تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

94 مليار دولار إجمالي الفساد المالي في إيران

إيران
AvaToday caption
مسار نمو الفساد المالي والاقتصادي وحجم الأرقام الضخمة المكشوف عنها التي لم يكشف عنها بعد، ستبقى مخفية بسبب الارتباطات البينية بين المؤسسات الأمنية والعسكرية في بنية النظام التنفيذية
posted onDecember 20, 2023
noتعليق

في جلسة حوار علمية أعلن البرلماني السابق والأستاذ في جامعة علامة طباطبائي حشمت الله فلاحت بيشة، أن حجم الفساد الاقتصادي الكبير في إيران يقدر بأكثر من 57 مليار دولار أميركي، مضيفاً أن هذا الرقم يساوي إجمالي القرض الذي حصلت عليه كوريا الجنوبية من صندوق النقد الدولي، إذ أنقذت اقتصادها المفلس وأصبحت اليوم واحدة من أكبر 10 اقتصاديات في العالم.

وبين فلاحت بيشه في تحليله أن أحد الأسباب التي تؤدي إلى خلق أرضية مناسبة للفساد الاقتصادي الواسع النطاق هو تراجع مكانة السلطات الثلاث في النظام السياسي، وزعم أن فضحية الفساد المالي التي عرفت بـ"شاي دبش" هي إحدى نتائج رغبة المسؤولين لإدارة البلاد خارج نطاق الرقابة والتفتيش.

واعتبر النائب السابق عن مدينة إسلام آباد غرب في البرلمان، أن السلطات تغض الطرف عن وجود المشاكل باعتبارها أكبر مشكلة في البلاد، وشدد قائلاً إن الادعاء بأن الوضع الحالي مثالي، سيؤدي بالضرورة إلى تراكم المشكلات والأضرار وسيغرق البلاد في دوامة، لأن هذه القضية بحد ذاتها تشكل عائقاً أمام طرق التنمية.

وبناء على ما قاله العضو السابق في لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، فإن رد فعل وصمت البرلمان ضد فضحية "شاي دبش" تظهر أننا في الطريق إلى تشكيل أقلية سياسية في هيكل النظام الإيراني، مؤكداً أن هذه الأقلية تشكلت من خلال "تهميش وتجاوز صلاحيات البرلمان وأجهزة الرقابة والتفتيش والحوسبة، مما أدى هذا إلى الربط بين السلطة والثروة".

وكما يبدو أن تحذير فلاحت بيشه، والرقم الذي أشار إليه، يتعلقان بقضايا فساد اقتصادي واسع النطاق يعود للسنوات القليلة الماضية فقط، بينما يقدر أن مجموع قضايا الفساد الاقتصادي في العقدين الماضيين أكبر بكثير من 57 مليار دولار أميركي.

تحدثت صحف إيرانية عدة من خلال نشرها قائمة تضم 12 قضية فساد اقتصادي كبيرة كشف عنها بين عامي 2010 و2021، وقالت إن إجمالي الفساد الاقتصادي المكتشف في البلاد بلغ 94 مليار دولار أميركي.

ومن قضايا الفساد المالي والاقتصادي التي كشف عنها خلال السنوات الـ12 الماضية: قضية الفساد المالي لبنك "آريا" المتعلق بـ"مه آفريد خسروي" ومجموعته الاقتصادية التي تعرف بـ"آريا" في عام 2011، التي بلغت 3 آلاف مليار تومان (700 مليون دولار)، وقضية استيراد فول الصويا التي بلغت 700 مليون دولار، وقضية الفساد المالي والاقتصادي لبابك زنجاني بإجمالي 8 آلاف مليار تومان (2.3 مليار دولار)، وقضية وحيد مظلومين التي عرفت بقضية "سلطان الذهب" التي بلغت 14 ألف مليار تومان (مليار دولار)، وقضية الفساد المالي والاقتصادي المتعلقة ببنك "تات" التي بلغت 5.3 مليار دولار، وقضية الفساد المالي المتعلقة بالعملة الصعبة (الدولار) من البنك المركزي التي بلغت 4 مليارات دولار، وقضية مديري الشركات البتروكيماويات في عام 2019 التي بلغت 11 مليار دولار، وقضية مجموعة "عظام" لقطع غيار السيارات التي بلغت 764 مليون دولار، وقضية "شاي دبش" التي كشف عنها حديثاً التي بلغت 3 مليارات و370 مليون دولار. وفي المجمل بلغ حجم هذا الفساد المالي والاقتصادي حوالى 5 آلاف مليار تومان، وهذا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الدولار الواحد يعادل 53 ألف تومان إيراني. وبالتالي هذه الأرقام هي جزء بسيط جداً من حجم الفساد الذي كشف في البنية الاقتصادية للنظام الإيراني خلال السنوات الـ12 الماضية فقط.

وإذا ما قارنا قضية الفساد المالي لفاضل خداداد المثيرة للجدل في التسعينيات من القرن الماضي، والتي أدت إلى إعدامه في حينها، بالأرقام وحجم الفساد المالي والاقتصادي في العقدين الماضيين، فنجد أن قضية خداداد لا تساوي شيئاً.

مسار نمو الفساد المالي والاقتصادي وحجم الأرقام الضخمة المكشوف عنها التي لم يكشف عنها بعد، ستبقى مخفية بسبب الارتباطات البينية بين المؤسسات الأمنية والعسكرية في بنية النظام التنفيذية. عدا عن قضايا الفساد المالي والاقتصادي في المؤسسات التي هي تحت الإشراف المباشر للمرشد علي خامنئي، التي لا يمكن معرفة تفاصيلها أو الكشف عنها نهائياً. ولهذا جعل من قضية فساد "شاي دبش" على رغم حجمها أن تكون قضية عادية، ولم تعد من قضايا الفساد الأهم في إيران في السنوات الماضية.

ونظراً إلى استمرارية هذه القضايا، يرى الخبراء الاقتصاديون والسياسيون أن شكل الفساد في إيران ممنهج ومخطط له. وبناء على ما قاله الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بجامعة علامة طباطبائي، فإن الفساد المالي والاقتصادي بات جزءاً لا يتجزأ من النظام السياسي في إيران، والثغرات في القانون والتحايل على القواعد والأنظمة من المفسدين ليست السبب الوحيد.

هذا الوضع دفع بالمرشد علي خامنئي الذي يعتبر نفسه المعارض القوي للفساد بين القادة والمسؤولين، وفي مناسبات عدة خلال السنوات القليلة الماضية، أن يتستر على سمعة النظام من خلال مطالبته المسؤولين بالتوقف عن الحديث في قضايا الفساد الاقتصادي التي يكشف عنها.