رفتن به محتوای اصلی

ملالي إيران يسيرون نحو الهاوية.. بثقة

قاذفات أمريكية
AvaToday caption
تظل الأسلحة الإيرانية، المعلن عنها، محل شك من قبل الخبراء العسكريين، سواء من ناحية فاعليتها، أو حقيقة وجودها
posted onJune 17, 2019
noدیدگاه

علي قاسم

حرب أو لا حرب؟ السؤال الأكثر إلحاحا في الأزمة بين إيران والولايات المتحدة.

واشنطن حسمت أمرها، ونسور البيت الأبيض اتخذوا قرارهم. خيار المواجهة يعلو صوت الدبلوماسية. ونقطة الصفر باتت وقفا على أول خطأ يرتكبه حكام طهران، الذين ينساقون إلى الكارثة بعيون مغمضة.

الاحتكام إلى العقل أبعد ما يكون عن الملالي الذين ملأهم الغرور، ولم يعد للهزيمة مكان بين حساباتهم.

هناك أصوات عاقلة كثيرة، تعلم أن أي مغامرة عسكرية لن تكون عواقبها محمودة، ولكنها أصوات لا تتجاسر على تقديم النصيحة، لحكام يتلذذون في الغرق بالوهم.

الغرور ليس نقطة الضعف الوحيدة لحكام طهران، هناك عامل آخر أشار إليه تقرير استخباراتي أميركي صادر عن مركز )ستراتفور(، هو عدم وجود اتصال مباشر بين واشنطن وطهران.

 أعتبر التقرير أن "عدم وجود خطوط ساخنة وفعالة لتهدئة الاستفزازات سيؤدي إلى رفع مستوى عدم الثقة وسوء فهم نوايا العدو".

وأشار إلى تصريحات لوزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، أكد فيها أنه لم يتحدث بشكل مباشر مع وزير خارجية الولايات المتحدة، ولا يشعر أنه مضطر للرد على أي من اتصالاته.

لا يقتصر الأمر على حالة الإنكار، التي يفضل المسؤولون الأميركيون العيش فيها، بل يطلقون الأكاذيب، ليتعاملوا معها لاحقا على أنها حقائق.

الإعلان المستمر عن أسلحة تبتكرها طهران، ليس مجرد بروباغاندا يراد بها تضليل العالم، كما أوردت تقارير صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية مؤخرا.

المسؤولون في إيران، هم أنفسهم، ضحية أكاذيب يحاول من خلالها خبراء وإداريون خداع الملالي حفاظا على امتيازاتهم، وتقربا من رجال الدين، الذين يطلبون منهم أن يعدوا لأعدائهم ما استطاعوا من قوة يرهبونهم بها، ولو كان ذلك على الورق، والاستعانة ببرامج مثل فوتوشوب.

لطهران ماض كبير في التضليل الداخلي والخارجي، واستعراض ما يطلقون عليه "الأمن المستدام والإرادة الجهادية"، من خلال مناورات عسكرية، وتجارب صاروخية يجريها الحرس الثوري، دوريا، في مياه الخليج ومضيق هرمز.

هوس الملالي بالبروباغندا بدأ عام 1980، وكانت دوافعه هي نفس دوافع البروباغاندا اليوم، كسب ثقة الإيرانيين في ظل الحصار الاقتصادي المفروض، والنتائج التي ترتبت على خوض حرب مدمرة مع العراق.

وتظل الأسلحة الإيرانية، المعلن عنها، محل شك من قبل الخبراء العسكريين، سواء من ناحية فاعليتها، أو حقيقة وجودها.

وكانت النكات قد أثيرت حول "طائرة شبح" لا ترصدها الرادارات، لأن الطائرة لا تطير أصلا.

ووقعت وسائل إعلام عالمية، مثل نيويورك تايمز بالفخ، بنشرها صورا لإطلاق صواريخ إيرانية من طراز (شهاب 3)، تبين لاحقا أنها صور معدلة بالفوتوشوب.

بعيدا عن الأكاذيب وحملات التضليل، استثمرت طهران، فعليا، في تطوير قدراتها الدفاعية، وزيادة مخزونها من الألغام البحرية، وعدد قوارب الهجوم السريعة، أملا في ضرب أهداف استراتيجية في المنطقة.

ويشكك الخبراء بقوة إيران الدفاعية، فهي حسب رأيهم لا تعوض ضعفها النسبي، ويمكن للقوات الأميركية أن تشلها قبل أن تتحرك من قواعدها. وكلما تأخرت طهران في استعمالها، كلما تزايدت احتمالات القضاء عليها.

رغم ذلك، لا تبدو إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على عجلة من أمرها في حسم قرار الحرب، طالما أن الحصار الاقتصادي يفعل فعله.

فاليوم، بات الإيرانيون يتساءلون "ماذا سيحل بهذا البلد إن لم يعد بمقدوره بيع النفط على الإطلاق".

خلال عام واحد انخفضت قيمة الريال الإيراني أمام الدولار بنسبة 57 بالمئة، ليتجاوز التضخم نسبة 51 بالمئة مقارنة بـ8 بالمئة قبل عام. ويؤثر التضخم على المواد الغذائية، خصوصا، والتي شهدت ارتفاعا بنسبة 70 بالمئة منذ 21 مارس 2018. ويتوقع أن تشهد زيادة أخرى بنسبة 20 بالمئة حتى شهر يوليو 2019.

وبات من الصعب العثور على اللحوم الحمراء، وغاب الفستق عن طاولات الأفراح، ليصبح ترفا غير متاح إلا لقلة.

ويأمل ترامب في دفع إيران نحو "انتهاك التزاماتها النووية"، ليصرخ في وجه العالم: ألم أقل لكم إن إيران تشكل تهديدا.

العد العكسي لخطة ترامب بدأ، حيث أعلن الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة النووية أن احتياطات اليورانيوم المخصب لدى إيران ستتجاوز، خلال عشرة أيام، الحدود التي ينص عليها الاتفاق الموقع عام 2015.

وهدد رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" للحوثيين، المدعومين من الملالي، بقصف مواقع النفط في دول ما يسميها الحوثيون "العدوان"، معتبرا مواقع النفط والسفن المحملة بالنفط في البحر الأحمر وبحر العرب “أهدافا مشروعة” لقواتهم الصاروخية وطائراتهم المسيرة.

يبدو أن ترامب قد وفق في مسعاه، وأن الحبل الذي أهداه للإيرانيين سيلتف حول رقابهم. ولم يعد من شك أن ملالي طهران يسيرون نحو الهاوية.. بثقة.

كاتب سوري مقيم في تونس