رفتن به محتوای اصلی

إيرانيون يكسرون حاجز الخوف ضد النظام

تخريب العملة الإيرانية وصور الخميني
AvaToday caption
الثورة الخمينية حينما انطلقت منذ 4 عقود رفعت شعارات أولها الحرية ثم الاستقلال، إضافة إلى العدالة الاجتماعية، حيث لا يزال الإيرانيون يرفعون المطالب ذاتها حاليا في مظاهراتهم واحتجاجاتهم التي تخرج بين الحين والآخر
posted onApril 11, 2019
noدیدگاه

كان عام 1979 فارقا في إيران التي تحولت من نظام الحكم الملكي إلى نظام ما عرف بـ"الجمهورية الإسلامية" عقب سيطرة المتشددين بقيادة المرشد الراحل الخميني، حيث تغير كل شيء للأسوأ بشكل جذري في داخل البلاد، وأخيرا يكسر الشعب حاجز الخوف ويبدأ في انتفاضة علنية ضد النظام بمختلف مدن البلاد.

النظام الثيوقراطي الجديد قضى أولا على جميع البرامج التحديثية التي بدأها نظام الشاه محمد رضا بهلوي (1941 - 1979) ثم سرعان ما شدد قبضته على مفاصل المؤسسات الرسمية في إيران، وصولا إلى وضع قواعد سياسية تتيح صلاحيات واسعة للغاية لرأس حربته المعروف باسم "المرشد الأعلى" أو "الولي الفقيه".

سنوات مضت من اتخاذ الدين ذريعة لتشديد الرقابة على وسائل الإعلام واعتقال الصحفيين والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، فضلا عن فرض قوانين قمعية شملت كل شيء حتى الملابس وأغطية الرأس بالنسبة للنساء.

"انتهت اللعبة أيها الديكتاتور" كان أحد أبرز الشعارات التي رفعها آلاف المحتجين في شوارع 120 مدينة إيرانية كبرى مطلع العام الماضي، منددين بقمع المظاهرات الشعبية من جانب السلطات الأمنية وعناصر مليشيات موالية للمرشد الإيراني علي خامنئي الذي أحرقوا صوره علنا إلى جوار سلفه الخميني.

الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد، حيث كانت الحوزات الدينية سواء في مدينتي مشهد أو قم (شمال)، وبعض مقرات مليشيا الباسيج (التعبئة العامة) هدفا دائما لهجمات من محتجين غاضبين، حيث أضرم بعضهم النيران في أبوابها وشرفاتها بل ورجموها بالحجارة في أحيان أخرى.

ووصل غضب الإيرانيين المكتوم على مدار عقود ضد نظام المرشد الذي يتخذ من الدين ستارا لإخفاء شعاراته الخبيثة إلى درجة مطاردة عناصر الشرطة الأخلاقية في الشوارع والاشتباك معهم أحيانا في عديد من المقاطع المصورة التي أبرزتها مواقع التواصل الاجتماعي.

مظاهر عديدة تؤكد جميعها أن الشعب الإيراني على اختلاف عرقياته الممتدة داخل حدود البلاد قد لفظ بلا رجعة نظام الجمهورية الإسلامية التي عصفت بثرواته النفطية لصالح دعم مليشيات عسكرية تقاتل لخدمة أجندتها الإرهابية خارج الحدود.

وفي أبريل/نيسان الماضي، شن ناشطون إيرانيون معارضون حملة للاحتجاج بشكل سلمي عبر التدوين على العملات الورقية باعتبارها الوسيلة الأكثر تداولا بالبلاد، إضافة إلى صعوبة تعقب الأجهزة الأمنية لهم، في الوقت الذي وصل فيه مستوى الشعارات إلى السخرية من المرشد خامنئي.

 

حرق صور المرشد الإيراني السابق والحالي في إيران

 

"لا للجمهورية الإسلامية، وكفى حديثا طوال العمر" كانت أبرز التدوينات التي كتبها آلاف الإيرانيين المشاركين بتلك الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى الشعار البارز "الموت لخامنئي" الذي تردد في احتجاجات مطلع يناير/كانون الثاني 2018.

