تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

3 سيناريوهات لهجوم أميركي مباغت على إيران

منشأة تخصيب يورانيوم
AvaToday caption
تصريحات بلينكن المغرقة في دبلوماسيتها لا تنفي خيارات واشنطن الأخرى، لا سيما مع محاولته إظهار موقف موحد لا يسمح لإيران بحيازة السلاح النووي، وفي نهاية حديثه اختتم بجملة مثيرة وهي "نحن مستعدون للجوء إلى خيارات أخرى إذا لم تغير إيران مسارها"
posted onOctober 30, 2021
noتعليق

هل اقتربت ساعة الصفر بالنسبة إلى البرنامج النووي الإيراني، ونهاية زمن التفاوض الطويل الأمد، وذلك عن طريق توجيه ضربة أو ضربات عسكرية للمنشآت العسكرية الإيرانية، التي تضم "ثمرات" برنامجها النووي؟

من شجرة التين يتعلم الإنسان المثل، فمتى لانت أغصانها واخضرت أوراقها يعلم المرء أن الصيف قريب، وعليه فإنه حين يعلو صوت الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، وإسرائيل، بالتحذير والتأكيد أن الوقت ضيق لإحياء اتفاق يحد من أنشطة إيران النووية، يخلص المرء إلى حتمية وجود سيناريوهات غير سلمية على الطاولة، تبدأ من الحروب السيبرانية، وقد رأى العالم بعضاً من فصولها على مسرح العمليات النووية الإيرانية منذ عقد من الزمان وحتى عهد قريب، وتمتد إلى الضربات العسكرية المختلفة بدءاً من الضربات الانتقائية الجراحية، وصولاً إلى المواجهة العسكرية الشاملة والكاملة، حيث تعزف الأوركسترا الحربية لحن الختام النووي والصاروخي، وربما تكتب فصلاً جديداً من تاريخ المنطقة بنهاية زمن الثورة لا الدولة الإيرانية.

إيران بين التلاعب وتسويف الوقت

يبدو أن الأميركيين وشركاءهم من الأوروبيين عامة وإسرائيل بصورة خاصة قد وضعوا أمامهم علامة استفهام مصيرية ومزعجة تتلخص في التالي: ما الذي يتوجب فعله إذا استمر النظام الإيراني المتشدد في تسويف الوقت من جهة وتكديس الموارد اللازمة لبناء سلاح نووي من جهة ثانية؟

أفضل جواب على التساؤل المتقدم، نجده عند سايمون هندرسون، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي نشر أخيراً ورقة بحثية في صحيفة "ذا هيل" في واشنطن عنوانها "بينما تنغمس واشنطن في النقاش تواصل إيران تحقيق تقدم نووي".

هندرسون يرى أن تعيين محمد إسلامي، رئيساً حديثاً لـ"منظمة الطاقة الذرية الإيرانية"، يحمل على القول بأن طهران غير معنية بإحياء الاتفاقية النووية مع الغرب، بل بالحصول على سلاح نووي.

ولعل خطورة محمد إسلامي تتبدى من خلال علاقاته المحتملة مع العالم الباكستاني عبد القدير خان، الرجل الذي وفر لطهران للمرة الأولى خبرة في التسلح النووي.

في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي أعلن إسلامي عن أن بلاده أنتجت أكثر من 120 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، وهي زيادة كبيرة على كل من الكمية البالغة 84 كيلوغراماً التي أعلنت عنها "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، ومقرها في فيينا، التي تراقب الأنشطة النووية الإيرانية، وعن الكمية التي أعلنتها "الوكالة الدولية" قبل ثلاثة أشهر والبالغة 63 كيلوغراماً.

هل إيران تقترب من عتبة إنتاج قنبلتها النووية؟

ذلك كذلك بالفعل، إذ حين وصول طهران إلى مخزون من اليورانيوم المخصب بقدر 200 كيلوغرام بنسبة 90 في المئة، فإنها تصل إلى ما يسمى "الكمية الكبيرة"، وهي وفقاً للرمز القديم للأسلحة النووية الكمية المطلوبة لإنتاج قنبلة ذرية واحدة.

