قالت مصادر استخبارية وأمنية عراقية، الأربعاء، إن هجمات الصواريخ التي استهدفت السفارة الأميركية الليلة الماضية تمت – على الأغلب- على يد "فصيل تابع لكتائب حزب الله"، الميليشيا العراقية القوية المرتبطة بإيران.
وذهب ضحية تلك الهجمات "طفلة" وأصيب خمسة أشخاص بحسب تصريحات للمتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية.
وقالت خلية الإعلام الأمني العراقية إن الهجمات الصاروخية نفذت من منطقة الأمين، في جانب الرصافة من بغداد.
وبحسب مصدر في استخبارات وزارة الداخلية تكلم لموقع "الحرة" فإن "أربعة من سبعة صواريخ وصلت إلى المنطقة الخضراء بينما سقط ثلاثة منها في مناطق مختلفة".
وأظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي سيارة حمل من نوع Kia تشتعل فيها النيران ويظهر في جانبها الخلفي منصة مصنوعة محليا لإطلاق الصواريخ.
وليس من الواضح كيف أخفى المهاجمون المنصة الكبيرة الحجم نسبيا، وكيف تمكنوا من المرور بهذه السيارة من نقاط التفتيش المنتشرة في بغداد.
وقال المصدر الاستخباري إن مديرية "المراقبة" تقوم بتفحص سجلات الكاميرات المنتشرة في بغداد لمعرفة خط سير المركبة، لكنه قال إن "منطقة الأمين قد تكون هي مكان التصنيع، فنحن نعرف أن الميليشيا متواجدة فيها بكثافة وأن قائدا كبيرا في الميليشيا كان يختبئ هنا خوفا من الاستهداف الأميركي".
ولم يفصح المصدر عن هوية "القائد الكبير" لكن تقارير صحفية أشارت إلى أن زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي أقام في منزل في منطقة الأمين – مكان انطلاق الصواريخ – لفترة بعد مقتل القيادي في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ومعاون أمين عام الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس بغارة أميركية بداية العام الحالي.
وقال مصدر أمني آخر يعمل في قيادة عمليات بغداد إن "تناثر الصواريخ واحتراق منصة الإطلاق يعود على الأغلب إلى الطريقة البدائية بصنع منصات الصواريخ"، مضيفا أن "من المستبعد أن يكون تنظيم داعش وراء هذه العملية بسبب الطبيعة الديموغرافية لمنطقة الإطلاق والتي تستدعي وجود تواطؤ لا تتمكن سوى الميليشيات من الحصول عليه".
وبحسب المصدر فإن "التحقيقات لم تتعد حاليا كتابة وصف للحادث، وأن من المرجح أن يحصل تحقيق مع القوات الأمنية الماسكة للمنطقة قريبا".
وتبنت منصات إعلامية يعتقد أنها تابعة للميليشيات عملية الإطلاق وقالت إنها من تنفيذ فصيل يطلق على نفسه اسم "أصحاب الكهف".
وأصحاب الكهف هم مجموعة مسلحة حديثة العهد نسبيا، لكن مصدر موقع "الحرة" في جهاز استخبارات الداخلية يقول إنهم "تابعون لميليشيات كتائب حزب الله في العراق".
وتباهت تلك المنصات بالعملية ونشرت فيديو للحظة إطلاق الصواريخ وصورا لما تقول إنها صواريخ جديدة "دخلت الخدمة" ومنشورات تتحدث عن "ثأر القادة" سليماني وأبو مهدي.
لكن بعد الأنباء عن مقتل الطفلة نشرت تلك المنصات بيانات نسبتها لميليشيا كتائب حزب الله وقالت فيها إن استهداف السفارة "غباء محض" أو "مؤامرة من الرئيس الأميركي ترامب".
ومن هذه المنصات مجموعة على تليغرام تسمى بـ"بنك التغريدات" وهي مجموعة لتوجيه التغريدات الخاصة بجيوش الميليشيات الإلكترونية في اتجاه موحد لخلق "ترند" على التويتر.
ويظهر التسلسل الزمني للمنشورات فضيحة الميليشيات حيث أن "بنك التغريدات" وجه أولا بالترويج للعملية، قبل أن يوجه بعد انكشاف مقتل طفلة جراء الصواريخ، بالتخلي عنها واتهام القوات الأميركية بالمسؤولية عنها".
ويقول الكاتب العراقي أمين السعد إنه "ليس من المستغرب أن تشن الميليشيا هجمة صاروخية عشية الإعلان عن انسحاب لعدد آخر من القوات الأميركية الموجودة في بغداد"، مضيفا "لكن من المضحك أن تتبنى تلك الهجمات ثم تنفيها بعد دقائق وتصدر أوامر بالتشويش على الرأي العام من خلال التغريدات المدفوعة".
وكان القائم بأعمال وزارة الدفاع الأميركية، كريستوفر ميلر، كشف في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، عن تخفيض في عدد القوات الأميركية الموجودة في العراق إلى 2500 جندي بحلول الخامس عشر من يناير المقبل.
وتنفي الكتائب وباقي الميليشيات اشتراكها في العمليات أو مسؤوليتها عنها، وخاصة حينما ينجم عن الهجمات ضحايا بين المدنيين، لكنها لا تخفي تعاطفها مع مطالب المهاجمين المعلنة والتي تتمثل في انسحاب القوات الأميركية من العراق.
وقال السعد في إن "مطلقي الصواريخ هم مجموعة من المبتزين، وهم على الأكثر خائفون من انسحاب القوات الأميركية أكثر ما هم آملون بانسحابها"، مضيفا "تمتلك الميليشيا قواعد قريبة من القواعد الأميركية في الأنبار فلماذا تصر على مهاجمة السفارة والمدنيين"؟.
وبحسب السعد فإن أهداف الميليشيا تنحصر بـ"استفزاز القوات الأميركية وتخريب مواعيد انسحاب تلك القوات لكي تتمكن من الاستمرار بالمتاجرة بشعارات المقاومة"، مضيفا "هم على الأرجح خائفون من أن يكون انسحاب تلك القوات مقدمة لضربة أميركية لإيران".