بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

ظريف والحرب على جبهتين

ظريف
AvaToday caption
حرس الثورة المهيمن على المؤسسة العسكرية يعتبر أن "ظريف" يشكل "الخطر الكامن" والمنافس الأساس له في المرحلة المقبلة في صراع الوصول إلى رئاسة السلطة التنفيذية ورئاسة الجمهورية
posted onAugust 1, 2019
noبۆچوون

حسن فحص

 قد لا تكون مسألة النيل من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وإدارته الدبلوماسية والدور الذي لعبته هذه الوزارة في التوصل إلى الاتفاق النووي الموقع مع دول مجموعة 5+1 في يوليو (تموز) 2015 في المسلسل التلفزيوني "كاندو" الذي تعرضه مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.

 قد لا تكون هذه المسألة بعيدة من مسار الاستهداف الذي يتعرض له ظريف ومحاولة "تسقيطه" وتشويه صورته وتحميله مسؤولية النتائج التي تمخض عنها الاتفاق النووي، وتبعاً العقوبات الاقتصادية والحصار الذي عادت واشنطن لتفرضه على إيران بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي.

إظهار ظريف وإدارته الدبلوماسية بمظهر المتواطئ والضعيف والمتهاون بالمصالح الإيرانية القومية والاستراتيجية والتفريط بالحقوق القومية في المسلسل التلفزيوني، الذي تتمحور قصته حول قضية اعتقال الأجهزة الأمنية التابعة لحرس الثورة العميل الأميركي من أصل إيراني جیسون رضاییان.

إذ إن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الجديد رجل الدين المتشدد والمقرب من المرشد الأعلى مجتبى ذو النوري، وفي حفل تكريم الفريق القائم على إنتاج وتمثيل المسلسل، وجه الكثير من الاتهامات التي تصل حد التخوين لظريف.

منها اتهامه بالكشف عن أسرار استراتيجية تتعلق بالبرنامج الصاروخي والحديث عن تفشي الفساد في الحكومة والنظام، وأن هذا الفساد سيؤدي إلى انتفاضات شعبية ضد النظام ما شجع الإدارة الأميركية على فرض عقوبات اقتصادية.

وصولاً لاعتبار عملية إطلاق سراح جيسون رضاييان أنها كانت نتيجة التأثير الأميركي في الدبلوماسية التي يقودها ظريف وأنها جرت مقابل فدية مالية بقية 1.7 مليار دولار.

وعلى الرغم من التفاصيل التي رافقت هذه الاتهامات والردود التي صدرت عن الخارجية الإيرانية حول ما جاء في كلام ذو النور.

إلا أن السياق الذي جاءت فيه لا يمكن فصله عما حدث قبل خمسة أشهر والتداعيات التي رافقت الزيارة السرية التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران والتي استبعد عن مجرياتها ظريف بشكل كامل، ما أدى إلى اعتراضه الشديد الذي ترافق مع إعلان استقالته من منصبه.

ولم تنته الأزمة إلا بعد تدخل المرشد الذي "طيّب خاطره" وطالبه عبر مدير مكتبه بالعودة عن الاستقالة التي سبق أن رفضها الرئيس حسن روحاني.

ظريف وأمام ما تعرض له من تشويه لدوره ودور إدارته الدبلوماسية في المسلسل التلفزيوني، الذي أشرفت على كتابة نصه الدوائر الاستخباراتية للنظام، لم يجد وسيلة للدفاع عن نفسه ودوره سوى اللجوء إلى المرشد الأعلى الذي يشرف مباشرة على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وعلى الأجهزة الأمنية.

معتبراً أن الترويج لمثل هذه الاتهامات لدور وزارة الخارجية تفرض عليه التخلي عن منصبه في حال كان موقف النظام ورأسه يتوافق مع الرؤية التي قدمها المسلسل الاستخباراتي، وأن من واجبه السياسي والشرعي والديني الاستقالة.