شيء ما يعطي الانطباع بأن الإيرانيين غير عابئين بالتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع الغرب، لا سيما وأن الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، لم تعد مسألة الحصول على تخفيف للعقوبات على رأس أولوياتهما، ما يعني أن طهران يمكنها أن تمضي قدماً في برنامجها النووي، وأن تدبر أمورها حتى مع العقوبات الغربية، وعبر الغزل على المتناقضات الملتهبة ما بين موسكو وبكين من جهة، وبين واشنطن وبروكسل من جهة ثانية.

وفي كل الأحوال فإن التعنت الإيراني الأخير، يفتح الباب واسعاً للشكوك حول قرب ظهور القنبلة النووية الإيرانية، لا سيما وأن تصميم القنبلة النووية الإيرانية هو اقتباس للتصميم الذي منحته الصين لباكستان.

وما يعزز الشكوك هو أن المعارضة الإيرانية تفيد بأن الرئيس الجديد لـ"منظمة الطاقة الذرية"، محمد إسلامي، كان حلقة الوصل الرئيسة بين بلاده وبين عبد القدير خان في تسعينيات القرن المنصرم، وفي يوميات خان التي سلمها لهندرسون ذات مرة إشارات إلى المهندس، ما يعزز التقارير الاستخبارية الأخيرة عن حيازة إيران سلاحها الذري، ذاك الكفيل بتغيير أوضاع منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وعوضاً عن جعل المنطقة خالية من الأسلحة النووية، سيضحى الشعار: "النووي لكل يد"، من أجل إحداث توازنات ردع، الأمر الذي لا يمكن أن تقبل به مراكز القوى الأممية حول العالم في الحال أو الاستقبال... هل هي ساعة الصفر إذن تقترب؟

البيت الأبيض والاستعداد لساعة الصفر

يصبح من السذاجة بمكان الاعتقاد أن واشنطن لا تضع في خططها سيناريوهات الوصول إلى طريق مسدود مع إيران عبر المفاوضات، ولعل أحد أهم أهدافها المحدثة في الخليج العربي بخاصة والشرق الأوسط عامة، هو قطع الطريق على إيران نووياً.

في هذا السياق يضحى من الطبيعي ما أماطت عنه اللثام مجلة "نيويوركر" الأميركية في شهر يوليو (تموز) المنصرم، فقد نشرت تقريراً حول اقتراب إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من شن حرب على إيران قبل نهاية ولايته، والدور الذي لعبه رئيس الأركان الجنرال مارك ميلي، في منع انجرار البلاد إلى حرب جديدة.

غير أن ميلي وبقية مجموعة جنرالات النجوم الأربع من قادة البنتاغون حكماً لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام إيران نووية قائمة أو قادمة، ليقينهم أن هذا السيناريو سيفقد الحضور الأميركي نفوذاً في منطقة سيطرت عليها واشنطن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بصورة شبه كاملة.

في هذا الإطار بدأت مراكز الأبحاث الأميركية الرصينة من نوعية مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن CSIS في تحضير أوراق استشرافية للموقف، ومنها تقرير أخير جاء في منتصف أكتوبر الحالي، عنوانه "تطوير برنامج إيران النووي وانعكاساته على السياسة الأميركية"، وقد أوصى واضعوه "بأن لا يستبعد البيت الأبيض مخاطر المواجهة العسكرية مع طهران".

التقرير المشار إليه يرجح قيام إيران بالرد على واشنطن وحلفائها في المنطقة، وقد يتصاعد الصراع إلى حرب واسعة النطاق. كما يمكن لإيران الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وأن تستعيد برنامجها النووي سراً وتخفيه عن المفتشين الدوليين. وهذه المخاطر وفقاً لواضعي التقرير تستحق بذل الجهد لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

تبدو الدوائر المعنية في واشنطن كأنها تستجيب بسرعة لصافرات الإنذار، وهذا ما تابعه العالم من خلال التصريحات التي انطلقت في واشنطن خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد نهار الثالث عشر من أكتوبر، والذي جمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيريه الإسرائيلي والإماراتي.

تصريحات بلينكن المغرقة في دبلوماسيتها لا تنفي خيارات واشنطن الأخرى، لا سيما مع محاولته إظهار موقف موحد لا يسمح لإيران بحيازة السلاح النووي، وفي نهاية حديثه اختتم بجملة مثيرة وهي "نحن مستعدون للجوء إلى خيارات أخرى إذا لم تغير إيران مسارها".

