تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل يكون لبنان جائزة ترضية لإيران؟

حزب الله
AvaToday caption
هذه المواقف لا تكفي الأميركيين ولا الإسرائيليين لكي يقتنعوا ان "حزب الله " ومن خلفه ايران لا ينوي احداث مفاجأة والتورط في حرب تقلب المشهد الشرق اوسطي برمته
posted onJanuary 9, 2024
noتعليق

علي حمادة

قبل ان يظهر الأمين العام ل “حزب الله" السيد حسن نصرالله على شاشات التلفزة للإدلاء بكلمته الثانية في اعقاب اغتيال القيادي في حركة فتح صالح العاروري، صدرت الكلمة الفصل حول التصعيد على جبهة لبنان من طهران من خلال بيان منسوب الى "الحرس الثوري" الإيراني الذي تحدث عن ان "الصبر الاستراتيجي للمقاومة و "حزب الله" لن يخرج عن إطار العقلانية والمنطق". كانت هذه الإشارة التي مهدت لكلمة نصرالله التي تحدث فيها عن ان الرد على اغتيال العاروري في قلب الضاحية الجنوبية سوف يكون حتميا. لكنه ارفق الإشارة بموقف مبطن لكنه كان واضحا فتح فيه باب المسار الدبلوماسي من خلال قوله ان "امام لبنان فرصة تاريخية لتحرير الأرض اللبنانية ووقف الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية" مضيفا أن "أي نقاش في ملف الحدود وتسويتها مؤجل الى ما بعد وقف اطلاق النار على غزة".

بهذا المعنى يكون "حزب الله" بعث برسالة تطمينية للأميركيين والإسرائيليين ان جبهة لبنان لن تفتح اذا لم يشن الإسرائيليون الحرب. وبذلك يكون جرى التراجع عن التهديدات بتوسيع رقعة المواجهة على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وفقا لتطورات الحرب في غزة.

وفي المقابل وفي انتظار انتهاء حرب غزة وضع التفاوض الدبلوماسي حول ترسيم الحدود البرية على نار هادئة. ف "حزب الله" يحتاج الى جائزة ترضية في مقابل عدم التورط في حرب. والجائزة يمكن صرفها في السياسة اللبنانية وتوسيع حصة الحزب المشار اليه في تركيبة النظام اللبناني المعدّل بالقوة والسلاح.

طبعا هذه المواقف لا تكفي الأميركيين ولا الإسرائيليين لكي يقتنعوا ان "حزب الله " ومن خلفه ايران لا ينوي احداث مفاجأة والتورط في حرب تقلب المشهد الشرق اوسطي برمته. لكن التحذيرات الاميركية من خطورة الوضع على جبهة لبنان عكست بوضوح قلق واشنطن إزاء نوايا الطرفين المعنيين، أي إسرائيل و"حزب الله" حيث يمكن ان يكون احدهما او الاثنان معا يضمران غير ما يعلنان.

لكن مواقف نصرالله التي عبر عنها حتى الآن بأربعة خطابات متلفزة تميزت بتحفظ شديد فيما يتعلق بالتورط في حرب. وعلى الرغم من ان الحزب المذكور دخل منذ 8 تشرين الأول (أكتوبر) حرباً استنزافية مع إسرائيل، لكنه لم يتخط حدودا يمكن ان تعتبر من الجانب الآخر اعلانا للحرب المفتوحة والشاملة.

ومني "حزب الله" بخسائر كبيرة في المناوشات العسكرية مع إسرائيل، وتخطى عدد مسلحيه الذين قضوا منذ بدء المناوشات اكثر من 160 رجلاً، بينهم عدد من القادة الميدانيين الرئيسيين. وحتى عندما اعلن يوم السبت الماضي عن رد اولي على اغتيال صالح العاروري، اقتصر الامر على استهداف موقع عسكري جرى تضخيم أهميته لإبهار جمهور كان يتوقع شيئا آخر غير الذي حصل منذ عملية "طوفان الأقصى"!

في مطلق الأحوال، يمكن القول إن جبهة لبنان مضبوطة ومنضبطة حتى الآن. قرار التصعيد نحو حرب ليس بيد "حزب الله" بل بيد ايران حصراً. والحديث الصادر من مسؤولين إيرانيين عن علاقة طهران مع فصائلها ليس صحيحا. ففي التفاصيل المحلية في كل بلد من البلدان التي تنتمي اليها، تمتلك هذه الفصائل، ومن بينها "حزب الله" هوامش واسعة لاتخاذ قرارتها المحلية التي لا تؤثر سلبا على مصالح ايران الاستراتيجية في البلد المعني او في المنطقة بشكل عام. لكن عندما يتعلق الامر بقرارات كبيرة في الإقليم مثل التورط في حرب مع إسرائيل او في الظرف الحالي مع الولايات المتحدة، فهذه قرارات لا تملك قيادة "حزب الله" المحلية ان تتخذها مهما علا كعب قادتها ورموزها.

اذا جبهة لبنان بظروفها الخاصة المرتبطة بوضع لبنان الداخلي الذي يؤخذ في الاعتبار الى حد لا يتعارض مع مصلحة النظام الإيراني، تبقى وستبقى كما في حرب 2006 وبسلاح "حزب الله" رهناً بقرار يصدر في طهران وليس في بيروت.