نزار جاف
قبل فترة قصيرة، وعلى أثر إتصال تلفوني"مميز جدا" بين ابراهيم رئيسي وايمانوئيل ماکرون، أعلنت الحکومة الفرنسية عن إلغاء التظاهرة الکبرى التي کان يزمع آلاف الايرانيين القيام بها في باريس في الاول من تموز 2023، بمناسبة الذکرى الـ 42 لتأسيس المجلس الوطني للمقاومة الايرانية. على أثر هذا الخبر، شاعت فرحة طاغية من قمة رأس النظام الايراني الى أخمص قدميه.
فرحة کان من الواضح جدا بأن النظام کان يحتاجها الى أبعد حد لتلك الوجوه الکالحة من القوات الامنية التي کانت قد شعرت بإنهاك وبهبوط مريع في معنوياتها وهي تواجه شعبا منتفضا ضد النظام لقرابة 6 أشهر.
فرحة، کان النظام يحتاجها للتغطية على أوضاعه التي وصلت الى حد أن تصدر تصريحات بإحتمال بيع محافظة بحد ذاتها من أجل مواجهة الاوضاع الاقتصادية المتأزمة التي وصفها الخبير الاقتصادي الحکومي راغفر، قبل أيام قلائل، بأنها "تتجاوز حدود الازمة"، فرحة طبل ليس الاعلام الرسمي الايراني ولاسيما وکالتي "فارس" و"تسنيم" بصورة وصلت الى حد التهريج، بل وحتى طبل لها رجال الدين في خطبهم، ووصفوا حظر وإلغاء هذه التظاهرة بأنها نهاية لمجاهدي خلق وإن فرنسا وألبانيا ستطردهم، ووصل الامر الى حد التمادي بمطالبة الحکومة الفرنسية والالبانية بتسليم أعضاء مجاهدي خلق من أجل محاکمتهم في إيران، وهکذا وکما يقول المثل العراقي الظريف "على هالرنة طحينچ ناعم"، إستمر الحال خلال الايام الماضية حتى إنهم صوروا للشعب والعالم بأن مجاهدي خلق تبخرت وصارت عينا بعد أثر!
لکن، وکما في القول المصري الدارج "يا فرحة ما تمت"، فقد حدث في صباح يوم الـ 30 من حزيران المنصرم ما لم يکن ينتظره ويتوقعه، فقد صدر قرار من القضاء الفرنسي يبطل الحظر الحکومي على تلك التظاهرة ويغرمها بـ "1500" يورو کأتعاب للمحکمة! هکذا إذن، المظاهرة لم تلغى، بل ستقام وتحت حماية الشرطة الفرنسية، والانکى من ذلك، إن سائر قوى المعارضة الايرانية "ماعدا الملکية"، وقفت الى جانب مجاهدي خلق، وهو أمر ملفت للنظر وموقف غير مسبوق أظهر مدى خيبة وفشل النظام في مخططه هذا بالعمل من أجل حظر التظاهرة، وقطعا فإن هناك ثمة حقيقة مرة جدا سيتجرعها النظام مرغما وهي؛ إن ما قد قام به ضد هذه التظاهرة إضافة الى إنها قد إرتدت عليه سلبا وأصبحت بمثابة هزيمة سياسية ـ معنوية له، فإنها کانت دعاية إعلامية غير مسبوقة لهذه التظاهرة وهو ما أجد نفسي أصفه بغباء نظام عندما وضع نفسه في موقف أقل ما يقال عنه مثير للسخرية اللاذعة!
المثل العراقي الشهير "أجا يکحلها عماها"، وهذا ما حدث تماما للجهد الذي قام به رئيسي من إتصاله الهاتفي الذي إستغرق 90 دقيقة، والمشکلة التي يجب أن يتفرغ لها النظام الان تکمن في آثار وتداعيات الحملة الفاشلة التي قام بها رئيسي و"خرج فيها من دون حمص"، على الشعب الايراني الذي سيتابع أکثر من غيره ليس التظاهرة فقط بل وأعمال التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية لهذه السنة والتي تعتبر بحق غير مسبوقة خصوصا وإنه يأتي على أثر الانتفاضة التي دامت لأشهر عديدة.
التوسل بالمخططات التآمرية والصفقات المشبوهة ذات الطابع الابتزازي، لا يمکن أبدا أن تحقق هدف النظام بالقضاء على مجاهدي خلق ويبدو إن هذا النظام لايأخذ العبر من التأريخ ليس البعيد بل والقريب جدا کما فعلها في عهد الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك، ناهيك عما فعله بعد ذلك في العراق أيام کان الاشرفيون من أعضاء مجاهدي خلق هناك، وفي الوقت الذي يصر هذا النظام على السباحة عکس التيار وإستخدام منطق "حتى لو طار فإنه عنزة وليس غراب"، فإن مجاهدي خلق مستمرون بنشاطاتهم وبمواجهتهم مع النظام فهم بعد أن وقفت کل المعارضة الايرانية "ماعدا الملکية" الى جانبها في حظر تظاهرتهم، فإن 25 برلمانا أعلن عن دعمه وتإييده لبرنامج مرين رجوي ذو العشرة بنود، الى جانب أن 117 من رٶساء الجمهورية والحکومات السابقين قد أعلنوا نفس الموقف، والاحرى برئيسي وحکومته "التعبانة" والتي تعاني من عدوى "الاقالات والاستقالات"، أن يشغل نفسه بما وعد به ولي أمره من تحسين وضع الاقتصاد ورفع مستوى الانتاج الذي يعرف رئيسي قبل غيره إنه مجرد سراب ووهم جديد آخر ولاشئ غير ذلك!