بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

الصراع بين "التشيع الأممي" و"التشيع القومي"

الشيعة
AvaToday caption
ترفض إيران أيضاً أي دعاية قومية تركية أذرية من قبل باكو لدعم المد القومي لدى الأتراك الأذريين الإيرانيين الذين يشكلون ثاني أكبر قومية بعد الفرس في إيران
posted onApril 8, 2023
noبۆچوون

تتفاقم الخلافات بين إيران وأذربيجان يوماً بعد يوم، وفي آخر خطوة اعتبرتها طهران تصعيدية، أعلنت باكو اعتقال 6 أشخاص بتهمة "الارتباط بالمخابرات الإيرانية"، ومنحت 4 دبلوماسيين إيرانيين مهلة 48 ساعة لمغادرة أراضيها.

بحسب وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية "إرنا"، فقد أبلغت الخارجية الأذربيجانية السفير الإيراني عباس موسوي أن هؤلاء الموظفين الأربعة في السفارة الإيرانية قد تم اعتبارهم "أشخاصاً غير مرغوب فيهم" من قبل حكومة جمهورية أذربيجان، بسبب أنشطتهم المخالفة لمهامهم الدبلوماسية ومخالفتهم لاتفاقية عام 1961.

واتهامات باكو لطهران لم تقف عند هذا الحد، حيث ادعت أن الأشخاص الستة الذين اعتقلتهم كانوا ينوون القيام بانقلاب في جمهورية أذربيجان، إلا أنها لم تعطِ المزيد من التفاصيل بخصوص "الانقلاب".

ويصف البعض الصراع بين طهران وباكو الممتد منذ عقود بأنه يعكس المواجهة بين "التشيع القومي التركي" الذي تمثله جمهورية أذربيجان ذات الأغلبية الشيعية و"التشيع الأممي" الذي لا يعترف بأي قومية وتمثله إيران ذات الأغلبية الشيعية أيضاً.

يذكر أن منطقة شمال غربي إيران وأجزاء كبيرة من القوقاز قد شهدت منذ قرون صراعاً بين الأتراك الصفويين الشيعة الذين كانوا يحكمون إيران والأتراك السنة العثمانيين الذين كانوا يحكمون مساحات كبيرة من العالم السني انطلاقاً من إسطنبول، إلا أن ما يحدث بين طهران وباكو حالياً تجاوز الحدود الطائفية وانتقل إلى البيت الشيعي الواحد.

وبحسب الكاتب الإيراني مصطفى خلجي، تعد المواجهات والمنافسات وحتى العداوات داخل البيت الشيعي ظاهرة جديدة في العلاقات الدولية تعود في الأساس إلى انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وتشكيل دولة مستقلة باسم "جمهورية أذربيجان".

ومن المعلوم أن العلاقات بين الحكم في "جمهورية أذربيجان"، الذي يتسم بالعلمانية والقومية، و"الجمهورية الإسلامية الإيرانية" مرّت عبر محطات ساخنة اتسمت بالصراع في الأغلب والتقارب في بعض الأحيان.

يذكر أنه يمكن ملاحظة ظاهرة "التشيع القومي" في بلدان أخرى، وخاصة "التشيع العربي" في العراق ولبنان، إلا أن طهران الشيعية لا تختلف عن الجماعات السنية في رفض القومية والتمسك بـ"الأممية الإسلامية".

الأمر لم يقف عند الخلافات الفكرية بين "التشيع العلماني الآذري" و"التشيع المذهبي الإيراني"، بل قام أحد طرفي هذا الصراع بالتحالف مع إسرائيل، ورغم أن باكو تعلن بشكل نمطي بأن علاقاتها مع إسرائيل ليست موجهة ضد أطراف ثالثة، لكن محاولات الطمأنة هذه لم ولن تقنع طهران بتاتاً، خاصةً أن التعاون العسكري والأمني والاقتصادي بين جمهورية أذربيجان وإسرائيل أصبح إستراتيجياً. وترى إيران أن خصمها اللدود في المنطقة بدأ يتموضع على الضفة الأخرى من نهر أرس، الذي يمر عبر حدودها الشمالية الغربية.

وثمة قلق إضافي تعبّر عنه إيران بين الحين والآخر بلغة دبلوماسية تارة وبلغة التهديد العسكري تارة أخرى، وهو يتعلّق بمحاولة جمهورية أذربيجان "السيطرة على الشريط الحدودي بين إيران وأرمينيا" بحسب طهران، لأن ذلك قد يحرم إيران من التواصل البري بأوروبا عبر أرمينيا وروسيا من جهة ويقطع الاتصال بين إيران وحليفتها في القوقاز، أرمينيا.