ومن غير الصعب أو المستصعب على أي متابع أن يربط بكل سهولة بين أزمة زيارة الأسد إلى طهران وأزمة الاتهامات الجديدة لظريف وفريقه المفاوض، والجهة التي تقف وراءها والأهداف غير المعلنة التي تريد الوصول لها من وراء هذا الاستهداف لدور ظريف وإدارته.

خصوصاً أن زيارة الأسد جاءت بناء على تنسيق قام به منفرداً قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني بعيداً من روحاني وظريف، ما شكل مؤشراً واضحاً على وجود صراع محتدم بين الجناح السياسي في النظام مع الجناح العسكري والأمني، وأن الإنجازات السياسية والاقتصادية التي تحققها الحكومة على الصعيدين الداخلي والخارجي تشكل تحدياً كبيراً وأساسياً لسلطة وهيمنة الجناح العسكري الذي تأتي مؤسسة حرس الثورة في مقدّمه، وما يعنيه ذلك من احتمالات تصاعد وتيرة التنافس على مستقبل الجهة التي تطمح للسيطرة على قيادة النظام ما بعد انتهاء رئاسة حسن روحاني بعد عامين.

فحرس الثورة المهيمن على المؤسسة العسكرية يعتبر أن "ظريف" يشكل "الخطر الكامن" والمنافس الأساس له في المرحلة المقبلة في صراع الوصول إلى رئاسة السلطة التنفيذية ورئاسة الجمهورية، وإن كان ظريف يستبعد الدخول في هذا السباق حالياً.

من هنا، فإن الجناح المتشدد والمعارض للاتفاق النووي وأي عملية تفاوضية بين إيران والولايات المتحدة في الأزمة الحالية لم يتردد في تأنيب رئيس الجمهورية ووزير خارجية عند الحديث عن الإنجاز الدبلوماسي الذي تحقق في التوقيع على الاتفاق النووي.

وأعاد الفضل بشكل صريح إلى الأعمال العسكرية والمعارك التي خاضها ويخوضها في المنطقة من العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وصولاً إلى اليمن، وأن التوقيع الأميركي على الاتفاق جرى تحت تأثير قوة "الردع الصاروخية" الإيرانية والمعارك التي أعادت تشكيل المنطقة وسمحت لعدد من المسؤولين التحدث عن السيطرة الإيرانية على "أربع" عواصم عربية.

وأن أي إنجاز قد يتحقق في الأزمة الحالية مع الولايات المتحدة لن يكون نتيجة الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها فريق روحاني وظريف، بل بفضل الأعمال العسكرية التي تقوم بها قوات حرس الثورة التي استطاعت إسقاط طائرة التجسس الأميركية المسيرة واحتجاز ناقلة النفط البريطانية، وأن الدبلوماسية التي قادها ظريف لم تفلح في الحد من التهديد الأميركي ولم تمنع الحكومة البريطانية من احتجاز الناقلة الإيرانية في مضيق جبل طارق.

العودة إلى استهداف دور الخارجية الإيرانية في التعامل مع أزمات إيران مع المجتمع الدولي لا تقف عند ظريف، بل تتعداه إلى الرئيس روحاني.

وقد يكون الهدف المباشر منه قطع الطريق على أي استثمارات محتملة قد تراود التيار المعتدل بالعودة إلى رئاسة الجمهورية بعد سنتين، وأن المعركة مع ظريف قد تكون معركة استباقية في هذا الإطار، خصوصاً إذا ما استطاع قيادة إيران للخروج من تداعيات الأزمة القائمة والتوصل إلى تفاهمات واتفاقيات جديدة تحفظ لإيران الحد الأدنى مما حققته إقليمياً ودولياً.

بالتالي فإن هذه المعركة تؤسس لإمكانية أن تكون المؤسسة العسكرية وتحديداً الحرس الثوري هو المقرر في شخصية الرئيس المقبل، وصولاً إلى المرشد المحتمل في حال فراغ هذا المنصب.