بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

خطوات فيينا الأخيرة وأزمة تسويق الاتفاق في واشنطن وطهران

العلم الإيراني والأميركي
AvaToday caption
لعبة الوقت وتقاذف كرته بين واشنطن وطهران، يبدو أنها ستبقى في منتصف الملعب في الأيام المقبلة، ولن تعلو صافرة تحريكها قبل معرفة الأجواء التي ستنتهي إليها جلسة الاستماع التي ستعقدها لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي
posted onFebruary 18, 2022
noبۆچوون

حسن فحص

في وقت يؤكد فيه النظام الإيراني جديته في المفاوضات التي ذهب إليها برؤية واضحة وبجدية كاملة وبمقترحات بناءة، وأن تحديد الوقت النهائي أو نهاية المفاوضات والتوقيع على النص النهائي للاتفاق الجديد أو على الأقل إعادة إحياء الاتفاق القديم، يرتبط بمدى التزام الأطراف الغربية التام بإلغاء ورفع العقوبات وعودة الجميع إلى تعهداتهم، يؤكد المفاوض غير المباشر الممثل للإدارة الأميركية ومعه الأطراف الآخرون، أن المسؤولية باتت الآن في عهدة الجانب الإيراني مع الحديث عن الاقتراب من وضع اللمسات الأخيرة لنهاية المفاوضات، وعليه أن يعود للالتزام بتعهداته خصوصاً في وقف عمليات تخصيب اليورانيوم وإعادة بناء الثقة بسلمية أنشطته النووية.

بغض النظر عن الأصوات الإيرانية الداخلية المعارضة أو المتحفظة أو المؤيدة لعملية التفاوض التي تسضيفها العاصمة النمساوية فيينا لإعادة إحياء الاتفاق النووي، إلا أن المسلمة الأكيدة هي أن منظومة السلطة في إيران، بكل ومختلف مستوياتها المؤثرة في القرار الاستراتيجي للنظام، قد حسمت موقفها وكلمتها، بالسير في التفاوض من أجل الوصول إلى تفاهم يعيد إحياء الاتفاق، ويضع حداً لأزمة العقوبات الاقتصادية، ويخرج إيران من دائرة الخطر الذي بات يهدد استقرار النظام، وينذر بانفجار داخلي أقل نتائجه الإطاحة بالنظام ومنظومته الحاكمة.

إجماع النظام والدولة العميقة على إيصال المفاوضات إلى نتيجة ما، مع الرغبة في أن تكون إيجابية، تتضح من خلال تأكيد طهران ومعها الجهات المعنية بالعملية التفاوضية، أن الفريق المفاوض قد عاد إلى فيينا لاستئناف الجولة الثامنة حاملاً في جعبته تفويضاً في اتخاذ القرار السياسي المناسب والمتناسب مع المصالح الإيرانية في التفاوض وإعادة إحياء الاتفاق وإلغاء العقوبات الاقتصادية، وهو قرار سياسي محكوم بالسقوف التي وضعها للنظام بإلغاء جميع العقوبات التي تضمنها اتفاق عام 2015 وما بعده، والحصول على ضمانات تشكل أرضية لطمأنة طهران بعدم الانسحاب لاحقاً من الاتفاق، وإخضاع الاتفاق الجديد لمرحلة اختيار تتعلق بالجانب التنفيذي لما يتم الاتفاق عليه.

لعبة الوقت وتقاذف كرته بين واشنطن وطهران، يبدو أنها ستبقى في منتصف الملعب في الأيام المقبلة، ولن تعلو صافرة تحريكها قبل معرفة الأجواء التي ستنتهي إليها جلسة الاستماع التي ستعقدها لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي مع المبعوث الخاص لإدارة البيت الأبيض في الأزمة الإيرانية روبرت مالي، التي عقدت الثلاثاء 15 فبراير (شباط)، والتي تعتبر المرة الأولى التي يتم استدعاء مالي للحضور أمام اللجنة والاستماع إلى إفادته حول المسار الذي سلكته وستسلكه مفاوضات فيينا والاتفاق مع إيران.

أسئلة محددة ومباشرة وضعتها لجنة العلاقات أمام وزارة الخارجية، سيكون على المبعوث الأميركي مالي الإجابة عليها، وتتلخص في نقاط محددة هي:

لماذا تم الاستغناء أو استبعاد موظفين في وزارة الخارجية عن الفريق المفاوض؟

موقف إدارة بايدن من مسألة إلغاء العقوبات ضد إيران؟

لماذا لا يتم تنفيذ الجزء المتعلق بالعقوبات على قطاع الطاقة الإيراني بشكل كامل؟

حالة البرنامج النووي الإيراني، وما المستوى الذي وصل إليه تخصيب اليورانيوم في إيران؟

