بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

طهران تبحث عن منفذ لخروج من عزلتها

مظاهرات إيرانية
AvaToday caption
شكل قتل سليماني ضربة لاستراتيجية إيران في المنطقة التي كان قائد فيلق القدس يشرف بنفسه على تنفيذها، حيث كان العقل المدبر لسيطرة إيران على أراض تمتد من طهران عبر العراق وحتى البحر المتوسط مرورا بسوريا ولبنان من خلال فصائل مسلحة
posted onFebruary 4, 2020
noبۆچوون

بعثت إيران اليوم الثلاثاء عبر سفيرها في العراق برسائل واضحة إلى دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات، تشير إلى سعيها الحثيث لإيجاد وساطة تساعدها في فتح قنوات تواصل وصلح مع دول الجوار التي ما انفكت تلفق لها التهم وتتوعدها بزعزعة استقرارها عبر وكلائها في المنطقة.

وبلهجة مغايرة على تلك التي تعود العالم على سماعها من المسؤولين الإيرانيين الذين كانوا يتفانون في استعراض عدائهم ضد كل من يعترض على تهديدات النظام في طهران،  اعترف السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي اليوم الثلاثاء أن بلاده تسعى لحل الخلافات مع السعودية والإمارات "بأسرع وقت ممكن".

وقال مسجدي في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية الرسمية نشرت الثلاثاء، أن القائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قتل بضربة من طائرة أميركية مسيرة في مطار بغداد الشهر الماضي، كان يحمل رسالة تحدد موقف إيران من التقارب المحتمل مع السعودية.

وأكد السفير الإيراني خلال المقابلة التي نشرت وكالة الأنباء العراقية مقتطفات منها باللغة العربية أن "طهران ترحب بدور العراق الساعي لحلحلة القضايا العالقة بين إيران والسعودية وقضايا المنطقة"، مشيرا إلى الجهود التي بذلها العراق مؤخرا للتوسط بين الخصوم في المنطقة.

وعبر مسجدي عن "رغبة بلاده بتسوية الخلافات والتحديات بين إيران والإمارات العربية المتحدة والسعودية بأسرع وقت ممكن".

وقال إن الرسالة التي كان من المفترض أن يوصلها سليماني عندما وصل إلى بغداد يوم مقتله في الثالث من يناير/كانون الثاني "كانت تتضمن رؤية إيران في محاربة الإرهاب ونشر السلام والأمان والمحبة وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة".

وشكل قتل سليماني ضربة لاستراتيجية إيران في المنطقة التي كان قائد فيلق القدس يشرف بنفسه على تنفيذها، حيث كان العقل المدبر لسيطرة إيران على أراض تمتد من طهران عبر العراق وحتى البحر المتوسط مرورا بسوريا ولبنان من خلال فصائل مسلحة تحارب بالوكالة عنها وحلفاء سياسيين.

كما سعت عبر وكلائها في اليمن إلى تهديد استقرار وأمن دول الجوار منها السعودية والإمارات عبر استهداف منشآت نفطية حيوية وتهديد أمن الملاحة بعمليات تخريب للسفن التجارية وناقلات النفط في مضيق هرمز وبحر عمان، وهي محاولات فاشلة سعت من خلالها إلى عرقلة امدادات النفط بعد تشديد واشنطن الخناق على اقتصادها عبر تصفير نفطها.

وبين مقتل قائد فيلق القدس يد المرشد الأعلى علي خامنئي اليمنى، حجم الارتباك الذي أصاب النظام الإيراني ما دفع طهران إلى مراجعة حساباتها وإعادة ترتيب أولوياتها في المنطقة، رغم المكابرة التي بدت عبر التصريحات الإعلامية الفضفاضة التي أطلقها بعض القادة العسكريين ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتقول الولايات المتحدة إنها عازمة على مكافحة النفوذ الإيراني في المنطقة وفرضت عقوبات استهدف بعضها الحرس الثوري الإيراني ووكلاء إيران في لبنان والعراق.

