رفتن به محتوای اصلی

ضغوطات كثيرة على عبدالمهدي لأختيار وزير مقرب من طهران

هادي العامري و مقتدى الصدر
AvaToday caption
الصدر قال "قرارنا عراقي، جيراننا أصدقاؤنا لا أسيادنا"
posted onDecember 3, 2018
noدیدگاه

ضغوطات إيرانية على تشيكلة الباقية لحكومة رئيس الوزراء العراق عادل عبدالمهدي تصل لذورتها، ومعارضيها يطالبون بأستقلالية أكثر للحكومة الحالية بحيث مزاد دولي وإقليمي على ترشيحات الحكومة العراقية وصلت لبعض الدول تتنافس لفرض مرشحيها، إلا أن تغريدة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر جاءت لتوقف هذا المزاد ولو مؤقتاً.

نظراً للأهمية البالغة لمنصبي وزارتي الداخلية والدفاع في العراق، فإن الدول صاحبة النفوذ في البلاد، سواء دول كبرى أو إقليمية تحاول فرض شخصيات على عبدالمهدي، لهذين المنصبين.

وذلك بالإضافة إلى الصراعات الداخلية بين الطوائف والكتل السياسية حول ترشيحات الحكومة العراقية. وبعد أن كاد المتنافسون يتفقون على اسم المرشح لمنصب وزارة الداخلية تحديداً، جاءت تغريدة لمقتدى الصدر الداعم الرئيسي لتكتل «سائرون» أكبر كتلة انتخابية بالبرلمان لتعيد خلط أوراق ترشيحات الحكومة العراقية.

قال مقتدى الصدر، زعيم و راعي تحالف (سائرون) أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب العراقي "قرارنا عراقي، جيراننا أصدقاؤنا لا أسيادنا". هذه التغريدة التي نشرها الصدر أصبحت بمثابة شعار لتياره، واعتبرت رسالة ضمنية لإيران على وجه الخصوص باعتبارها أكثر الدول تأثيراً في الشأن العراقي، بعدم الضغط على البرلمان في ترشيحات الحكومة العراقية وخاصة اختيار مرشحي وزارتي الداخلية والدفاع.

كما عبر الصدر بهذه التغريدة تحديداً عن رفضه لاختيار الرئيس السابق لهيئة الحشد الشعبي فالح الفياض لمنصب وزير الداخلية، رغم اتفاق معظم الكتل السياسية عليه كمرشح. وفي وقت ذاتهِ وصل عدد المرشحين لوزارة الدفاع وصل لـ30 مرشحاً،  إلا أن بعضاً فقط منهم يتمتع بدعم دولي يؤهله لتولي المنصب، حسبما يقول قيادي في تحالف الإصلاح والإعمار لـ «هافينغتون بوست».

 ويضيف القيادي، الذي رفض ذكر اسمه، أن «الرئيس السابق لمجلس النواب سليم الجبوري والنائب الحالي أحمد عبدالله الجبوري، كل منهما يتمتع بدعم وتأييد إيران وقطر لتولي حقيبة وزارة الدفاع».

إلا أن المملكة العربية السعودية لها موقف مختلف، حسب هذا القيادي. إذ تدعم الفريق الركن فيصل الجربا لوزارة الدفاع، مرشح رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي لهذا المنصب. إلا أن تيارات مقربة من إيران تقول إن الجربا مرشح غير مناسب لأنه كان ضابطاً في زمن نظام صدام حسين.

أما منصب وزارة الداخلية فإن فالح الفياض لا يزال هو المرشح الوحيد لوزارة الداخلية، ويحظى بدعم وتأييد إيران والكتل السياسية السنية والشيعية والكردية لتولي المنصب، حسب هذا القيادي. كما حصل الفياض على دعم دولي يؤهله للمنصب، إضافة إلى التأييد الداخلي والإيراني.

ولكن هذا الدعم لم يؤهله تلقائياً للمنصب بسبب اعتراض الكتلة الأكبر في البرلمان وهو ائتلاف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

ومن جهة أخرى البرلمان العراقي لا يستطيع تجاوز «سائرون» والتصويت على مرشحي الوزارات الشاغرة من دون توافق سياسي، حسبما يقول النائب محمد الخالدي رئيس كتلة بيارق الخير النيابية، وكشف ائتلاف سائرون المدعوم من الصدر، عن السبب الحقيقي لرفضه ترشيح رئيس السابق الهيئة الحشد الشعبي فالح الفياض لوزارة الداخلية.

فبالإضافة إلى تأكيد التيار الصدري أن عدم قبوله لفالح نابع من رفضه للسماح للدول الإقليمية بالتدخل في ترشيحات الحكومة العراقية، فإن هناك سبباً آخر. إذ يقول بدر الزيادي النائب عن «سائرون» إن "رفض الصدر وسائرون للفياض ليس رفضاً شخصياً".

 وأضاف قائلاً "إنما كان هناك اتفاق قبل تشكيل الحكومة بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري (الذي يقود ائتلاف الفتح، ثاني كتلة في البرلمان ومقرب من إيران)، على أن تُمنح وزارتا الداخلية والدفاع لشخصيات كفؤة ومستقلة من القيادات الأمنية في تلك الوزارات.

ويضيف الزيادي أنه «بعدما تم منح الثقة لرئيس الوزراء في مجلس النواب والتصويت على 14 وزيراً في الفترة السابقة، خالف إئتلاف «الفتح» برئاسة العامري الاتفاق السابق ولم يلتزم به»، حسب قوله.

