بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

إيران.. كما تتصور نفسها

خامنئي مع نصر الله
AvaToday caption
المفارقة عند نظام إيران الإسلامي، وأزلامه العرب، تكمن في أنهم ـ على الرغم من إصرارهم أنهم منتصرون دائما ـ يندر أن ينقطعوا عن البكاء، وادعاء المظلومية
posted onDecember 26, 2018
noبۆچوون

حسين عبد الحسين

في الحرب العراقية ـ الإيرانية، التي اندلعت في العام 1980 واستمرت ثماني سنوات، دفعت انتصارات الإيرانيين ـ في السنوات الأولى للحرب ـ طهران إلى رفض قرار مجلس الأمن 598 الداعي إلى وقف إطلاق النار.

ولكن مع حلول العام 1986 ونيل صدام حسين بعض الحظوة في واشنطن، انقلبت الموازين، وراح العراقيون يتغلبون على الإيرانيين، ما أجبر روح الله الخميني على قبول قرار مجلس الأمن ووقف الحرب، في خطوة شبهها مؤسس الجمهورية الإسلامية الراحل بتجرعه السم.

على أن متابع وسائل إعلام إيران العربية، ووسائل إعلام تابعيها في العراق ولبنان واليمن، لن يعثر على خطاب الخميني الذي أعلن فيه هزيمته التي شبهها بتجرع السم؛ بل إن الدعاية الإيرانية تستفيض في الحديث عن انتصارها العظيم في الحرب التي تسميها "الجهاد المقدس". هذا هو التاريخ الذي يكتبه المنتصر، أو في هذه الحالة المهزوم، أي النظام الاسلامي، بسبب بقائه على قيد الحياة، وموت المنتصر، أي صدام حسين.

على هذا القياس هي انتصارات إيران وحلفائها. في حرب تموز/يوليو 2006، بين "حزب الله" وإسرائيل، أعلن الحزب اللبناني "انتصارا إلهيا". لا يهم أن "المقاومة"، التي كان يفترض أن تحمي لبنان، احتمت هي بلبنان، فبقي قادة "حزب الله" على قيد الحياة في مخابئهم، وواجه لبنان أقسى عملية دمار، وعانى اللبنانيون من خسائر بشرية بلغت 26 مرة عدد الخسائر في أرواح المدنيين الإسرائيليين.

وهكذا دواليك. النظام الإيراني وأتباعه العرب منتصرون دائما، إن في تجرعهم سم صدام حسين، أم في اعتراف زعيم "حزب الله" حسن نصرالله أنه لو كان يعرف شكل الدمار اللبناني الناتج عن الحرب مع إسرائيل لما كان دخل الحرب، أو في "انتصار" الرئيس السوري بشار الأسد على نصف الشعب السوري، القابع في مخيمات الشتات أو المدفون تحت ركام مدنه، أو في اليمن الذي "انتصر" فيه أتباع إيران، الحوثيون، حتى يعيش اليمنيون في أزمة كوليرا ومجاعة قاتلة.

والمفارقة عند نظام إيران الإسلامي، وأزلامه العرب، تكمن في أنهم ـ على الرغم من إصرارهم أنهم منتصرون دائما ـ يندر أن ينقطعوا عن البكاء، وادعاء المظلومية، وشتم "الغطرسة"، و"الاستكبار"، والعقوبات الأميركية، وكل ما هو ليس لإيران أو ليس بإمرتها.

والمفارقة أيضا في الدعاية الإيرانية إصرارها أن إيران توصلت إلى مستويات رفيعة في العلم، والتكنولوجيا، والزراعة، والصناعة. ثم تهدد إيران، التي يفترض أنها متفوقة ومكتفية ذاتيا، الأوروبيين أن صبرها سينفذ إن لم ينجح الأوروبيون في الاستدارة على العقوبات الأميركية.

من يطالع الدعاية الإيرانية قد يصاب بالدهشة لكمية التناقضات التي تشوب الموقع الواحد. وزير خارجية إيران جواد ظريف يصرّح مرارا أن حديث أميركا عن صواريخ إيران هو من باب الافتراء على الجمهورية الإسلامية. أما جنرالات إيران، فهم يصرّحون مرارا أن صواريخ إيران متفوقة وقادرة على ضرب أي هدف في المنطقة، أو حتى في العالم. أيهما يصدق المشاهد أو القارئ: ظريف أم العسكر؟ لا يهم. المهم أن إيران ضحية أميركا، ومنتصرة على أميركا في الوقت نفسه. إيران هي الضحية دائما، وهي المنتصرة المتفوقة على أعدائها دائما.

هذه هي الدعاية الإيرانية: متناقضة، متضاربة، ومليئة بالأكاذيب، خلاصتها أن عظمة إيران سابقة لعظمة كل الحضارات الأخرى، وباقية إلى ما بعد انهيار باقي الحضارات.

هكذا، بدون أن يرف له جفن، يقف خطيب الجمعة في طهران ليشير إلى تظاهرات "السترات الصفراء" في فرنسا، ويقول إن التظاهرات أكدت فشل الديمقراطيات الليبرالية في الغرب، وإنها أكدت نجاح نموذج الجمهورية الإسلامية.

لا يهم أن معدل الدخل في فرنسا يبلغ سبعة أضعاف نظيره في إيران. ولا يهم أن فرنسا هي بين الدول العشرة الأولى في العالم في العلوم، والاختراعات، والحريات، والفن، ونوعية المعيشة.

ليست إيران من عظمتها التاريخية بشيء. إيران التاريخية كانت تقف بين الحضارات. إيران كانت رائدة في الطب والصيدلة والكيمياء والحساب والجغرافيا والشعر والأدب والتجارة. أما إيران الإسلامية، فماكينة موت لمواطنيها ومواطني دول الجوار، تعتاش من ريع النفط، الذي تنفقه على استخباراتها، وتمول به دع ايتها البالية.