تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

منفذ الزرباطية العراقية – الإيرانية خزينة ميليشيات لجمع الثروة

أموال تذهب لجيوب الميليشيات العراقية
AvaToday caption
محافظة ميسان، يعتبر منفذ الشيب الذي أفتتح في العام 2010 واحدًا من أهم المعابر الحدودية مع إيران، ويشكل موردًا اقتصاديًا كبيراً، وعلى الرغم مما يمثله المنفذ من أهمية اقتصادية للبلاد
posted onMarch 19, 2019
noتعليق

حريق مفاجئ يخفي وثائق "مهمة وحساسة" كان يفترض أن تخضع للتدقيق بمنفذ زرباطية الحدودي مع إيران في محافظة واسط، أثار  اتهامات وشكوكًا بالفساد، استبق بعضها نتائج أي تحقيق قد يتم الشروع فيه لكشف ملابسات الحادث.

ليعيد ملف فساد المنافذ الحدودية إلى الواجهة، حيث لم تستغرب لجنة النزاهة في البرلمان نشوب الحريق، كاشفة بالأرقام حجم الفساد في منافذ البلاد، لصالح أحزاب وميليشيات.

 

كرفان منفذ زرباطية الذي طاله الحريق

 

نار في زرباطية!

وأعلن محافظ واسط محمد جميل المياحي، السبت 16 آذار/مارس، احتراق كرفان الأرشيف الأساسي بمنفذ زرباطية الحدودي مع إيران، مبينًا أن الكرفان المحترق، يحتوي "أهم الوثائق من إجازات استيراد وأضابير مهمة ومستمسكات، كان من المفترض أن تخضع للتدقيق".

أضاف المياحي مستغربًا في بيان له، أن "الحريق اندلع بأرشيف المنفذ، بالتزامن مع تواجد لجنة من ديوان الرقابة المالية لغرض التدقيق"، مطالبًا رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، والجهات المختصة بـ "التدخل بشكل فاعل ومباشر لكشف ملابسات الحادث".

 فيما شدد على ضرورة التوصل إلى نتائج بشأن ما جرى وعدم تسجيله كحادث سببه تماس كهربائي "كما جرت العادة" في مثل تلك الحوادث، في إشارة إلى حوداث مشابهة سابقة طالت مؤسسات حكومية لـ "لإخفاء ملفات فساد كبيرة"، وفق مراقبين.

من جانبه أكد مدير مكتب محافظ واسط، رياض العكيلي، إن "الحكومة المحلية لا تمتلك أي صلاحيات لتشكيل لجان تحقيقية"، مبينًا، أن "صلاحيات إدارة المحافظة تقتصر على المراقبة والمخاطبة والمطالبة".

لكن ناشطين كشفوا مبكرًا بشكل ساخر نتائج التحقيق في الحادث، محملين مسؤولية ما جرى إلى المتهم المعتاد في مثل تلك الحوادث "التماس كهربائي"، فيما رأوا أن "الحادث سيطمطم مقابل كم شدة"، في تعبير عن إغلاق التحقيقات وإخفاء المتهم في مثل هذه الحوادث مقابل الأموال.

المنافذ، مزرعة الميليشيات والأحزاب!

الحريق الجديد فتح الباب مجددًا أمام الشبهات القديمة بالفساد، ليس في منفذ محافظة واسط فحسب، بل في جميع المنافذ الحدودية في البلاد والبالغ عددها أكثر من 20 منفذًا موزعة على الحدود مع كل من سوريا، الأردن، إيران، تركيا والسعودية، وحجم السرقات التي تجري فيها سنويًا والتي تقدر بمليارات الدولارات.

كان رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، قد عد ملف المنافذ الحدودية واحدًا من أبرز ملفات الفساد في البلاد، في إطار حملة كشف عنها لمحاربته في البلاد، بدأ بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، فيما طلب مساعدة البرلمان في ذلك.

وتقدر واردات المنافذ الحدودية بمليارات الدولارات سنويًا، يذهب جزء يسير منها إلى خزينة الدولة، فيما  تسيطر "مافيات خطيرة" تتألف من سياسيين وأحزاب وميليشيات على القسم الأعظم من الواردات، وسط إهمال كبير تعاني منه البنى التحتية الخاصة بالمنافذ، وفق جهات رسمية وبرلمانية.

حيث كانت عضو اللجنة المالية النيابية، ماجدة التميمي، قد كشفت في وقت سابق، عن عمليات فساد بمليارات الدولارات في المنافذ الحدودية، مؤكدة في تصريحات صحافية، أنه "لا أحد يستطيع الحديث مع مافيات الفاسد التي تسيطر على المنافذ الحدودية، لأنهم يهددونه، كما أنهم يسيطرون على مواقع التواصل الاجتماعي ويقومون بتسقيط وإتهام من يتحدث عن الجمارك، باتهامات باطلة".

في محافظة ميسان، يعتبر منفذ الشيب الذي أفتتح في العام 2010 واحدًا من أهم المعابر الحدودية مع إيران، ويشكل موردًا اقتصاديًا كبيراً، وعلى الرغم مما يمثله المنفذ من أهمية اقتصادية للبلاد، إلا أنه يعاني من نقص وتردي واضح في البنى التحتية وغياب المرافق الصحية المناسبة وغياب واضح لوسائل نقل حديثة أو تقديم خدمات جيدة للمسافرين، الأمر الذي يعكس حجم الإهمال لدى إدارته، فيما  تفيد تقارير صحافية بخضوع الشيب إلى "تأثيرات حزبية وعشائرية كبيرة، إضافة لتأثيرات بعض السماسرة والمافيات التي تتحكم بشكل كبير بسير البضائع وتمريرها، عبر صفقات تجري يوميًا".