وطالب القيادي الصدري رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بأن يكون اختيار الوزيرين من القادة الميدانين الذين شاركوا في تحرير المدن العراقية التي كانت محتلة من التنظيمات الإرهابية.

رئيس الوزراء المكلف عادل عبدالمهدي يخشى انفراط عقد التحالف الذي يضم ائتلافي «سائرون» و»الفتح»، حسبما يقول محمد شياع السوداني، الوزير السابق والقيادي في إئتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. ويقول السوداني "إن عبدالمهدي لا يريد الدخول في مواجهة مبكرة مع الائتلافين وما يمثلانه من ثقل شعبي وبرلماني".

 وتابع قائلاً إن «عادل عبدالمهدي سياسي محنك معروف عنه حكمته وهدوؤه وقدرته على استيعاب الآخرين، ولذا أعطى وقتاً كافياً للمشاورات بين الأطراف السياسية للاتفاق على اختيار مرشحي الوزارات الشاغرة».

واستدرك قائلاً «ولكن لا بد أن يحسم عبدالمهدي الأمور في الفترة المقبلة كونه المسؤول التنفيذي الأول بالبلاد». وأضاف السوداني «فعندما نتكلم عن إصلاح دولة واستحقاقات مهمة فمن الطبيعي أن تكون هناك معارضة ورفض سياسي».

وأبلغ قيادي في الهيئة السياسية للتيار الصدري، رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بضرورة عدم إرسال السيرة الذاتية للمرشحين إلى مجلس النواب إذا لم يتم اختيار شخصيات كفؤة ومستقلة للوزارات الأمنية.

ويقول مصدر في التيار الصدري ،إن «تدخل الدول المجاورة في الشأن العراقي قد تجاوز الخط الأحمر». وأضاف «لن نسمح لهم بفرض شخصيات لوزارتي الداخلية والدفاع».

التيار الصدري لم يكتف بتغريدات زعيمه وتصريحات قياديه، بل لوح أيضاً بتحريك الشارع. إذ إن «شخصيات في الهيئة السياسية للتيار الصدري أبلغت رئيس الوزراء بأنه ستكون هناك تظاهرات مليونية في العاصمة بغداد، تعبر عن رفضها التدخلات الخارجية في الشأن العراقي. وقالت هذه الشخصيات لعادل عبدالمهدي إنه سيتم تحريك هذه المظاهرات في حال لم اختيار شخصيات كفؤة ومستقلة للوزارات الأمنية، تنفيذاً للاتفاق المشار إليه».

ولا يقتصر رفض الترشيحات الحالية على تيار الصدر فقط، بل تيار الحكمة الذي يقوده عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ونجل الزعيم الشيعي الراحل عبدالعزيز الحكيم يتخذ موقفاً مشابهاً.

وقال علي البديري النائب عن تيار الحكمة المقرب من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، إن المرشحين المذكورة أسماؤهم غير مؤهلين لتولي الوزارات الأمنية، ومجلس النواب لن يصوت على هذه الأسماء في جلسته المقبلة.

وذكر أن رئيس الوزراء أبلغ رئيس الجمهورية برهم صالح تعرضه لضغوط سياسية ونيته لتقديم استقالته من رئاسة الوزراء، في حال أصرت الكتل السياسية في تمسكها بالمرشحين والمناصب الوزارية.

وقال البديري إن «هناك مقترحاً قبل أعضاء مجلس النواب يتضمن اختيار مرشحي وزارتي الداخلية والدفاع بنفس آلية اختيار رئيس الجمهورية، بحيث يرشح أكثر من شخص لهذا المنصب، ويتم اختيار والتصويت على المرشح في مجلس النواب». ورأى أن هذه آلية ستبعد تأثير التدخلات الخارجية في اختيار الوزراء.

وظهرت في الأجواء ترشيحات أخرى تتسم بطابع غير سياسي. فقد أعلن تكتل المحور الوطني عن ترشيح القادة الذين حرروا مدينة الموصل من تنظيم داعش الإرهابي لمنصب وزير الدفاع.

وأبرز هؤلاء قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبدالغني الأسدي، والفريق الركن عبدالوهاب الساعدي والفريق الركن طالب شغاتي.

لكن الأمر ليس بهذه البساطة، ويبدو أن هناك توجهاً بضرورة الاتفاق قبل رفع أسماء المرشحين لمجلس النواب. إذ يقول النائب محمد الخالدي رئيس كتلة بيارق الخير النيابية إن السيرة الذاتية للمرشحين لن تصل للبرلمان، إلا باتفاق سياسي.

ويعتبر الخالدي أن «الصراع السياسي في البلاد ناجم عن مصالح الأحزاب والكتل السياسية على الغنائم في الوزارات». وأضاف «أن الكتل نفسها داخل التحالفات السنية والشيعية تتصارع على المناصب، والكثير من المرشحين غير أكفاء ولديهم تجارب سابقة فاشلة».

وأضاف «بعض من المرشحين يحظون بدعم خارجي من أجل تولي المنصب وخدمة أجندات بعض الدول السياسية».

فمن يحسم الصراع حول ترشيحات منصبي وزارتي الداخلية والدفاع في العراق، دول الجوار أم العراقيون، المحاصصة الطائفية والسياسية أم الكفاءة والنزاهة؟.