مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، بدأ خبراء في وضع سيناريوهات مختلفة لما ستؤول إليه الأوضاع الحالية.
وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت تشكيلين بحريين وقاصفات B-52 إلى منطقة الخليج الأسبوع الماضي، تحسبا لأي تهديد إيراني.
ومنذ أمس، تعرضت ناقلتان سعوديتان لهجوم تخريبي وهما في طريقهما لعبور الخليج العربي في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بالقرب من إمارة الفجيرة.
وكانت الإمارات العربية المتحدة قد أعلنت الأحد أن أربع سفن شحن تجارية من عدة جنسيات تعرضت لـ "عمليات تخريبية" في مياهها قبالة إيران، في شرق إمارة الفجيرة بدون تحديد المنفذين واصفة الحادث بأنه "خطير".
ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، فإن مسؤولين إيرانيين هددوا أكثر من مرة باستهداف مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الخليج، بالإضافة إلى غلق مضيق هرمز.
فرس النبي
عام 1988 اشتبكت الولايات المتحدة مع إيران بحريا بعدما تضررت سفينة أميركية جراء اصطدامها بلغم إيراني في الخليج.
وكانت فرقاطة الصواريخ الموجهة "يو إس إس صمويل روبرتس" قد اصطدمت بلغم أثناء سيرها في الخليج ضمن عملية "إيرنيست ويل" التي خصصت لحماية ناقلات النفط الكويتية، خلال "حرب الناقلات" بين العراق وإيران.
وفي يوم 18 أيار/مايو، أطلقت الولايات المتحدة عملية "فرس النبي" للرد على الاعتداء الإيراني، حيث دمرت السفن الأميركية منصتي تجسس إيرانيتين، وسفينة دورية، وفرقاطة وأصابت أخرى.
الدفع نحو هرمز
الأستاذ في علوم الاستراتيجية البحرية بكلية الحرب البحرية جيمس هولمز، وضع في مقاله المنشور على موقع ناشيونال إنترست، سيناريو لحرب بحرية بين أميركا وإيران، ستعتمد فيها طهران على الاستفادة من الجغرافيا البحرية.
وأضاف هولمز أن إيران يمكنها من خلال الاستفادة من الجغرافيا البحرية، شن هجمات غير منتظمة داخل وحول مضيق هرمز، حيث يعتبر هذا المكان مألوفا للبحارة الإيرانيين، كما أنهم سيتمتعون بالتفوق البري قبالة الشواطئ المحيطة.
وأشار هولمز إلى أن السفن التي تعبر من مضيق هرمز تكون دائما في مرمى الأسلحة الإيرانية المنصوبة على الشاطئ، مثل صواريخ الكروز، والطائرات التكتيكية، بالإضافة إلى أسراب القوارب الصغيرة التابع للحرس الثوري الإيراني.
ويضيف الخبير الأميركي، أنه حتى لو عبرت السفن بسلام من المضيق، فإنها تظل تحت تهديد القوات الإيرانية الموجودة في جزر أبو موسى والطنب، مضيفا أن كل هذه العوامل تجعل المعركة مع إيران غير سهلة.
ويرى هولمز بأن المعركة مع إيران في حال اندلاعها لن تكون معركة بحرية بالمعنى المعروف، بسبب عدم وجود مساحات مائية شاسعة كالمحيط حتى تتقاتل الأساطيل وجها لوجه، بالإضافة إلى استخدام إيران للألغام ضد السفن الكبيرة كحاملات الطائرات، والطرادات، والمدمرات.
ويقول هولمز إن البحرية الإيرانية ستضع جهدها وقواها النيرانية في أضيق نقاط المضيق وأكثرها تعقيدا، حيث يتم معرفة مكان وجود العدو مسبقا، ويتم استهدافه بسهولة فيما يكون هروبه صعبا.
عقبات أمام إيران
أما الباحث المتخصص في شؤون الأمن والدفاع، كايل ميزوكامي، فإنه يرى في مقاله بمجلة ناشيونال إنترست أن البحرية الإيرانية تولي اهتماما خاصا في كيفية إغراق حاملة الطائرات، ففي كانون الثاني/يناير 2015، ادعى قائد البحرية الإيرانية بالحرس الثوري، علي فدوي، بأن قواته قادرة على إغراق حاملات الطائرات الأميركية.