عن أي مسار يتحدث الوزير الأميركي؟ ببساطة حين تغيب لغة المفاوضات وتقصر الدبلوماسية عن الوصول إلى الغايات المرجوة منها، يضحى من الطبيعي اللجوء إلى أدوات تفاوضية أخرى، ولعل الأعمال العسكرية هي من تلك الأدوات، فالحرب بحسب كلاوفيتز، أشهر المنظرين الحداثيين للحروب المعاصرة، هي وجه آخر من أوجه الدبلوماسية... هل من طرف بعينه يدفع واشنطن في طريق المواجهة العسكرية مع إيران؟

إسرائيل... مواجهة إيران مسألة وقت

قبل بضعة أيام، احتلت تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، صدر "التايمز أوف إسرائيل"، التي جاء فيها "إن المواجهة مع إيران مجرد مسألة وقت وليس الكثير من الوقت".

هنا لا يبدو صوت ليبرمان نشازاً في الداخل الإسرائيلي، إذ أفاد استطلاع رأي أن 51 في المئة من الإسرائيليين يقولون إنه كان على تل أبيب مهاجمة إيران قبل سنوات وخلال المراحل الأولى من تطويرها برنامجها النووي بدلاً من انتظار تسوية تفاوضية.

قبل ليبرمان، ارتفع صوت وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في واشنطن بالقول "ستكون الخيارات الأخرى مطروحة على الطاولة إذا فشلت الدبلوماسية"، وأضاف "بقولي خيارات أخرى، أعتقد أن الجميع يفهم، هنا في إسرائيل، وفي الإمارات، وفي طهران، ما الذي نعنيه".

لبيد وفي قلب العاصمة الأميركية واشنطن، أشار كذلك إلى أن "إسرائيل تحتفظ بحقها في التصرف في أي لحظة وبأية طريقة. هذا ليس حقنا فحسب، بل هو مسؤوليتنا أيضاً".

لم يك رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت بعيداً بدوره، فالمواجهة مع إيران عمل المؤسسة العسكرية والاستخبارية والأمنية الإسرائيلية، التي لن يقدر لأي مسؤول سياسي إسرائيلي الخروج عن خطوط طولها أو خيوط عرضها إن جاز التعبير.

بينيت وفي مؤتمر "جيروزاليم بوست" المنعقد في متحف التسامح بوسط القدس نهار الثلاثاء 12 أكتوبر تحدث قائلاً "إيران تنتهك بشكل صارخ التزامات الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وأضاف "لن ننتظر... وأتوقع من القوى العالمية أن تحاسبهم"، وتابع محذراً "سيكون هذا هو الطريق السلمي... لكن هناك طرق أخرى".

تبدو الخطوات في الداخل الإسرائيلي سريعة الخطى تجاه الحسم مع إيران، لا سيما بعد أن وافقت الحكومة الإسرائيلية على ميزانية بقيمة خمسة مليارات شيكل (1.5 مليار دولار)، لتعزيز قدراتها على استهداف البرنامج النووي الإيراني، بحسب ما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عن القناة 12 الإسرائيلية.

القناة المذكورة ذكرت أن "الأموال ستوجه نحو الطائرات وجمع المعلومات الاستخبارية، ربما باستخدام الأقمار الاصطناعية، من بين خيارات أخرى".

وفي واقع الأمر لم تكن القناة 12 الإسرائيلية فقط من تناول شأن الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية، إذ انضمت إليها صحيفة "معاريف"، التي شددت على ضرورة وجود خطة إسرائيلية لضرب المنشآت الإيرانية بسلاح الجو الإسرائيلي.

كتب المحلل العسكري بالصحيفة، طال ليف رام، أنه يتحتم على إسرائيل أن تنتهي من تجهيز خطة تنفيذية موثوقة لتوجيه ضربات عسكرية قاصمة للبرنامج النووي الإيراني، حتى لو كان الأمر يحمل تداعيات سياسية على الصعيد الدولي.

