بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

حلول غير واقعية في السياسة الأميركية

رئيس الأمريكي الأسبق مع قواتهِ في العراق
AvaToday caption
فالتمدد الإيراني ما كان ليتم لولا استراتيجية الانكفاء التي اتخذتها الإدارات السابقة، والتي شجعت إيران على زيادة أنشطتها الإرهابية بتمويل الميليشيات الشيعية ودعمها في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن
posted onJanuary 27, 2019
noبۆچوون

سوسن الشاعر

رغم التحول الجذري لتشخيص المشكلة «الأمنية» في إدارة الرئيس ترامب عنها في إدارة سلفه أوباما، باتفاقه مع الرؤية الخليجية على أن إيران هي مصدر الإرهاب الأول على عكس ما كان يظنه الرئيس السابق، وذلك تحول جذري يجعلنا نحن وحليفنا الأكبر في المنطقة على الخط ذاته، وفي الخندق نفسه، كما كنا على مدى أكثر من نصف قرن، إلا أن جولة وزير الخارجية مايك بومبيو في المنطقة تركت بعض النقاط من دون توضيح، ما جعل من مقترحات بومبيو لاستراتيجية أمنية للمنطقة مجرد أمنيات قد تكون غير قابلة للتطبيق.

فخيارات الإدارة الحالية الاستراتيجية لأمن المنطقة لا تختلف كثيراً عن الإدارة السابقة، وعلى رأسها يأتي خيار الانكفاء العسكري والانسحاب من المنطقة، على اعتبار أنهم ليسوا قوى احتلال، وأن على سكان المنطقة حماية أنفسهم، متناسين أن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة هو أولاً للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية أكثر منه حماية لمصالح دول المنطقة. ومن السذاجة أن تتخلى الولايات المتحدة عن مواقع نفوذها لمجرد نفي تلك «التهمة»، خصوصاً أن الفوضى في المنطقة هي إرث خلفته إدارات سابقة، وأن الإرث الذي ستخلفه هذه الإدارة باستمرارها في السياسة ذاتها أكثر دماراً!

فالتمدد الإيراني ما كان ليتم لولا استراتيجية الانكفاء التي اتخذتها الإدارات السابقة، والتي شجعت إيران على زيادة أنشطتها الإرهابية بتمويل الميليشيات الشيعية ودعمها في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن، ناهيك عن محاولاتها في البحرين والسعودية والكويت، ولو أن الدول الخليجية الثلاث رضخت لضغوط الإدارة السابقة، لكان تمدد إيران نجح فيها، ولكنا الآن نعالج آثاره المدمرة.

فسياسة بوش الابن هي التي سمحت لإيران بالتمدد في العراق وسوريا، وهي التي سمحت لها بالتمدد في اليمن إبان فترة أوباما، والأهم هي التي تركت لروسيا فرصة إعادة التموضع في الشرق الأوسط من جديد، وهي النتائج ذاتها التي يجنيها الرئيس الروسي الآن في سوريا تحديداً؛ تلك الفوضى هي مخلفات سياسة أميركا الانكفائية بالدرجة الأولى. وبدلاً من تغيير استراتيجية الانكفاء، تطرح الولايات المتحدة حلولاً بديلة تبدو غير واقعية تحاول تسويقها في المنطقة لا يشتريها أحد، بمن فيهم إسرائيل التي بدأت التنسيق مع روسيا الآن!

إن البدائل التي تقترحها غير واقعية بتاتاً، كتشكيل تحالف عربي للتصدي للتمدد الإيراني، وقطر مزروعة فيه!

باختصار لا يمكن تكوين تحالف عربي عسكري لحماية المنطقة بوجود قطر، هذا ما اتفقت عليه الدول التي زارها الوزير بومبيو، وعلى رأسها السعودية ومصر والإمارات والبحرين، وهي ليست مجرد مناكفة أو عناد عربي، فقد أصبحت قطر الآن حليفاً إيرانياً بامتياز، ووجودها في أي حلف عسكري، بما في ذلك «درع الجزيرة»، خطر على دول الخليج، فما بالك والمقترح يسعى لدخول مصر والأردن في هذا الحلف؟

قطر متحالفة مع الحوثي في اليمن و«حزب الله» في لبنان ومع «جبهة النصرة» في سوريا، وتمول وترعى الإرهاب في مصر، وكلها مهددات للمصالح الاستراتيجية الأميركية قبل أن تكون مهددة للأمن العربي، فكيف ستشكل تلك الدول تحالفاً عسكرياً يضم قطر فيه؟

الأهم أن التعاطي الرخو مع قطر هو أحد أهم أسباب فشل هذا المقترح الأميركي الذي يبدو إلى الآن أنه لم يدرك حقاً خطر السياسة القطرية على أمن المنطقة، وعلى مصالحه فيها.

المسألة الثانية تتلخص في محاولة الولايات المتحدة الاستفادة القصوى من الصفقات التجارية مع دول هذا التحالف، بالتزامن مع تخليها عن الشراكة الأمنية، بتسويقها أن تدخلها الأمني سيكون وقت الحاجة التي تحددها هي، وهي التي لم تحصل على تلك الامتيازات التجارية إلا بسبب تلك التحالفات التي تريد تخفيضها.

الرؤية الأميركية غير واقعية، لأنها لا تأخذ في الاعتبار أن التحالفات البديلة في المنطقة (روسيا والصين) أصبحت موجودة على الساحة الدولية، وعلى استعداد لملء الفراغ، وترحب بأي دعوة تعرضها دول الخليج، على عكس ما كان عليه الحال طوال النصف قرن الماضي، والأهم من ذلك أن تلك التحالفات العسكرية لا بد أن تكون مصحوبة هي الأخرى بتحالفات تجارية تمنحها بعض الامتيازات، فكيف يستقيم مطلبها المتناقض والمبني على حسابات قديمة لم يتم تجديدها؟ (للعلم زادت نسبة التبادل التجاري بين السعودية وحدها وروسيا خلال السنوات العشر الأخيرة بمقدار 554 في المائة، وكذلك الحال بالنسبة للإمارات ومصر، وكذلك بالنسبة لتلك الدول مع الصين).

جميع تلك الزيادات هي جزء مقتطع من الكعكة الأميركية العربية لسنوات، وذلك أمر يدركه الرئيس ترامب تماماً حين قال إن أي ابتعاد من طرفنا يستغله الآخرون ويستفيدون منه.

الخلاصة، لا يمكن أن تجني الولايات المتحدة أي مكسب من استراتيجيتها الأمنية المقترحة.