وفي الشهر اللاحق أثناء النسخة التاسعة من مناورات النبي الأعظم الإيرانية التي أجريت في مضيق هرمز، تم إغراق مجسم ضخم يحاكي حاملة طائرات أميركية، باستخدام أسراب من الزوارق وصواريخ مضادة للسفن وألغام، بالإضافة إلى إنزال قوات كوماندوز على سطح المجسم.
قوات الحرس الثوري الإيراني تغرق مجسم يحاكي حاملة طائرات أميركية خلال مناورات النبي الأعظم في 2015
قوات الحرس الثوري الإيراني تغرق مجسم يحاكي حاملة طائرات أميركية خلال مناورات النبي الأعظم في 2015
لكن الأمر ليس بهذه السهولة، إذ إن نطاق مرمى الأسلحة الإيرانية لا يصل لحاملات الطائرات الأميركية، فمدى صاروخ الدفاع الساحلي الإيراني "غدير" يصل إلى 186 ميلا فقط، أي أقل من مدى صاروخ مقاتلة F/A-18E/F أميركية، وينطبق الأمر على السلاح الجوي الإيراني أيضا.
كما تواجه إيران مشكلة في القوة النيرانية، إذ لا تمتلك رؤوسا تفجيرية قادرة بالفعل على إغراق حاملة طائرات أميركية.
أما المشكلة الثالثة هي أن حاملات الطائرات الأميركية لن تقترب من القوات الإيرانية بالشكل الذي يجعلها هدفا لمرمى النيران الإيرانية.
المشكلة الرابعة التي ستواجه إيران، هي مدمرات الصواريخ الموجهة من طراز "أرلي بورك"، التي تحتوي على نظام مضاد الصواريخ البالستية، بالإضافة إلى نظام رادار "إيجيس" المتطور، وبذلك تكون الحاملة محمية من الصواريخ البالستية.
مواجهة غير مباشرة
مركز أبحاث الكونغرس الأميركي من جانبه، وضع سيناريو للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي قد يلجأ فيها نظام طهران إلى إغلاق المضيق.
وجاء في الدراسة التي نشرها المركز في عام 2012 أن إغلاق المضيق لن يكون صريحا كما يروج له النظام الإيراني وإنما سيعتمد على تكتيكات التعطيل والتهديد والمضايقة وخلق حالة من عدم الاستقرار في منطقة الخليج.
وتعتقد إيران أنها باتخاذ تلك الخطوات ستدفع الولايات المتحدة وحلفاءها للتفكير مجددا قبل زيادة الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية عليها.
ويقول تقرير المركز إن إيران قد تبدأ بمستوى عنف منخفض ليزيد تدريجيا مع مرور الوقت، أو أنها قد تلجأ لاستخدام خيارات شديدة العنف منذ البداية.
وستكون تكتيكات إيران من أجل تنفيذ تهديدها كالآتي:
- إعلان إغلاق مضيق هرمز ومناطق أخرى في الخليج أمام السفن من دون الإعلان صراحة عن مصير السفن التي تحاول الإبحار في تلك المناطق.
- الإعلان بشكل أوضح أن السفن التي تحاول عبور المضيق أو مناطق في الخليج ستكون عرضة للاعتراض والاحتجاز أو الهجوم.
- استخدام القوارب السريعة أو مركبات بحرية أو جوية أخرى لمضايقة أو سد الطريق أمام السفن والتهديد بإطلاق النار على السفن العابرة للمضيق أو مناطق أخرى في الخليج.
- استخدام المعدات العسكرية المذكورة سابقا بالإضافة لصواريخ منصوبة على الشاطئ ومدفعية وصواريخ كروز وغواصات صغيرة وغواصين لمهاجمة السفن العابرة بشكل ممنهج أو سفن بعينها إذا حاولت عبور المضيق أو الإبحار في مناطق بالخليج.
- تلغيم المضيق وربما مناطق أخرى من الخليج.
- إعلان أن السفن الأجنبية المبحرة خارج المضيق (خليج عمان) ستكون عرضة للهجوم.
- استخدام الغواصات والسفن والطائرات وصواريخ كروز منصوبة على الشاطئ في الهجوم على السفن الأجنبية العاملة خارج المضيق.
كما يتوقع المركز أنه في حالة ردت الولايات المتحدة وحلفائها على إيران فإن خيارات طهران قد تتسع لتشمل التهديد باستخدام الصواريخ البالستية والغواصات والقوات الخاصة والطائرات لقصف أهداف عسكرية واقتصادية في الجانب الغربي للخليج.
وأضاف التقرير أن إيران ربما توجه عملياتها العسكرية ضد أهداف في منطقة الخليج أو خارجها.