رام أقر بأن مصلحة إسرائيل كانت تحتم أن تتم هذه الضربات بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، والقوى الدولية، لكن هذا السيناريو غير قائم في الوقت الحالي.

ورأى أن تجهيز خطة عسكرية لتوجيه ضربات للبرنامج النووي الإيراني يشكل تحدياً كبيراً للغاية بالنسبة إلى قائد سلاح الجو الجديد، اللواء تومير بار، وأن الأخير سيواجه عقبات عديدة في التعاطي مع التوتر مع إيران طوال الفترة التي تسبق الانتهاء من الخطة الخاصة بضرب المنشآت النووية.

ومع كل الأحاديث الدائرة داخل إسرائيل، يبقى التساؤل: هل يمكن لتل أبيب أن تقدم على المواجهة الإيرانية منفردة، أم أن الحاجة إلى التدخل العسكري الأميركي أمر واجب الوجود؟

ضربة إجهاضية أم حرب شاملة؟

مهما يكن من شأن جواب علامة الاستفهام المتقدمة، فإن الواقع يقود إلى القول بأن سيناريوهات المواجهة مع إيران تبدو متدرجة، وتمضي في إثر ثلاث خطوات أو سيناريوهات:

الأول: يتمثل في الحرص على عدم حدوث مواجهات كبيرة، والاكتفاء بسلسلة من الاغتيالات الجديدة للقادة والرموز الإيرانية النووية في الداخل، مع إظهار أكبر قدر ممكن من الحشد العسكري الأميركي تحديداً، بهدف الردع وقطع الطريق على ردات فعل إيران.

الثاني: قياس ردات الفعل الإيرانية على الضربة الأميركية، التي قد تشاركها فيها إسرائيل بشكل أو بآخر، فإذا لم تحدث استجابة إيرانية سوف يستمر التصعيد، وهنا يأتي الحديث عن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ومع توقع مؤكد لاستخدام الصين وروسيا حق النقض الفيتو ضد القرار الأميركي المطلوب باستخدام القوة ضد إيران، يمكن لواشنطن أن تمضي منفردة.

هنا وقبل السيناريو الثالث يطل تساؤل من بين ثنايا الأحداث: ما هدف واشنطن من تلك الضربة؟

أحد الذين قدموا إجابات عقلانية، الجنرال المصري محمود خلف، الخبير الاستراتيجي والعسكري، الذي شارك جنرالات "الناتو" في الكثير من المناورات منذ سقوط الاتحاد السوفياتي بنوع خاص، وعنده أنه طبقاً للفكر العسكري الأميركي سنرى أسلوباً مشابهاً لما حدث في البلقان مع ميلوسوفيتش، بمعنى أنه لا توجد نيات لغزو عسكري أو احتلال لإيران، ومن غير دخول قوات برية الأراضي الإيرانية، وإنما المطلوب هو تغيير السلوك السياسي في إيران وتغيير السلوك باستخدام الآلة العسكرية.

ماذا إذن عن السيناريو الثالث؟

في السيناريوهين المتقدمين سوف تبدأ الآلة العسكرية الأميركية تدريجياً عبر توجيه القصف على هدف أو هدفين من أغلى الأهداف النووية الإيرانية، ويكفي القصف لليلة واحدة فقط كرسالة تعني جدية التصعيد.

من بعد يمكن لأميركا أن تترك فترة هدوء لترى التداعيات، وهنا كما يقول الجنرال خلف، يمكن أن تقع طهران في خطأ فادح، فقد حذر الملالي من قبل بأنهم سيشيعون الفوضى في المنطقة عبر عمليات إرهابية تستهدف المصالح الأميركية، وكذا حلفاء واشنطن، وهذا أمر عواقبه خطيرة على إيران نفسها، لأن المخطط الاستراتيجي العسكري الأميركي يستطيع أن يرد ببساطة من خلال توسيع نطاق الاشتباك من أول يوم، وهو ما لا تريده القيادة العسكرية الأميركية بداية، فهي تود أن تترك لإيران شيئاً ما تخاف عليه من مصالحها اللوجيستية.

