تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إيران تستعين بـ"طالبان" لضرب جيش العدل البلوشي

قوات حرس الحدود
AvaToday caption
على رغم من مرور أكثر من عامين من عمر نظام طالبان في أفغانستان، لم تنشر أي تقارير موثقة تتحدث عن اتخاذ الحركة الأفغانية إجراءات عملية ضد جيش العدل البلوشي
posted onDecember 20, 2023
noتعليق

أدى الهجوم الدموي الذي شنته قوات "جيش العدل البلوشي" على مركز شرطة الحدود بمدينة راسك في محافظة سيستان وبلوشستان منتصف ديسمبر (كانون الأول) الجاري، إلى مقتل ما لا يقل عن 12 شرطياً وإصابة آخرين، ليظهر هذا الهجوم فشلاً ذريعاً للأجهزة الاستخبارية الإيرانية.

ولمحافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية حدود مشتركة مع أفغانستان وباكستان، ولهذا السبب فإنها مهددة من الجماعات الإرهابية وتجار المخدرات والمجرمين.

وفي تصريح للرئيس السابق للأمن القومي الأفغاني رحمة الله نبيل، تعقيباً على هجوم "جيش العدل" في سيستان وبلوشستان، قال إن هذه الجماعة سبق وقاتلت ضد قوات الأمن الأفغانية في عام 2021 بعدد من الأقاليم دعماً لحركة طالبان وتسببت في سقوط إقليم نيمروز بيدها.

وزعم رحمة الله نبيل أنه وخلال تزايد هجمات حركة طالبان في أغسطس (آب) 2021 لإطاحة النظام الجمهوري في كابول، أرسلت الاستخبارات الباكستانية 600 عنصر من مقاتلي "جيش العدل البلوشي" إلى محافظة نيمروز وهرات وفراه لمساعدة "طالبان".

وسبق أن هدد حميد خراساني، أحد القادة السابقين في حركة طالبان، النظام الإيراني في أبريل (نيسان) 2022، بقوله إنه إذا ما لم تغير طهران سلوكها تجاه المهاجرين الأفغان فإنهم لن يتوقفوا عن دعم جيش العدل البلوشي.

ليس هذا فحسب، بل غرد "خراساني" على منصة "إكس"، قائلاً إن "إيران جارة لنا وتعهدنا أن أية دولة لن تتضرر انطلاقاً من الأراضي الأفغانية، لكن في المقابل يجب أن تتحمل طهران المسؤولية الكاملة عن مقتل عديد من الأفغان المهاجرين".

وتابع، "إذا ما عززنا قدرات جيش العدل البلوشي، فستضطر إيران إلى الاعتذار مرة أخرى. على طهران أن تغير سلوكها تجاه المهاجرين الموجودين على أراضيها.

ولم يشارك حميد خراساني في اتخاذ القرارات السيادية في نظام طالبان، إلا أن رئيس الأمن في شرطة محافظة بنجشير هو الداعم الرئيس له.

في الحقيقة، خاض "جيش العدل" البلوشي كثيراً من الاشتباكات المسلحة ضد الحرس الثوري وقوات حرس الحدود الإيرانية في محافظة سيستان وبلوشستان، إذ هاجمت عناصره في الثامن من يوليو (تموز) الماضي، مركز الشرطة في مدينة زاهدان وقتلت ضابطاً وجندياً إيرانيين.

ونظراً إلى نشاطها المسلح، صنفت جماعة جيش العدل "إرهابية" من الولايات المتحدة واليابان ونيوزيلندا وإيران. كما أكد بعض المسؤولين في الحكومة الأفغانية السابقة أن تلك الجماعة قاتلت في أكثر من مناسبة إلى جانت قوات طالبان.

واليوم تشعر إيران بالقلق شديد إزاء احتمالية هجوم جيش العدل و"داعش" من الأراضي الأفغانية على حدودها الشرقية. ولهذا السبب، اتخذت إجراءات عملية لتوسيع نطاق التعاون مع "طالبان"، إذ طلبت طهران من الحركة عدم السماح للجماعات المسلحة التي تهدد مصالحها بالعمل في أفغانستان واتخاذ إجراءات عملية ضدها.

هذا وعلى رغم من مرور أكثر من عامين من عمر نظام طالبان في أفغانستان، لم تنشر أي تقارير موثقة تتحدث عن اتخاذ الحركة الأفغانية إجراءات عملية ضد جيش العدل البلوشي.

كما أن "طالبان" لا تريد التحدث عن هذه الجماعات المسلحة، ولم تشتبك مع الميليشيات والإرهابيين الذين تعاونوا معها في قتالها ضد الحكومة الأفغانية، وتخشى "طالبان" من أن يؤدي الضغط على هذه الميليشيات، بناء على طلب دول الجوار، إلى توحد الجماعات المسلحة ضدها على الأراضي الأفغانية، وهو ما يجعلها تتصرف بحذر.

ومن ناحية أخرى فإن نظام طالبان الساعي إلى انتزاع اعتراف دولي، ينفي وجود أي نوع من التعاون مع الجماعات المسلحة والإرهابية بالمنطقة، لكنه لا يوجد أي دليل على هذا النفي. و"داعش خراسان" هي الجماعة الوحيدة التي تقاتلها "طالبان" في أفغانستان.

ولم تسيطر الحكومات الأفغانية المتعاقبة على كامل الحدود، ولهذا السبب، هناك حركة غير شرعية في تلك المناطق، بخاصة مع إيران وباكستان، وبالتالي هناك قلق من تنقل هذه الجماعات الإرهابية والمسلحة بين البلدان الثلاثة.

وتسببت قوات الحدود التابعة لنظام طالبان في اشتباكات حدودية أكثر من مرة في مقاطعتي نيمروز وهرات مع الجانب الإيراني، ويصف بعض المحللين العسكريين أفغانستان في عهد حكم طالبان بأنها مخزن مليء بالبارود وإذا ما انفجر قد يخلق أزمة كبيرة في المنطقة.

ولحركة طالبان تجربة في توظيف واستخدام الأساليب الدعائية المختلفة لتجنيد الأفغانيين والإبقاء على مفاهيم الجهاد والقتل بين قواتها ومؤيديها.

وكانت طالبان تمكنت من حشد عديد من القوات من خلال رواية احتلال أفغانستان ووجود الدول الكافرة في البلاد، وعليه فإن هناك مخاوف حقيقية من أنه إذا ما توترت العلاقة بين طالبان وطهران، فإن الحركة ستدفع بقواتها وحلفائها من الجماعات الأخرى إلى الحدود الشرقية مع إيران.

وكما هو معلوم فإن حركة طالبان وطوال العقدين الماضيين، حاربت الحكومة الأفغانية وحلفاءها الأقوياء مثل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي أغسطس (آب) 2021 تمكنت من السيطرة على أفغانستان مرة أخرى.

لكن إيران وباكستان الدولتان اللتان فرحتا بالانسحاب من أميركا والناتو من أفغانستان، لم تتوقعا أن يزداد خطر الإرهاب في نظام طالبان، إذ تشجعت الجماعات المسلحة والإرهابية في المنطقة بانتصار الحركة في أفغانستان، وتحاول إطاحة الأنظمة السياسية في المنطقة باستخدام القوة في هجماتها.

وخلاصة القول فإن باكستان التي تعتبر من أهم الداعمين الرئيسين لحركة طالبان، تواجه اليوم عنفاً متزايداً من الجماعات المتطرفة والإرهابية، فيما يواصل جيش العدل البلوشي هجماته على إيران.