ذكرت صحيفة إل باييس الإسبانية أن على الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الانحناء أمام خصومه السياسيين داخل بلاده، في مواجهة التهديدات الخارجية وذلك بعد العقوبات الأميركية.
وقالت الصحيفة لقد انتقل الرئيس الإيراني من حالة نجاح الاتفاق النووي إلى خطر الحرب مع الولايات المتحدة.. فقد روحاني ابتسامته.
الرئيس الذي نجح في إخراج إيران من العزلة الدولية عبر الاتفاقية النووية شهد انهيار ما بناه في العام الماضي.
وأضافت "خروج الولايات المتحدة من تلك الاتفاقية لم يترك له فرصة، بل نَسَفَها. وبدون الاستثمار الأجنبي المتوقع، والأكثر خطورة، مع تزايد الصعوبات في تصدير نفطها، بسبب العقوبات الأمريكية، كان عليه أن ينحني أمام خصومه السياسيين المحافظين في مواجهة التهديد الخارجي".
وصرح روحاني في منتصف شهر مايو "تُشكِّلُ ضغوطات الأعداء حربًا غير مسبوقة في تاريخ ثورتنا الإسلامية (...)، لكنني أعتقد أننا سنكون قادرين على التغلب على هذه الصعوبات إذا بقينا متحدين".
وقبل عدة أيام، أعلن الرئيس الإيراني أن بلاده توقفت عن الوفاء ببعض التعهدات التي تم التعهد بها في الاتفاقية النووية، الموقعة في عام 2015. ثم وافقت طهران على الحدّ من برنامجها الذري مقابل رفع العقوبات التي أعاقت التطوير، وقد أكد مفتشو الأمم المتحدة ذلك.
لذا بدا أن دعوة روحاني إلى الوحدة اعتراف بالهزيمة – يضيف المصدر - اضطُرَّ رجل الدين الذي جاء إلى الرئاسة في عام 2013 مع وعد بتحسين الاقتصاد والحقوق المدنية، إلى البحث عن الدعم من أولئك الذين دائمًا ما انتقدوا سعيَهُ للتفاوض على حل للأزمة النووية. حتى إنه اضطُرَّ للدفاع عن الحرس الثوري القوي.
وذكرت الصحيفة أن روحاني، المحامي والدبلوماسي إلى جانب رجل الدين، تم تشكيله في المعركة ضد الشاه. وبعد انتصار الثورة، في عام 1979، بدأ حياته السياسية التي نقلته إلى المؤسسات الرئيسية في البلاد، من البرلمان إلى مجلس الخبراء، مرورًا بالمجلس الأعلى للدفاع خلال الحرب مع العراق (1980-1988) والمجلس الأعلى للأمن القومي، الذي أصبح وزيرًا له، وكبير المفاوضين النوويين في بداية المحادثات (2004-2005). وبهذه الصفة، تمكن من منع إحالة إيران إلى مجلس الأمن الدولي وحصل على لقب "رجل دين دبلوماسي"، لكنه توقف عند وصول محمود أحمدي نجاد للرئاسة.
ومما أثار الاهتمام – يردف المصدر - أنه وبعد ثماني سنوات، نجح روحاني في تولي مهمة ذلك الرئيس نجاد الذي جعل أسلوبه الشعوبي والمُتَصنِّع من البرنامج النووي الإيراني أداة لتحدي المجتمع الدولي، في الوقت الذي كان يبدد فيه أعلى عائداتِ نفطٍ كانت إيران قد حصلت عليها. فقد أكسبته براغماتيته ومزاجه المعتدل دعم العديد من الإصلاحيين المحبطين الذين، دافعوا مثله عن الحوار للخروج من العزلة.
"هذا ليس وقتًا للتفاوض، ولكن للمقاومة"، صرَّحَ بذلك روحاني هذا الأسبوع بعد أن هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ "النهاية الرسمية لإيران".
كانت كلماته مُماثلةً للتي ردَّدها سابقًا المرشد الأعلى وأعلى سلطة سياسية إيرانية، آية الله علي خامنئي. وعلى العكس من خامنئي، الذي تم تعيينه مدى الحياة من قبل جمعية لرجال الدين، يُعدُّ روحاني أعلى مسؤول منتخب (الديمقراطية على الطريقة الدينية في إيران) في الجمهورية وأعيد انتخابه في عام 2017 بحصوله على خمسة ملايين صوت أكثر من المرة الأولى بفضل توقيع الاتفاق النووي.
وبالتالي، فإن ضربة ترامب القاسية التي أخرج بها الولايات المتحدة من الاتفاق كما وعد في الحملة، والضغط الاقتصادي، في نفس الوقت الذي أضافت فيه واشنطن الجيش، ترك روحاني ضعيفًا أمام الناخبين والمنافسين السياسيين.
فالأوائل تساءلوا عن ماهية الجهد كله. أما الآخرون أي خصومه فسخروا منه "لقد حذرناه" واتهموه بالضعف والإذلال من العدو، يستطرد الكاتب.
وتابعت "بقي الرئيس الإيراني وحيدًا. إنها خاتمةٌ محزنة لرجل تمكن من خداع بلده بعد صدمة عام 2009، عندما قمعت السلطات بقسوة الاحتجاجات الشعبية لإعادة انتخاب أحمدي نجاد".
وبعد فترتين، لا يستطيع روحاني الترشُّحَ مرة أخرى، لكن لا يزال أمامه عامان من الحكم. إذا انتهى به المطاف في نظر الإيرانيين إلى تحميله مسؤولية مشاكلهم، فستكون هناك احتمالات كثيرة بأن كل من سيخلفه ينتمي إلى أكثر القطاعات معادية للغرب في النظام الإيراني.
يذكر أن روحاني تزوج في عمر الـ20 من صحيبة، ابنة عمه التي تصغُرُهُ بست سنوات ولديهما ثلاث بنات وابن. وقد دِين مؤخرًا شقيقه الذكر الوحيد، حسين فريدون، وهو سياسي ودبلوماسي أيضًا، بتهمة الفساد.