حاول الرئيس الإيراني حسن روحاني دغدغة المشاعر القومية الإيرانية بنبرة توسعية، عندما اعتبر الكثير من دول الجوار الإيراني أنها كانت "أراضي إيرانية تم اقتطاعها من الوطن الأم"، حسب زعمه، بما فيها جميع بلدان الخليج وأجزاء من العراق وتركيا وكردستان وأفغانستان وجمهورية آذربيجان والقوقاز ودول آسيا الوسطى.
وكان روحاني يتحدث في العاصمة الإيرانية طهران، أمام جموع من المؤيدين للنظام الإيراني، لمناسبة مرور 40 عاماً على انتصار "ثورة الخميني".
وبدأ روحاني كلمته بالحديث عن "إيران الكبرى" التي يروج لها القوميون الفرس، محاولاً كسب ودهم لصالح النظام الديني الذي كان طوال أربعة عقود يروج من خلال شعاراته "الأممية الإسلامية" المزعومة.
واستهل روحاني حديثه قائلاً: "إن شعبنا يعلم جيداً أنه قبل 205 سنوات، وفي فترة حكم ملوك القاجار الخونة فقد تم فصل أجزاء كبيرة من الأراضي الشمالية الإيرانية وفي القوقاز"، وفق قوله.
ويقصد روحاني السلالة القاجارية التركمانية التي حكمت إيران من 1779 إلى 1925، وكان آخر الشاهات القاجار أحمد ميرزا، حيث قام رئيس الوزراء رضا خان مير بنج، الذي اختار لاحقاً لقب "البهلوي"، بخلع أحمد ميرزا في 1926 لينهي السلالة القاجارية معلناً نفسه ملكاً لإيران.
وأضاف روحاني أنه "قبل 191 عاماً فصلوا جزءاً آخر من الأرض الأم، وفي 172 سنة اقتطعوا جزءاً كبيراً من شمال غرب إيران أيضاً".
ويقصد هنا جمهوريات آذربيجان وأرمينيا وجورجيا التي حازت على الاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وأشار الرئيس الإيراني في مقطع آخر من كلمته إلى الجوار الشرقي الإيراني، معتبراً هذه المناطق أيضاً تم فصلها عن إيران، وهي أراضٍ تشمل أفغانستان وبلوشستان باكستان، كما ادعى أن مناطق شمال شرق إيران أيضاً كانت جزءاً من إيران، وهي تضم أجزاء من جمهوريات تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان.
تاريخياً، فإن دول الخليج وجميعها تشكل الجزيرة العربية كانت دوماً عصية على الإمبراطوريات التوسعية من قبيل روما وفارس، وتؤكد الأحداث التاريخية في مجملها ذلك، كما أن هذه الجزيرة العربية هي منشأ ومعقل العرب من النواحي البشرية والحضارية والثقافية واللغوية والدينية، وحمل العرب راية الفتوحات التي أسقطت الإمبراطورية الفارسية وطردت روما من الشرق تماماً. إلا أن الرئيس الإيراني زعم في حديثه أن دول الخليج كانت إيرانية!
فقال روحاني بهذا الخصوص "وقبل 100 عام تم فصل جزء كبير من جنوب إيران، حيث تشكل اليوم عدداً من البلدان في جنوب الخليج التي تم اقتطاعها".
وكرر روحاني ادعاءات إيرانية سابقة بخصوص البحرين فقال "وقبل 47 عاماً أي قبل 7 سنوات من اندلاع الثورة الإسلامية في فترة حكم النظام البهلوي الخائن، تم فصل قسم مهم من جنوب إيران والذي كنا نقرأ بأنه من الناحية الجغرافية جزء من إيران، وتعتبر المحافظة الـ14، وتم ذلك على يد بهلوي".
ولا يختلف حسن روحاني في حديثه هذا كثيراً عن القوميين الفرس المتطرفين المعارضين للنظام الديني، وبهذا الخطاب يكشف للموالين للنظام الإيراني في المنطقة والعالم، النزعة التوسعية المبنية على محورية إيران والتي يطلق عليها في أدبيات النظام الإيراني اسم "أم القرى الإسلامية"، أما القوميون الفرس ذوو النزعة الآرية الذين يروجون لإيران الكبرى فلا يختلفون كثيراً مع روحاني في هذه القراءة، خاصة في معاداة العرب، وهذه النزعة ستبقى تؤجج الخلافات مع دول الجوار.
وإيران نفسها دولة مكونة من شعوب عدة، كالفرس والترك الآذريين والكرد والعرب والبلوش واللور والمازيين والجيلانيين، وبعد انحسار المد الديني بفعل الدولة الدينية، نمت الانتماءات القومية بين الشعوب غير الفارسية أيضاً، وقد بلغت في بعض الأحيان المطالبات الانفصالية.