وبعد مقتل سليماني تورطت إيران مباشرة في إسقاط لطائرة الركاب الأوكرانية التي راح ضحيتها وأصرت لأيام على إنكار مسؤوليتها في الكارثة قبل أن تعترف تحت الضغوطات الداخلية عبر احتجاجات كبيرة قام بها الإيرانيون وتنديدات دولية، بأن الحرس الثوري هو من أطلق الصواريخ عليها "بالخطأ".

وبتأكدها من حجم الكارثة أصدرت طهران تعليمات واضحة إلى أذرعها في المنطقة من الميليشيات بوقف التصعيد ضد مصالح واشنطن وحلفائها، تزامنا مع دعوات أطلقها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى عودة التفاوض مع واشنطن مقابل رفع العقوبات.

لكن رد الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان سريعا وحاسما حيث كتب في تغريدة على تويتر في 26 يناير الماضي "وزير الخارجية الإيراني يقول إن بلاده تريد التفاوض مع الولايات المتحدة، ولكنها تريد رفع العقوبات.. لا شكراً".

وقام ظريف ومسؤولين إيرانيين آخرين في الأسابيع الأخيرة أيضا بمشاورات حثيثة مع سلطنة عمان للتوسط وفتح باب لها مع واشنطن خصوصا أن مسقط كانت الوسيط الأمثل لطهران مع الغرب في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد.

كما استعانت السلطات الإيرانية بالدوحة بوصفها أقرب الحلفاء للتوسط مع الغرب لإنهاء مأزق إسقاط الطائرة الأوكرانية، وقالت مصادر إن قطر عبرت عن استعدادها لدفع تعويضات لعائلات الضحايا لانتشال لإيران من ورطتها.

وسعى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال زيارته لطهران منتصف الشهر الماضي، إلى التدخل للتهدئة السياسية في العراق والمنطقة، خصوصا أن الدوحة لديها تاريخ حافل في مثل هذا النوع من الوساطات حيث سبق وأن أشرفت على صفقات لإطلاق سراح رهائن مقابل دفع أموال طائلة لميليشيات أو جماعات متطرفة في سوريا والعراق.

بالإضافة إلى ذلك تمارس البلدان الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه واشنطن في 2018، ضغوطا متزايدة على النظام الإيراني الذي أعلن خفض طهران التزاماتها النووية في خطوة تصعيدية مع واشنطن.

وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي وصل أمس الاثنين إلى طهران لإجراء مشاورات مع عدد من المسؤولين الإيرانيين، إن "الاتحاد الأوروبي مصمم على حماية" الاتفاق الدولي بشأن الملف النووي الإيراني الذي أبرم في فيينا عام 2015.

وأضاف "آمل أن تسمح المحادثات التي سيجريها (بوريل) مع المسؤولين الإيرانيين.. للأوروبيين أن يفهموا" الوضع الحالي، وأن يبرهنوا عن حسن نية عبر اتخاذ إجراءات جدية".

لكن الضغوط الدولية التي تواجهها إيران لا تبدو الوحيدة التي تهدد النظام الإيراني وتجعله يخير الانحناء للعاصفة وتغيير لهجته العدائية مع دول الخليج، فالاحتجاجات الغير مسبوقة التي عمت المدن الإيرانية في ديسمبر الماضي تنذر بتغيير جذري سيعصف بالنظام في طهران في أزمة تبدو هي الأكبر بالبلاد منذ ثورة 1979.

وتعكس عودة إيران اليوم للحديث عن "صلح" مع السعودية والإمارات عبر سفيرها في العراق، حجم الورطة التي وجت طهران نفسها فيها حيث أوصدت جميع الأبواب أمامها فيه محاصرة داخليا برفض شعبي لسياساتها العدائية الفاشلة وخارجيا بالعقوبات التي من المرجح أن تتصاعد، في ظل عدم جدية النظام في ما يروج له المسؤولون عبر تصريحاتهم لكن على أرض الواقع تبقى ممارسات طهران ووكلائها مختلفة كليا.