تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

يوسف شاهين؛ ذاتٌ تفبض على الصورة

يوسف شاهين
AvaToday caption
عكس شاهين مجموعة عقَد أساسية، منها اضطراب الشخصية النرجسية بحسب بعض الباحثين، حيث يتولّد لديه رغبة أن يصبح محطّ إعجاب الجميع، ويفقد التعاطف مع الآخرين، ويغلّب مزاجه في التعامل مع فريق عمله الذين كان يقمعهم على نحو مبالغ فيه
posted onJanuary 26, 2021
noتعليق

يصادف يوم الخامس والعشرون من كانون الثاني/ يناير، ذكرى ميلاد المخرج السينمائي المصري يوسف شاهين (1926 – 2008).

منذ نهاية السبعينيات، أدار يوسف شاهين ظهره للآراء التي انتقدت هيمنة سيرته الذاتية على مجمل ما قدّم من أفلام حتى رحيله، ولم يأبه بعدم الإقبال على بعضها جماهيرياً، وظلّ يعتقد أن حضوره في المهرجانات المصرية والعاليمة ونيله الجوائز كافٍ لتقدير إبداعاته، وحتى حين خفت هذا الحضور أصرّ على رؤيته التي عبّر عنها بقوله "إذا كان علي أن أقدم أفلاما على أرضية (الجمهور عايز كده) فالأجدى بي أن أترك الإخراج، وامتهن أية وظيفة أخرى".

أيّة مهنة أخرى كانت ستستوعب المخرج السينمائي المصري (1926 – 2008) الذي تحلّ اليوم الإثنين ذكرى ميلاده؟ وهو الذي قرّر بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967 أن يغادر رومانسية طغت على العديد من الأعمال السينمائية آنذاك، وذهب إلى أبعد من ذلك من خلال محاولاته تصفية حساب مع سيرته الشخصية، ويتحدّث عن عُقده ورواسب الطفولة، وأفكاره وأحلامه التي قد يخجل البعض روايتها، وكان مؤمناً أن هذه المساحة يشترك فيها مع جميع الناس حتى لو لم يعيشوا كامل تفاصيلها.

في فيلم "عودة الابن الضال" (1976) الذي شاركه كتابة السيناريو الشاعر صلاح جاهين، كان محمود المليجي (الذي مثّل دور الجد) يحاول إقناع حفيده (الذي مثل شخصيته هشام سليم) أن يفكر بمستقبله نائياً بنفسه عن الأفكار المتوارثة، وكأنه يحضّه على البحث عن أمل يأتيه دون انتماء للمنظومة السائدة وقيمها.

المخرج الدكتاتور سيسعى مع جميع الفنانين الذين أدّوا جانباً من شخصيته، أن يخضعوا لتصوراته بالمطلق، وكان يختلف معهم إذا ما أرادوا تغييراً في صورتهم التي لم يراها إلا نفسه؛ معادلة كرّسها بنزقه وشخصيته الغاضبة المرحة في آن، كما فعل في فيلم "إسكندرية.. ليه" (1978) الذي يتناول فترة شبابه في الإسكندرية مركّزاً على طبيعة الحياة الاجتماعية المتسامحة في المدينة، في لحظة كان الشباب المصري يحلم بالتحرّر من الاستعمار الإنكليزي، وكان عدد من يهود الإسكندرية يغادرون مدينتهم للالتحاق بالعصابات اليهودية في فلسطين عشية احتلالها.

عكس شاهين مجموعة عقَد أساسية، منها اضطراب الشخصية النرجسية بحسب بعض الباحثين، حيث يتولّد لديه رغبة أن يصبح محطّ إعجاب الجميع، ويفقد التعاطف مع الآخرين، ويغلّب مزاجه في التعامل مع فريق عمله الذين كان يقمعهم على نحو مبالغ فيه، ويتحدّت كثيراً عن فرادة شخصيته وإبداعه التي قدّمها الممثلون الذين أدوا سيرته الذاتية في أربعة أفلام هي: "حدوتة مصرية" (1982)، و"إسكندرية كمان وكمان" (1990)، و"إسكندرية – نيويورك" (2004)، إلى جانب "إسكندرية.. ليه"، وكذلك الصعوبات والمشاكل المعقّدة التي تعرّض إليها، وشغفه بالمديح المتواصل الذي يكال عليه.

بعد مرحلة قدّم خلالها صاحب "ابن الليل" (1951) أفلاماً عديدة ركّزت على الصراع الاجتماعي والواقع السياسي المعاصر في مصر المعاصرة مثل "صراع في الوادي" (1954) و"صراع في الميناء" (1956) و"باب الحديد" (1958)، انعطف شاهين نحو تلك المساحة التي يغلب فيها الذاتي ونظرته إلى المرأة وارتباكات ميوله العاطفية/ الجنسية، أو قصصاً تاريخية اهتمً بإبراز جوانب تتعلّق بلحظات التسامح بين الأديان التي تمتزج دوماً لديه كمذهب واحد يحضّ على الجمال والفن لدى عدد من أتباعها، أو إبرازه تفاصيل صغيرة في قصص حب أو علاقات مركّبة تبدو هاربة من أحلامه وكوابيسه.