انتشرت قوات الأمن الإيرانية، بشكل مكثف يوم أمس الأربعاء، عند الجامعات في عدة مدن بالبلاد، في ظل تكثيف جهودها لقمع الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من أسبوعين، والتي أشعل فتيلها وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى "شرطة الأخلاق".
يأتي هذا بينما أصبحت الاضطرابات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد تمثل أكبر تحدٍّ يواجه السلطة الحاكمة في البلاد منذ سنوات، إذ طالب المحتجون خلالها بإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية الذي تأسس عام 1979.
وكالة رويترز نقلت عن شهود، قولهم إن السلطات نشرت رجال شرطة مكافحة الشغب بكثافة في مدن أرومية وتبريز ورشت والعاصمة طهران في الأيام الماضية لا سيما حول الجامعات، التي تمثل مواقع محورية للاحتجاجات.
أحد الطلاب في طهران قال إن "هناك الكثير من قوات الأمن حول جامعة طهران. لدرجة أنني خشيت مغادرة الحرم الجامعي. تنتظر العديد من مركبات الشرطة في الخارج لاعتقال الطلاب".
من جانبها، ذكرت جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان أنها شهدت إلقاء القبض على الآلاف في المداهمات، التي شنتها قوات الأمن ومنها "الباسيج"، وهي فصائل متطوعين تابعة لـ"الحرس الثوري"، وقالت إن المداهمات أسفرت عن سقوط أكثر من 150 قتيلاً.
بدورها، تقول السلطات إن عدداً من قوات الأمن قُتلوا، واتهمت أعداء أجانب منهم الولايات المتحدة بالتدخل لزعزعة استقرار إيران.
مقاطع مصورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أظهرت فتيات من مدارس ثانوية في طهران وهن يخلعن الحجاب ويرددن "الموت لخامنئي".
في مقطع مصور أيضاً، قيل إنه تم تصويره بدرسة في شيراز يوم الثلاثاء 4 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أحاطت نحو 50 طالبة بعنصر من "الباسيج" جرت دعوته لإلقاء كلمة، وهتفن: "اغربوا عن وجوهنا يا باسيج" و"الموت لخامنئي".
واجتذبت الاحتجاجات، التي خرجت منذ وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، الكوردية الإيرانية، في أعقاب احتجاز شرطة الأخلاق لها بطهران في 13 سبتمبر/أيلول 2022، بسبب "ملابسها غير المناسبة"، مشاركة واسعة من أنحاء إيران.
أصبح مقتل فتاة أخرى وهي نيكا شاكارامي (17 عاماً)، منذ بداية الاحتجاجات، نقطة محورية أخرى لغضب المتظاهرين، ويقول النشطاء على موقع تويتر إن شاكارامي قُتلت بطهران في أثناء التظاهر؛ احتجاجاً على وفاة أميني.
من جهتها، قالت وسائل الإعلام الرسمية في إيران، الأربعاء 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن دعوى قضائية فُتحت اليوم للتحقيق في وفاة شاكارامي، وأشارت إلى تصريحات مسؤولين بأن وفاتها لا تمت إلى الاضطرابات بِصلة، وأنها سقطت من فوق سطح ولم يُعثر في جثتها على أي إصابات رصاص.
مع استمرار الاحتجاجات في إيران، لا يعتقد المحللون أن هناك إمكانية للإطاحة قريباً بالمؤسسة الحاكمة التي يهيمن عليها رجال الدين الشيعة، على الرغم من الإحباط المتزايد من القيود الاجتماعية والسياسية الصارمة على مدار العقود الأربعة الماضية، منذ سقوط الشاه الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة.
طلبت الحكومة فتح تحقيق في سبب وفاة أميني، التي قال خامنئي إنها "فطرت قلبه"، وتأكيداً للآراء الراسخة في الحكومة الإيرانية، اتهم وزير الداخلية أحمد وحيدي، المحتجين بالتسبب في "مشاهد بشعة" باسم حقوق المرأة.
في دفاعه عن نمط اللباس المحافظ للجمهورية الإسلامية، قال وحيدي، القائد السابق لـ"فيلق القدس" في "الحرس الثوري"، إن المحتجين يرون "الحرية في عري وانعدام حياء المرأة".
أدى مقتل أميني وقمع الاحتجاجات إلى تفاقم التوتر في علاقات طهران الصعبة بالفعل مع القوى الغربية، مما يفاقم الخلافات في وقت تعثرت فيه مفاوضات إحياء اتفاق طهران النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.
على أثر المواقف الغربية، استدعت إيران سفراء عدة دول تتهمها طهران بالتدخل أو الضلوع في الاضطرابات.
بموازاة ذلك، وفي بوادر على تزايد الدعم الدولي هذا الأسبوع، قامت ممثلات فرنسيات بارزات، من بينهن جولييت بينوش وإيزابيل أوبير، بقص خصلات من شعرهن؛ احتجاجاً على وفاة أميني، وقصت نائبة سويدية جزءاً من شعرها في ختام كلمتها أمام البرلمان الأوروبي.