وفي الوقت نفسه، هاجم إيرانيون آخرون الفساد المستشري داخل مؤسسات البلاد، خاصة التابعة منها لسلطة المرشد، إضافة إلى قمع المرأة والحريات العامة، وتسلط مليشيا الحرس الثوري داخل قطاعات اقتصادية وسياسية واجتماعية واسعة.

وفي اعترافات صريحة من داخل إيران بالسخط الشعبي ضد النظام الديني، هاجمت ابنة الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989 - 1997) النظام الإيراني بشدة، سبتمبر/أيلول الماضي، مؤكدة أنه "فشل فشلا ذريعا"، وأن تركيز السلطات في يد المرشد أسهم في إرساء نظام ديكتاتوري.

وانتقدت فائزة رفسنجاني، في مقابلة حينها على إحدى القنوات على الإنترنت قبل أيام، نظام "ولاية الفقيه"، معتبرة أنه "شوّه صورة الإسلام، وارتكب باسم الدين الكثير من الأخطاء خلال أربعين عاما".

وبعد شهرين فقط، اعتبرت فائزة رفسنجاني الناشطة الإيرانية الإصلاحية أن نظام طهران يعاني انهيارا داخليا في الوقت الراهن، في حين انتقدت حكومة الرئيس حسن روحاني، ووصفتها بـ"الفاشلة" بسبب عجزها عن تلبية مطالب المحتجين في قطاعات مختلفة.

وقالت ابنة رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام السابق هاشمي رفسنجاني، في مقابلة نشرتها صحيفة "مستقل" المحلية الإصلاحية، ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن الانهيار الكامل للنظام حتى لو لم يحدث حتى الآن بسبب مخاوف لدى الإيرانيين من البديل القادم لم يعد مستبعدا.

لم يمض سوى شهرين قبل أن يحكم الخميني وتياره المتشدد قبضتهم على كل مقاليد الحكم، فضلا عن قمع المعارضين، حيث أعلن في مطلع أبريل/نيسان من العام ذاته تأسيس نظام جديد تحت اسم "الجمهورية الإسلامية"، بمرجعية (ولاية الفقيه) وعلى رأس هذا النظام يقبع المرشد الأعلى الذي باتت لديه منذ تلك اللحظة صلاحيات واسعة للغاية، في الوقت الذي دخلت فيه طهران عزلة دولية إلى جانب انحدار ملايين الإيرانيين أسفل خط الفقر المدقع.

الثورة الخمينية حينما انطلقت منذ 4 عقود رفعت شعارات أولها الحرية ثم الاستقلال، إضافة إلى العدالة الاجتماعية، حيث لا يزال الإيرانيون يرفعون المطالب ذاتها حاليا في مظاهراتهم واحتجاجاتهم التي تخرج بين الحين والآخر.

 

متظاهرون يحاولون مهاجمة الشرطة

 

وسعت القوميات والشعوب غير الفارسية قبل عام 1979 للتخلص من النظام البهلوي بسبب منع الحريات المنصوص عليها في دستور الثورة المشروطة الدستورية التي اندلعت في إيران عام 1909، غير أن دائرة الحريات باتت أشد ضيقا في ظل نظام ولاية الفقيه الذي يحظر الأنشطة السياسية والثقافية والاجتماعية.

سلطات نظام "ولاية الفقيه" أصبحت تتدخل دون محاسبة حتى في الحياة الخاصة لأفراد الشعب داخل بيوتهم، بينما كان يطمح الإيرانيون قبل مجيء الخميني لإيران في مساءلة الشاه برلمانيا.

وكذلك وجود أحزاب سياسية عدا حزب وحيد موالٍ للنظام، إلى جانب التخلص من الفوارق الطبقية حيث كانت تسيطر ألف عائلة على ثروات البلاد.

ويمكن القول إن الغضب الشعبي لم يعد مكتوما ضد المؤسسة الدينية التي كان على رأسها الخميني ورجاله والتي صادرت تحت رداء الدين حكم البلاد قبل 40 عاما، حيث إن أوضاع إيران الراهنة هي الأسوأ تاريخيا على الأصعدة كافة.