وترفض إيران أيضاً أي دعاية قومية تركية أذرية من قبل باكو لدعم المد القومي لدى الأتراك الأذريين الإيرانيين الذين يشكلون ثاني أكبر قومية بعد الفرس في إيران. وتعتبر إيران أن المحاولات في هذا المجال تهدف إلى تفكك إيران وتعريض سلامة أراضيها إلى الخطر.

ورداً على القلق الإيراني، تتهم جمهورية أذربيجان جارتها الجنوبية بالسعي للانقلاب ضد الحكم الذي يقوده الرئيس إلهام علييف، وتشير بأصابع الاتهام إلى عناصر من مجموعة "حسنيون" كانوا قد درسوا في الحوزة الدينية بمدينة قم الإيرانية. وتركز وسائل الإعلام الأذربيجانية على ذلك بشكل متكرر، مما دفع وزارة خارجية إيران الأسبوع الماضي إلى استدعاء سفير أذربيجان في طهران وإبلاغه مذكرة احتجاج رداً على ما وصفته الخارجية الإيرانية بـ"التصرفات غير اللائقة والمهينة لبعض وسائل الإعلام في جمهورية أذربيجان". وردت باكو على طهران باستدعاء سفير إيران.

وبالتزامن اعتقلت أذربيجان 6 أشخاص قالت إنهم على صلة بمحاولة اغتيال النائب في برلمان جمهورية أذربيجان فاضل مصطفى، كما تم اتهامهم مؤخراً بالتجسس لصالح إيران، الأمر الذي رفضته طهران بشدة.

وبعد حرب ناغورنو كاراباخ الأخيرة، التي تمكنت فيها أذربيجان من استعادة أجزاء من أراضيها، تصاعدت التوترات في العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية أذربيجان بشكل غير مسبوق. ونرى يوما بعد يوم، فصولا من الصراع بين الجانبين، وآخرها إعلان جهاز المخابرات في جمهورية أذربيجان إلقاء القبض على أشخاص يشتبه في تورطهم في الاغتيال الفاشل لأحد أعضاء البرلمان والتجسس.

وفي الوقت الذي هناك ترقب لاحتمال اندلاع اشتباك عسكري نظراً للتهديدات المتبادلة، يؤكد البلدان من خلال تصريحاتهما الرسمية أنهما يدعمان تحسين العلاقات بالطرق الدبلوماسية.

وتاريخياً، كانت جمهورية أذربيجان جزءا من أراضي إيران عندما كانت تحكمها السلالة القاجارية التركية الأذرية، وانفصلت عنها، ومعها أرمينيا وجورجيا، وفقاً لاتفاقيتين بين إيران القاجارية وروسيا القيصرية، وذلك بعد حروب بين الجانبين انتهت لصالح موسكو. الاتفاق الأول يطلق عليه اسم "غُلستان" وتم توقيعه في 24 أكتوبر 1813، والثاني "تركمن تشاي" موقع في 21 فبراير 1828.

ومنذ إعلان استقلال جمهورية أذربيجان في أغسطس 1991 بعيد انهيار الاتحاد السوفيتي، لم تكن العلاقات بين باكو وطهران عدائية دائماً، إلا أنهما لم تكونا صديقتين مقربتين.

يذكر أنه بعد أشهر قليلة من استقلال أذربيجان، زار وزير خارجية إيران الأسبق علي أكبر ولايتي باكو في ديسمبر 1991 ووقّع العديد من اتفاقيات التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي وتعهّد بدعم انضمام أذربيجان إلى منظمة التعاون الإسلامي. لكن منذ صيف عام 1992، عندما فاز أبو الفضل إيلجي بيك في الانتخابات الرئاسية لأذربيجان، تدهورت العلاقات بين طهران وباكو بسرعة، حيث كان إيلجي بيك، كأول رئيس غير شيوعي لأذربيجان، شخصية ذات نزعة قومية علمانية تركية، كما كان قريباً من أنقرة.

أخيراً، قال السفير الإيراني في باكو، عباس موسوي، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بخصوص سياسة بلاده تجاه مجريات الأحداث بين البلدين إن "العقلانية المقترنة بالقوة وشرح الخطوط الحمراء بالنسبة لمصالح إيران وأمنها القومي في المنطقة إلى جانب الصبر الإستراتيجي والنشاط غير المثير للجدل" هي السياسة التي يتم تنفيذها في هذا الوقت رغم كل الهواجس.