رفتن به محتوای اصلی

إيران تتبع مرجعية منتهية الصلاحية

مواطنون تحت جدارية ثورية في إيران
AvaToday caption
كان الخميني يستثمر في كل العوامل التي تساعده على تمرير أيديولوجيته. استغل حماس الشباب واندفاعهم، ولم يهتم لاستقرار أمن بلاده.
posted onJune 2, 2019
noدیدگاه

بعد مضي أربعين سنة على ذكرى اندلاع الثورة الخمينية، تقع طهران بين فكي التحالف الدولي المجابه للتهديدات الإيرانية الموسومة بتجاوزات تهدد أمن المنطقة، ما يزيد من عزلة إيران ويدفع شعبها إلى التساؤل، وهو يقف على ضريح آية الله الخميني في ذكرى وفاته الثلاثين، إلى أي مدى سيبقى يدفع ثمن سياسة أثبتت فشلها وانتهت صلاحيتها.

وعقب غرق إيران في محيط الضغوط الأميركية قبل سنة وفرض عقوبات اقتصادية عليها، زاد كم معانات شعبها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ما ضيّق الخناق على النظام، ووصل الأمر أن سقطت عنه الهالة والقدسية التي كانت تحيط به بعد أن باتت شعارات يسقط النظام والموت للدكتاتور تتصدر احتجاجات الإيرانيين ضد الوضع المتردي في البلاد وانتشار الفقر والبطالة.

فقد رموز النظام الكثير من حظوتهم، منذ أن قال المحتجون “مرگ بر خامنئي” (الموت لخامنئي). ولم تعد صورة الخميني المنتشرة في كل شوارع البلاد وفي كل الأماكن العامة، وفي قاعات الفنادق وملاعب كرة القدم والمستشفيات، وعلى الأوراق النقدية، تثير ذات الشغف الذي كانت تثيره قبل سنوات.

لا يزال آية الله الخميني مرجعا رئيسيا في إيران حيث تسترشد المؤسسات التي ساهم في إنشائها بإرثه الفقهي والسياسي، لكنه لم يعد يجذب الشباب الذي يمثل أكثر من 60 بالمئة من المجتمع والذي لا يجد حافزا في الشعارات المعادية لأميركا وفي السياسات التي تمنعه من العيش كغيره من شباب العالم، وتجعل بلاده معزولة عن محيطها الإقليمي وعن العالم الذي يعاملها كدولة مارقة.

كان الخميني وراء تكريس نظرية "ولاية الفقيه" التي تقوم على أن يتولى الحكم عالم فقيه يتم اختياره بفضل تقواه وحكمته لقيادة مؤسسات الدولة ورعاياها. ويعتبر هذا المبدأ الحجر الأساس لبناء النظام السياسي الإيراني ذي المؤسسات المنتخبة، بهدف إغداق شرعية دينية وشعبية على الجمهورية الإسلامية.

نجحت الإطاحة بنظام الشاه بفضل تحالف قوى غير متجانسة جمعت بين العلماء الشيعة وأنصار الخميني والقوميين العلمانيين والقوى اليسارية والماركسيين. لكن الخميني اتخذ موقفا حازما في الدفاع عن الثورة الإسلامية ضد كل تلك القوى الأخرى وكذلك أنصار الشاه.

وقال في 17 أغسطس 1979 في خطاب دعا فيه إلى عدم التسامح مع "أعداء" الثورة، "لو أننا حطمنا أقلام الصحافة الفاسدة وأغلقنا جميع منشورات المؤامرة والفساد وقدمنا المسؤولين عنها إلى العدالة ونصبنا المشانق في الساحات العامة… لما واجهنا الصعوبات التي نراها اليوم".

وقال فرانسوا نيكولو، سفير فرنسا السابق في إيران، "الخميني يمثل من وجهة نظري الأسلوب البراغماتي من أجل الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها، واعتماد سياسة لا هوادة فيها ضد كل أعداء الثورة الإسلامية، سواء من أنصار النظام القديم أو اليسار واليسار المتطرف".

وتأكيدا على براغماتية الخميني، أضاف نيكولو "كرّس ولاية الفقيه، وقبل بتشكيل مؤسسات منتخبة"، وخلال الحرب العراقية الإيرانية "أراد أن يمضي إلى النهاية ضد صدام حسين لكنه قبل بسلام أبيض لا غالب فيه ولا مغلوب”، دليلاً على تلك “البراغماتية".

وقال كليمان تيرمي، الباحث في شؤون إيران في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن "الدور المؤثر للخميني ينسحب على النقاش السياسي الراهن" في إيران، خاصة في التعامل مع التصعيد الأخير من الولايات المتحدة، حيث تناور إيران مرة بالتصعيد ومرة بالإيحاء بالاستعداد للتفاوض من جديد.

كان الخميني يستثمر في كل العوامل التي تساعده على تمرير أيديولوجيته. استغل حماس الشباب واندفاعهم، ولم يهتم لاستقرار أمن بلاده.

وتوجّه بخطبه إلى "المستضعفين"، وبنى صورة الجمهورية الإسلامية على فكرة الولايات المتحدة "الشيطان الأكبر". وتأثرا بذلك الخطاب، في نوفمبر عام 1979، قام طلاب متشددون من أتباع الخميني، باقتحام سفارة الولايات المتحدة واحتلالها، حيث احتجزوا 52 دبلوماسيا ومواطنا أميركيا رهائن على مدى 444 يوما. ولم تتعاف العلاقات مع واشنطن قط منذ ذلك الوقت.

في 1989، وبعدما أضعفته إصابته بسرطان البروستات، أكد الخميني عزمه على "عدم السماح لليبراليين بالاستيلاء على السلطة"، فانفصل عن المعتدل آية الله منتظري الذي كان يعتبر خلفا له، وفتح المجال ليخلفه علي خامئني الذي سار على نفس النهج وبتشدد أكبر خاصة بعد أن قوّى عضد الحرس الثوري، لتجد إيران نفسها بعد أربعين سنة من إعلان الجمهورية الإسلامية على عتبة جمهورية أخرى أشد قمعا وشراسة، وهي "جمهورية الحرس الثوري" خاصة إذا لم يجهز خامئني، الذي أصيب أيضا بسرطان البروستات، الأرضية لخليفته كما فعل الخميني معه.