رفتن به محتوای اصلی

الألغام الأرضية تحصد أطفال الكورد شرق تركيا

لغم أرضي
AvaToday caption
قطعت الحكومة دعم الأطباء العاملين في هذه المبادرة منذ حوالي ثلاث سنوات. ثم ارتفعت أسعار الأطراف الاصطناعية مع ارتفاع معدلات التضخم
posted onApril 10, 2021
noدیدگاه

نورجان بايسال

"لابد أنه من الجيد أن تكون قادرا على ارتداء قميص".

هذا ما قاله طفل التقيت به العام الماضي، وقد أصيب بالشلل جراء انفجار لغم أرضي في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكوردية.

تحاكي قصة هذا الصبي، الذي سأسميه حسن، قصة مئات الأطفال في المنطقة، الذين اخترقت الشظايا أجسادهم بسبب وجود حوالي 400 ألف لغم أرضي زُرعت في المنطقة في التسعينيات، في ذروة الصراع بين قوات الأمن التركية والمسلحين الكورد.

يتوجه الأطفال في المنطقة حول ما يعتقدون أنه لعبة عندما يرعون الحيوانات أو يلعبون مع أصدقائهم أو في طريقهم إلى المدرسة. ثم يُسمع انفجار مروع.

وصلت الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في تركيا إلى مستوى حرج. حيث تفيد التقارير أن هناك حوالي مليون لغم أرضي في البلاد. وهناك ثلاثة ملايين أخرى في المخازن وبحاجة للتدمير. كما لا توجد هذه الألغام على طول حدود الدولة فقط، بل تمتد إلى داخل تركيا أيضا.

وفي التسعينيات، كانت الألغام الأرضية تُزرع في كثير من الأحيان حول مراكز الشرطة والقرى التي جرى إخلاؤها. لا يعرف أحد أين هي اليوم. أصدر المسؤولون بيانا في 2004 قالوا فيه إن خريطة الألغام الأرضية في تركيا قد ضاعت. وتشير الملاحظات التي أدلى بها رئيس أركان سابق معين إلى أن تركيا لم تمتلك يوما خريطة كاملة.

وقعت تركيا على اتفاقية أوتاوا، والمعروفة أيضا باسم اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدميرها، في 2003. وكان على تركيا التخلص من جميع الألغام الموجودة في مخزونها قبل سنة 2008 وتنظيف كل تلك الألغام المزروعة بحلول سنة 2014. وفشلت في تحمل هذه المسؤولية وطلبت 10 سنوات أخرى. وبدلا من ذلك، منحتها الأمم المتحدة تركيا ثماني سنوات إضافية. وأصبح أمام البلاد حتى سنة 2022 للتخلص من جميع ألغامها. ويبدو تحقيق هذا الهدف مستحيلا.

لكن، كانت هناك بعض التطورات الإيجابية. ففي 2015، أسست تركيا المركز التركي للأعمال المتعلقة بالألغام تحت رعاية وزارة الدفاع. وبدأ العمل على إزالة الألغام الأرضية فور إنشائه. وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أعلنت إطلاق مشروع جديد لتخليص حدودها الشرقية من هذا الخطر.

انطلقت إزالة الألغام الأرضية، بداية من الحدود الشرقية. وأستطيع القول بأن هذا كان من بين أكثر المشاريع قيمة من بين كل تلك التي كانت تنفّذ بتمويل من الاتحاد الأوروبي مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لأن المبادرة تنقذ الأرواح. يعني أن كل لغم يُزال هو إنقاذ طفل أو لاجئ يتطلع إلى عبور الحدود أو أي شخص قد يكون قد تأثر به. على هذا النحو، يبقى المشروع ذا قيمة كبيرة.

لنعد إلى ضحايا الألغام الأرضية.

تمكن الكثيرون من الحصول على بعض المساعدة بعد تغيير قوانين مؤسسة الضمان الاجتماعي في تركيا في 2012، وأصبح لهم أطراف اصطناعية وتمكنوا من متابعة العلاج الطبي. كما سافرت الفرق الطبية إلى أبعد المواقع في البلاد، جالبة معها الأطراف الاصطناعية لأولئك الذين فقدوا أطرافهم أو أعينهم في الانفجارات، فقد كان تواصل المسؤولين معهم للحصول على المساعدة أمرا مهما.

ومع ذلك،  قطعت الحكومة دعم الأطباء العاملين في هذه المبادرة منذ حوالي ثلاث سنوات. ثم ارتفعت أسعار الأطراف الاصطناعية مع ارتفاع معدلات التضخم.

وفي النهاية، شهدنا التخلي عن ضحايا الألغام الأرضية في المنطقة الذين أصبح من الصعب عليهم شراء أطراف صناعية بأنفسهم. حيث كانت المساعدة المقدمة من مؤسسة الضمان الاجتماعي تمثل ثلث تكلفة الأطراف الصناعية، وهو ما يعتبر مهمّا، وخاصة للأطفال الذين يبقون في حاجة دائمة إلى أطراف جديدة بسبب نموهم المتواصل.

جاء أحدهم لمساعدة حسن. وله  الآن ذراعان ويمكنه ارتداء القمصان. ولكن ماذا عن جميع الأطفال الآخرين الذين لا يمكننا الوصول إليهم؟ ماذا سيحدث لهم؟

احتفلنا للتو باليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام في 4 أبريل. ولكن، لم توجد خطط للاحتفال بهذه المناسبة لدى المؤسسات العامة في تركيا أو المجتمع المدني.

يلعب الأطفال في الحقول في شرق البلاد، بالقرب من الألغام الأرضية. ونحن بعيدون كل البعد عن حمايتهم.