جنوبًا أكثر، ليس الحال أفضل في منفذي الشلامجة وسفوان بمحافظة البصرة، حيث "الإهمال والفساد"، فيما كان رئيس هيئة المنافذ الحدودية كاظم العقابي، قد أكد في شباط/فبراير الماضي، "وجود تأخير واضح في بناء وتطوير منفذي الشلامجة وسفوان"، عازيًا السبب إلى الفساد "الذي مايزال موجودًا".

وأضاف العقابي، في بيان له، أن "نسبة الإنجاز في منفذ الشلامجة هي%0، على الرغم من استلام المقاول السلفة التشغيلية، فيما بلغت نسبة الإنجاز بمنفذ سفوان  %17فقط".

يذكر أن عملية تأهيل منفذ الشلامجة كانت قد اُحيلت لشركة عراقية، رُصدت لها الأموال منذ 7 أعوام مضت، لكن المنفذ الحدودي مع إيران لم يشهد أي عملية إعمار تذكر، ليبادر مجموعة تجار إيرانين إلى تعبيد شوارعه على حسابهم الخاص، خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، نظرًا للفائدة المالية الكبيرة التي يوفرها المنفذ، والذي يتسبب تراجع البنى التحتية فيه بتعطل بضائعهم الواردة إلى البلاد.

 

منفذ زرباطية الذي طاله الحريق

 

حجم الفساد.. بالأرقام

بدورها لم تستغرب لجنة النزاهة في مجلس النواب، وقوع حادث الحريق في منفذ زرباطية، كاشفة عن "مليارات الدولارات" التي تذهب بعمليات فساد كبرى، مقابل مبالغ تكاد لا تذكر تعود إلى خزينة الدولة، مقارنة بما تدره المنافذ الحدودية على مدار السنة.

يقول عضو  اللجنة يوسف الكلابي في حديث صحفي، إن "متوسط الأموال التي يجب أن تجبى حسب القوانين على دخول البضائع عبر المنافذ الحدودية للبلاد، تقدر بنحو 15 - 20 مليار دولار سنويًا، من ضرائب ورسوم كمركية تفرض على البضائع، وتذهب لخزينة الدولة"، مبينًا أن "خزينة الدولة لم يصلها خلال السنوات الماضي وحتى العام الجاري سوى معدل أموال تراوح بين 2 – 2.5 مليار دولار في أحسن الأحوال، فيما يذهب الباقي حصصًا لعمليات الفساد".

يرى الكلابي، أن عمليات الفساد في المنافذ الحدودية "كبيرة جدًا"، مؤكدًا أن "لجنته فتحت ملفًا بخصوص منافذ البلاد، وخلال الشهرين المقبلين سنصل إلى إحصائيات وإحداثيات عن الفساد الموجود لإتخاذ ما  يلزم ومحاسبة الفاسدين".

 

عادل عبدالمهدي

 

الكمارك ترد.. هل هذا معقول؟

لكن الهيئة العامة للكمارك نفت كل تلك الاتهامات، واستغربت"استغلال" الحادث والتشكيك بخلفيات حدوثه، فيما نفت تعرض وثائق مهمة للتلف نتيجة للحريق.

وقالت الهيئة في بيان صدر عنها، اليوم الإثنين 18 آذار/مارس، إن الحادث في منفذ زرباطية "كشف حجم المعاناة وتهالك البنى التحتية للمنافذ، وحجم المعاناة التي تقع على عاتق موظفيها بسبب تهالك البنى التحتية للمنافذ وافتقادها لأبسط مقومات العمل الكمركي".

فيما أكدت أن "الحيثيات التي تسببت في اندلاع الحريق و حجم الخسائر التي سببها، أشارت إلى توفر الظروف الملائمة للاشتعال بسبب تهالك كرفان (السندويج بنل) و تزويده بالكهرباء بطريقة غير نظامية ساعدت على حدوث تماس كهربائي مع هطول الأمطار وسوء الأحوال الجوية".

أكدت الهيئة أيضًا، "عدم وجود خسائر" للوثائق الرسمية وأن الحادث لم يكن في الأرشيف الأساسي للمنفذ، و"إنما حدث في الكرفان الذي  تخزن فيه نسخ من التصاريح الجمركية التابعة لقسم المنفيست، والتي ترسل نسخها الأصلية الى مقر الهيئة العامة للكمارك /قسم تدقيق التعريفة، وبشكل دوري حيث كان آخر ارسال في 10 آذار/مارس الجاري، فضلا عن ارسال نسخ إلكترونية على قرص (CD) إلى قسم الحاسبة في الهيئة، وفقًا للبيان.

كما أبدت الهيئة، استغرابها لـ "استغلال" هذا الحادث والتشكيك بخلفيات حدوثه، واستغربت أيضًا، زج زيارة ممثلي ديوان الرقابة المالية للمنفذ فيه، مبينة أن "الزيارة جرت في يوم الإثنين الماضي   11 آذار/مارس، أي قبل خمسة أيام من الحادث الذي وقع مساء السبت 16 آذار/مارس، وأن الزيارة تأتي في مهمة تدقيقية يقوم بها الديوان بشكل دوري، وقد أجابهم المركز في حينها على كافة الاستفسارات بكتب رسمية".

وحملت الهيئة العامة للكمارك، الجهات التي يقع على عاتقها توفير البنى التحتية للمنافذ الحدودية، "المسؤولية كاملة عن الحادث"، فيما تساءلت: "هل من المعقول أن المراكز الكمركية التي تدر المليارات، تخزن أوراقها الرسمية في كرفانات ويسكن موظفوها في ذات الكرفان، متعرضين لأبشع الظروف الجوية فضلًا عن التهديدات التي يتعرضون لها، دون توفير الحماية اللازمة لهم".