ولن يكون مالي أمام تحدي إقناع رجالات الكونغرس بالإجابات التي سيقدمها، بل سيكون عليه مع إدارة البيت الأبيض استكمال الجهود المعقدة والمتداخلة لإقناع حلفاء واشنطن الإقليميين في منطقة الشرق الأوسط، بأهمية الخطوة التي ستتخذها واشنطن بإعادة إحياء الاتفاق، خصوصاً مع تل أبيب والرياض ودول الخليج، التي ترى نفسها في دائرة الاستهداف الإيراني. وهي مهمة لن تكون ميسرة وسلسلة في حال لم تكن مقرونة بالحصول على ضمانات إيرانية تؤسس لمسارات تفاوضية حول برنامجها الصاروخي والباليستي والنفوذ الإقليمي والدور الذي تمارسه في أكثر من ساحة وعاصمة عربية وتحويلها إلى منطلق لتهديد عواصم أخرى.

ما يسجل على هذه المرحلة من التفاوض، أن الطرفين الأميركي والإيراني استطاعا إخراج أزمة التفاوض المباشر بينهما، وإمكانية التفاهم حول النقاط الخلافية من دائرة الاستغلال الروسي الذي حاول لعب دور الوسيط بين الطرفين، ستغلاً تمسك المفاوض الإيراني برفض عودة واشنطن إلى طاولة التفاوض المباشر، وتفعيل دورها الكامل في مجموعة 5"+1" قبل إلغاء جميع العقوبات التي نص عليها اتفاق 2015.

في المقابل، فإن الفريق المفاوض المقيم في فيينا حتى الآن، ينتظر عودة الأطراف الغربية بما فيها الأميركي والترويكا الأوروبية إلى الجلسة الحاسمة، والوقوف على نتائج الجهود التي بذلتها وزيرة الخارجية الألمانية في تل أبيب، والحوارات التي أجراها المندوب الأميركي مالي مع تل أبيب والعواصم الخليجية. في وقت يبدو أن المندوب الروسي ميخائيل أوليانوف بدأ في إعادة ترتيب أوراقه والحديث عن إمكانية عدم التوصل إلى اتفاق في المدى القريب، لإدراكه أن بعض مياه الوساطة بدأت تتسرب من بين أصابعه، وأن الحليف الإيراني لم يعد "محشوراً" في زاوية المفاوضات غير المباشرة، إضافة إلى شعوره بأن المفاوض الأميركي لديه الرغبة في الانتهاء من الملف الإيراني، والتفرغ للتطورات المتصاعدة في أوروبا الشرقية على الحدود الروسية الأوكرانية.

المندوب الروسي أوليانوف، وبتوجيه من إدارته الدبلوماسية في موسكو، حاول توظيف العلاقة بين بلاده وإيران لتسويق رؤيته بتمرير "اتفاق مؤقت" لمدة سنتين، من خلال إقناع الطرف الأميركي بقدرته على جر الصديق الإيراني إلى هذه الدائرة مستفيداً من حاجة طهران له، وبالتالي الحصول من واشنطن على تفاهمات حول الأزمة الأوكرانية وتخفيف الضغط عن موسكو. إلا أن الخطوة الإيرانية وعبر ممثل الاتحاد الأوروبي باللجوء إلى دبلوماسية الرسائل المكتوبة مع المفاوض الإيراني، استبعدت وأخرجت الوسيط الروسي من دائرة الفعل، خصوصاً بعد الضوء الأخضر الذي أضاءه المرشد الأعلى من طهران، والذي كسر حاجز الحرمة أو المنع حول إمكانية التفاوض مع العدو (الأميركي) إذا ما كانت مصحلة النظام تقتضي ذلك.

الإرادة السياسية لدى الأميركي والإيراني بالوصول إلى اتفاق ووضع حد لحالة التوتر والتصعيد القائمة بينهما، تأتي متسقة مع رغبة واشنطن بعدم دفع الأمور في الشرق الأوسط نحو مرحلة جديدة من التصعيد من جهة، وحاجتها لتهدئة الجبهات من أجل التفرغ لخلافاتها مع روسيا حول الأزمة الأوكرانية، والتي تعتبر المفتاح لمواجهة الطموحات الروسية المتزايدة للقضم من الدور الأميركي على الساحة الدولية من جهة ثانية. في حين أن طهران تعمل على استغلال الحاجة الأميركية للتهدئة في الشرق الأوسط للتفرغ لمشروعها في مواجهة الصين وروسيا، وهي تسعى لاستغلال الأزمة الأوكرانية التي تضغط على واشنطن للحصول على أعلى قدر من مطالبها، وهي تدرك في الوقت نفسه أن عدم التوصل إلى اتفاق أو تفاهم مع واشنطن، يعني أنها ستكون في مواجهة موجة جديدة من العقوبات المشددة والخانقة، إضافة إلى تزايد المخاطر بمواجهة المزيد من التصعيد في الملفات الإقليمية التي تشكل مناطق نفوذها، وبالتالي قد تدفع منطقة الشرق الأوسط نحو عدم الاستقرار.