رفتن به محتوای اصلی

هل تعد مواقع التواصل الاجتماعي أدوات لصناعة كاتب حقيقي؟

هل تعد مواقع التواصل الاجتماعي أدوات لصناعة كاتب حقيقي؟
AvaToday caption
هناك من الكُتَّاب ممن يقوم بمشاركة مواعيد المناسبات والمشاركات التي يقوم بها في رحلته الأدبية، لإطلاع الجمهور على تنقلاته
posted onFebruary 9, 2019
noدیدگاه

لا يمكن إغفال الأثر الذي تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي في نقل المعرفة وتطويرها، أما فيما يتعلق بالأدب، فإن تلك الآلية من التواصل قد ساهمت في إظهار الكثير من الأدباء الناشطين على المنصات بشكل مستمر.

وتمثل مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا حيويًا في صناعة المنتج الذي يطمح إليه الكاتب، بالرغم من حالة الجدل حول الاستسهال من قِبل الكثيرين، بما يقدمونه من محتوى غير متوافق مع المعايير اللازمة لإنتاج نص حقيقي، إلا أن الكثير من الأدباء قد حققوا بصمة في فضاء الأدب عبر منشوراتهم هنالك، ومن خلال تلك المنصات الاجتماعية.

 فيستطيع الكاتب أن يتواصل مع مجتمع الكُتَّاب والناشرين، بهدف الترويج لأفكاره وإنتاجه الأدبي، كما أن الكاتب باستطاعته من خلال تلك المنصات، التواصل مع القراء ومعرفة انطباعاتهم حول ما يكتبه، أو ما تم نشره مسبقًا.

وهناك بعض الكتَّاب يقومون بعرض غلاف مطبوعاتهم المقبلة قبل نشرها، ومشاركتها مع القراء والمتابعين بهدف إعلاني، وأخذ انطباعاتهم حول شكل وتصميم الغلاف، مثلما فعل ستيفن كينج من خلال عرضه فيديو يشتمل تصميم غلاف كتابه للمتلقين، وفعل ذلك الكاتب الفلسطيني زياد خداش، والشاعر العراقي كاظم خنجر مؤخرًا، وغيرهم من الأدباء.

وهناك من الكُتَّاب ممن يقوم بمشاركة مواعيد المناسبات والمشاركات التي يقوم بها في رحلته الأدبية، لإطلاع الجمهور على تنقلاته، كما فعل أخيرًا الشاعر وديع سعادة، خلال تلقيه جائزة الأركانة العالمية في المغرب.

ويقوم العديد من الكتَّاب بمشاركة قائمة الكتب التي قاموا بقراءتها، من أجل تعريف المتابعين بنوعية الكتب التي يهتمون بها، ومن أجل حث الجمهور على القراءة، كما يفعل الكاتب أحمد جابر مع القراء.

ويتجه البعض من الأدباء إلى مشاركة المتلقي بكواليس الكتابة، والتعمق في تفسير فعلها وأثرها، وتقديم تعريفات لمحاورها وأفكارها، وسؤال الناس عن آرائهم في مفاهيم متعددة، مثل: الوحدة، والعزلة، والحب، والفراق.. إلخ، كما يفعل الكاتب وليد يزبك.

كما تقوم أكثرية من الأدباء، بمشاركة الجمهور، فقرات أو قصائد من إنتاجهم السابق، أو الحديث من أجل أخذ رأي المتابعين حول ما يكتبون، واستقراء المتلقي بشكل يضمن استمرار التواصل مع مؤسسة الفكر، التي يحملها الكاتب، وتفعل ذلك الغالبية العظمى من الشعراء والروائيين على المنصات الاجتماعية.

ويقوم كُتَّاب آخرون بتعزيز علاقاتهم مع المتابعين، بقيامهم بنشر تصاميم لكتاباتهم، أُرسلت لهم من قِبل المعجبين، وهو ما يصنع المزيد من الرغبة للمتابع، للتواصل مع هذا الكاتب.

ويتقرب الكاتب من الناس أكثر، بإظهاره الجانب الإنساني من شخصيته، من خلال إبداء تعاطفه حول حدث إنساني أو اجتماعي، وهو ما يعد إذاعة لإنسانيته، فهذا الجانب يتلقاه الناس بحفاوة. كما أن مشاركته مع الناس، للأطعمة والمشروبات التي يحبها، يثير المزيد من التفاعل، ويعزز وجوده.

ولا يقف الأمر عند ذلك، فهناك طرق عديدة يتبعها الكُتَّاب لإبقاء تلك الهالة من المتعة حولهم، من خلال تلقي المديح من المعجبين، من خلال نشر صور خاصة لهم، خلال رحلاتهم الخاصة، وخلال اليوميات العائلية، واللقاءات مع الأصحاب.

كما أن لجوء العديد من الأدباء، لنشر اقتباس من منشورهم الجديد، يعد بمثابة تسويق للمنتج، ومحاولة للفت الانتباه، وحث المتلقي على شرائه.

ولا يمكن إغفال دور منصات التواصل الاجتماعي في الترويج للكاتب، من خلال تداول أخبار فوزه بالمسابقات الأدبية، التي تصنع له صيتًا بين متابعين جدد، لم يكونوا ليعرفونه من قبل.

ومما لا يجب المرور عنه دون التلميح له، هو ما تقدمه منصات التواصل الاجتماعي من أدوات، بحيث  تساعد الكاتب على الانتشار، حيث إن تعليق المتابعين والأصدقاء، تظهره منصة فيسبوك، لأصدقاء أصدقاء الشاعر، وهذا ما يزيد من فرصة تعرفهم عليه ومتابعته، كما أن قيام المتابعين بمشاركة منشورات الكاتب المفضل لديهم، واستخدام أداة الإشارة له، كل ذلك يصنع شهرة غير مأخوذة في الحسبان.

وتستغل دور النشر تلك المنصات، من أجل التعرف على كُتَّاب جدد، والتعاقد معهم، وجزء من عملية الترويج من قبل دور النشر، يكون من خلال الاعتماد على تلك المنصات الاجتماعية، وهو ما يعد إشهارًا لمنتج الكاتب.

وقد باتت معارض الكتاب في مختلفة دول العالم، محطًا لأنظار الناس، بعدما تم نشر مواعيد تلك المعارض وأماكنها، وجداول أحداثها والأدباء المستضافين من خلالها، وكل ذلك يساهم بتعريف المتلقين بالكاتب، فتواجد الأديب في تلك المعارض، سهل من فرصة الالتقاء به، وهو ما لم يكن متاحًا من قبل.

ولا يمكن أن تكون منصات التواصل الاجتماعي، سببًا برفعة شأن كاتب غير حقيقي، وإن حدث ذلك لفترة، فلن يطول ذلك الوهج المزيف، لكنها تلك الأدوات الإلكترونية الاجتماعية، تصلح لأن تكون سندًا لإظهار كاتب، يمارس كل ما تتطلبه احترافية الكتابة في الواقع، ويلجأ لعرض منتجه، جزءًا، أو كلًا، لتدعيم مسيرته الأدبية.