألقيت نرجس في غرفة معتمة، معزولة عن العالم، بلا نوافذ ولا تبريد.

بعد ساعتين، أحست بالاختناق والإهانة، فقررت أن تصرخ بأعلى صوتها، لعل أحداً يسمعها، فأتاها سيل من الشتائم والكلام البذيء من مكبر للصوت.

ثم بعد دقائق فتح أحد المأمورين باب الغرفة، وطلب منها أن تتبعه إلى غرفة أخرى، هناك كان يصطف عدد من المحققين، الذين باشروا بتوبيخها بأقذع العبارات، فما كان منها، إلا أن فتحت أزرار سترتها وكشفت عن صدرها، لتريهم ما فعله المرض بها، فهربوا جميعاً من الغرفة، بعدها، حضرت امرأة تحمل ورقة، وطلبت منها أن توقع تعهداً بعدم الخروج من بيتها من دون حمالة صدر! ففعلت.

قصة نرجس مع “دورية الإرشاد” ليست الأولى، على رغم أن أسبابها تعد سابقة، ولن تكون الأخيرة، ذلك أن العمل ضمن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يدخل مرحلة جديدة من القمع في الجمهورية الإسلامية، بعد الاعتراضات الواسعة، والحملات المنظمة التي تقودها الجمعيات النسوية والنساء الإيرانيات عموماً، ضد الحجاب الإجباري، ودعماً لحرية اللباس.

نرجس إلى أنها لم تعد ترتدي حمالة صدر منذ إصابتها بهذا المرض، لا في المنزل ولا في العمل ولا في الزيارات، لكن لم يخطر في بالها يوماً، أن تصبح فريسة دورية الإرشاد، بعدما وقعت فريسة للمرض، كما أن أحداً طوال هذه الفترة، لم يلحظ أنها لا ترتدي حمالة الصدر، “فهموم الإيرانيين، تتجاوز هذا الأمر السخيف والسطحي، لكن دورية الإرشاد همها إذلالنا”

ويسجل للمرأة الإيرانية، عنادها وإصرارها، على انتزاع حقوقها، على رغم ما تتعرض له من قمع وإرهاب واعتقال، فمقابل كل مطالبة بحق من حقوقها، تقف المؤسسة الدينية وأمامها المؤسسة الأمنية، بالمرصاد، ويبدع الطرفان في ابتكار أساليب جديدة في المواجهة.

وفي الآونة الأخيرة، ابتدعت السلطة القضائية، في محاكمتها النساء اللواتي لا يلتزمن الحجاب “الجيد”، تهمة “مخالفة العرف السائد في المجتمع الإسلامي”، وحذرت اللواتي يجاهرن بسفورهن على مواقع التواصل الاجتماعي، بعقوبة السجن 10 سنوات.

كما أعلنت مراكز الحرس الثوري في المحافظات كافة، أنها سوف تشن حرباً على الجمعيات النسوية التي “تروج لأسلوب الحياة في الغرب”.

في المقابل، رأت ناشطات في مجال حقوق المرأة، أن مسألة الحجاب ليست أولوية قصوى لدى المرأة في إيران، قياساً على حقوق أكثر أهمية، لذلك لم يبدين اهتماماً بهذه التهديدات.

وأكدت أخريات أن نضال المرأة الإيرانية الحقيقي، هو في مكان آخر، إذ ما زالت محرومة من حقها في الطلاق، وفي حضانة أطفالها بعد سن السابعة، وحقوق أخرى، ورأين أن على “الحكومة أن تتنبه إلى هذه المظالم، لأن غضب النساء له عواقب وخيمة على النظام”.

تشرح الناشطة في مجال المساواة بين الجنسين سمانه سوداي، لماذا تتصرف مؤسسات الجمهورية الإسلامية، بهذه القسوة، في فرض الحجاب وطريقة معينة من اللباس على النساء، حتى وصلت إلى ملاحقتهن بسبب ثيابهن الداخلية.

تقول: “أعتقد أن الحجاب هو عماد الجمهورية الإسلامية، وهي تدرك أنها إذا تراخت في هذا المجال، سوف تكون مجبرة، بحكم وعي المرأة الإيرانية لحقوقها، وحرمانها من حريتها الشخصية على مدى 40 عاماً من عمر الثورة، على الانصياع لكل المطالب، فإذا رضخت لمطلب الحجاب الاختياري، سيلحقه حق الدخول إلى الملاعب الرياضية، وحق السفر من دون إذن ولي الأمر، وحق الطلاق، وحق الحضانة، وآلاف الحقوق الصغيرة والكبيرة، فالليونة في هذه الأمور، تسبب فقدان الهيبة، ومائدة الحرية، تحوي الكثير من الأصناف الشهية.

الجمهورية الإسلامية تتعامل مع النساء مثلما يعامل السجان الطائر، فهو يدرك أنه إذا أخرجه من القفص، فلن يكتفي بالتحليق في الغرفة، لأن الطائر المتعطش إلى الحرية، لن يغادر الغرفة فحسب، بل سيحلق بعيداً في الفضاء”.