تثير إجراءات التنسيق بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكوردية الذعر في أوساط الميليشيات والجماعات المسلحة، لأنها تستهدف إغلاق ثغرات كبيرة في مناطق تقع بمحاذاة الشريط الحدودي بين العراق وإيران، في محافظة ديالى، شرق بغداد، في الوقت الذي تتخوف فيه الميليشيات من خسائر قد تتعرض لها حركة تهريب الأسلحة والذخيرة والمعدات اللوجستية والمخدرات.
وقالت مصادر مطلعة لـصحيفة (العرب) اللندنية إن إجراءات التنسيق بين الجيش العراقي والبيشمركة في قرى تابعة لمنطقتي كلار وخانقين القريبتين من الحدود، بدأت بالتزامن مع حملة جهاز مكافحة الإرهاب للسيطرة أمنيا على منفذين حدوديين حيويين بين العراق وإيران، نهاية الأسبوع الماضي.
وقالت وسائل إعلام مملوكة لميليشيات عراقية تابعة لإيران إن قوات البيشمركة الكوردية طردت الجيش العراقي من مناطق قرب كلار وخانقين، وأنزلت العلم العراقي ورفعت علم الإقليم الكوردي شبه المستقل، مؤكدة أن القوات الكوردية وسعت مساحة انتشارها في المنطقة واستقدمت تعزيزات عسكرية جديدة.
لكن مصادر حكومية في بغداد نفت هذه الأنباء، ووضعتها في سياق الحرب الإعلامية التي يشنها حلفاء إيران على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في محاولة لتأليب الرأي العام ضده.
وأوضحت المصادر أن الجيش العراقي هو من شغل مواقع جديدة بالتنسيق مع قوات البيشمركة الكوردية، في مناطق قرب الحدود العراقية الإيرانية. وعرفت هذه المناطق نشاطا واسعا لتنظيم داعش، عندما كان يحتل مناطق واسعة في البلاد بدءا من 2014.
واتهم سكان هذه المناطق، التي تجمع خليطا من العرب و الكورد، إيران بتقديم تسهيلات لتنظيم داعش أو بغض النظر عن أنشطته التي تحدث بجوار حدودها.
وعندما أطلق العراق حملة واسعة بين 2015 و2017 لطرد تنظيم داعش، حاولت قطعات في الحشد الشعبي مسك عدد من المواقع قرب الشريط الحدودي بين العراق وإيران، لكنها لم تلق قبولا من السكان، لتحل محلها قوات البيشمركة الكوردية.
وفي 2017، انسحبت قوات البيشمركة من بعض هذه المناطق أمام القوات الاتحادية التي قررت استعادة السيطرة على معظم المناطق المختلطة خارج الإقليم ، بعد إغلاق ملف تنظيم داعش.
وبسبب عمليات الانسحاب المرتبكة والعاجلة، حدثت بعض الثغرات الأمنية، وبقيت بعض المواقع بلا قوات اتحادية أو كردية، ما سمح لبعض خلايا تنظيم داعش بتنفيذ بعض العمليات.
وتقول مصادر سياسية إن الحكومة السابقة بقيادة عادل عبدالمهدي تغاضت عمدا عن مناطق الفراغ الأمني قرب الحدود مع إيران، ما سهل بناء نظام للتهريب بين العراق وإيران، يصب في خدمة حكومة طهران والميليشيات الشيعية العراقية على حد السواء.
وطيلة عامين، شهدت هذه المناطق ومنافذها الحدودية الرسمية وغير الرسمية تهريب كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والمعدات اللوجستية والمخدرات إلى العراق، فيما تلقت إيران ملايين الدولارات المهربة من العراق.
وعندما قرر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إطلاق عملية واسعة لتأمين منافذ ديالى مع إيران وإغلاق جميع الثغرات الأمنية قرب الشريط الحدودي، ثارت ثائرة الإعلام العراقي التابع للحرس الثوري الإيراني، إذ روج معلومات وهمية تفيد بفشل خطة تطبيق القانون في ديالى بسبب تعنت قوات البيشمركة.
ويقول مصدر عسكري رفيع في بغداد إن قوات الجيش العراقي بنت تحصينات جديدة في مواقع كانت تشغلها قوات البيشمركة، وسخر المصدر من المعلومات التي تتحدث عن احتكاكات بين القوات الاتحادية والبيشمركة، مؤكدا أن التنسيق بين الجانبين في أعلى مستوياته.
ويقول مراقبون إن تعزيز حضور قوات الجيش العراقي في مناطق الشريط الحدودي مع إيران داخل محافظة ديالى سيكون له أثر كبير على أنشطة الميليشيات، اقتصاديا وأمنيا. ويضيف المراقبون أن أنصار إيران في العراق يفتشون عن أي فرصة للهجوم على الحكومة.
ويوم الأحد، استخدمت قناة “العهد” التابعة لقيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، مصطلحي “ميليشيا جهاز المخابرات” و”قوات الكاظمي” لوصف قوة فرقت متظاهرين ألغت الحكومة تعدد رواتبهم التي يتقاضونها من الدولة بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بالبلاد.
وكان الكاظمي أصدر قرارا يسمح للشخص بتقاضي راتب حكومي واحد، بعدما منحت الحكومات السابقة امتيازات على أساس سياسي، للآلاف، بصفتهم معارضين لنظام صدام حسين، ومن بين هذه الامتيازات قطع أراض، ورواتب من جهات حكومية مختلفة وأفضلية في القبول ضمن الكليات للأبناء وتسهيلات للسفر والسياحة.
وتكلف هذه الامتيازات خزينة الدولة قرابة ملياري دولار شهريا، وفقا لأرقام غير رسمية. ويقول مراقبون إن معظم هذه الامتيازات يستحوذ عليها جمهور الأحزاب الشيعية المقربة من إيران تحديدا، على حساب الفئات الاجتماعية الأخرى.
وقالت قناة الخزعلي التي تديرها منظمة مشبوهة تابعة للحرس الثوري الإيراني إن “قوات الكاظمي وميليشيا جهاز المخابرات” فتحتا النار على المتظاهرين الذين يرفضون قرار إلغاء تعدد الرواتب، وقتلت عددا منهم.
لكن المتحدث العسكري باسم الكاظمي نفى هذه المزاعم، وقال إن تفريق التظاهرة جاء لأسباب صحية تتعلق بتفشي وباء كورونا، مشيرا إلى أن العملية تمت دون إراقة دماء، ولم تؤد إلى سقوط قتلى.