ماذا لو لم ترتدع إيران وارتكبت المزيد من الحماقات العسكرية سواء من خلال قواتها المسلحة أو من خلال أذرعها العسكرية ووكلائها المحليين في المنطقة أولئك الذين سمنتهم للذبح من قبل؟

الشاهد أنه حال نسيت إيران أو تناست ما يطلق عليه سيناريو الانتباه العسكري، أي مقدرتها في مواجهة مقدرة "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة، سوف تلجأ واشنطن إلى السيناريو الثالث والقادر على إرجاع إيران لثلاثة قرون وليس ثلاثة عقود إلى الوراء.

البداية ستكون من عند تخريب الاقتصاد الإيراني برمته وفي يوم واحد، من خلال مهاجمة جميع معامل التكرير المحدودة التي تمتلكها إيران، والمعروف أنها تعتمد على البنزين والجازولين المستورد، الذي لن يجد طريقاً إلى داخل البلاد مرة أخرى، حيث ستكون منطقة الخليج برمتها منطقة أعمال عسكرية مغلقة الملاحة فيها.

تالياً يمكن للعسكرية الأميركية استهداف معامل التكرير، ثم محطات الكهرباء الإيرانية بنسبة 100 في المئة، وهي خطة إسرائيل عندما ضربت كل شيء في جنوب لبنان.

ولأن الاقتصاد الإيراني هش لذا فإن تلك الضربات ستكون رسالة تدفع الشعب الإيراني إلى الخلاص سياسياً من الملالي، ما يعني أن الثورة في خطر، وبحسب ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، والمنظّر الأشهر للسياسات الأميركية الحديثة، فإن الملالي يخشون على الثورة بأكثر من أي شيء آخر حتى النظام، وساعتها ربما يبدأون في تغيير سلوكهم.

لكن يبقى الخيار شمشون قائماً في أذهان الملالي، ما يعني المضي قدماً في تحويل منطقة الخليج العربي برمتها إلى كرة لهب مشتعلة، وساعتها ستعزف الأوركسترا العسكرية الأميركية سيمفونيتها المتكاملة، والبداية من عند أنظمة الصواريخ والقصف الجوي الباليستية البعيدة المدى، ثم اللجوء إلى قنابل الأعماق الأميركية الشهيرة GBU، وبالطبع مع الاستعانة بالطلعات الجوية للطائرات الأميركية "أف-35"، ثم الاستعانة بصواريخ الغواصات الأميركية النووية في منطقة الخليج العربي، وفي حال الحاجة الماسة اللجوء إلى قنابل الميني نووي، وبحال من الأحوال ستكون ضربة عسكريين محترفين تعلموا عبر ثلاثة عقود من الاحتكاك مع إيران.

ماذا عن الأسلحة الأميركية المرشحة للاستخدام في مثل هذه الضربة؟

يحتاج الجواب إلى قراءة قائمة بذاتها سواء لبلورة شكل وسيناريوهات المعركة المتوقعة، أو الأسلحة المتوقع استخدامها فيها، وباختصار غير مخل يمكن الإشارة إلى عدة أنواع رئيسة من المعدات العسكرية التي يمكنها تدمير إيران، وهي كالتالي بحسب تقرير لموقع "سبوتنيك" الروسي:

ـ مقاتلات "أف 22-رابتور": وهي مقاتلات من الجيل الخامس لا يمكن لطائرات "أف 4 فانتوم" الإيرانية أن تجاريها وبخاصة في ظل امتلاكها أدوات للحرب الإلكترونية.

ـ طائرات "ب2 سبيريت": هنا إذا أرادت الولايات المتحدة تدمير إيران من خلال ضربة عسكرية، فستلعب قاذفات "ب 2 سبيريت" الاستراتيجية التي تستخدم تقنية التخفي دوراً مهماً في هذه الحرب.

ـ قنبلة العتاد الخارق "GBU-57": وهي قنبلة أعماق من إنتاج شركة بوينغ الأميركية لصناعة الطائرات وقادرة على تدمير الأهداف المحصنة ومقار القيادات ومراكز الاتصالات والمؤسسات الصناعية المحصنة والأسمنتية المبنية تحت الأرض، وقادرة على اختراق 61 متراً من التحصينات تحت الأرض وتفجير جدار أسمنتي يبلغ سمكه 19 متراً.

ـ أنظمة الليزر: في الوقت الراهن تدخل أنظمة الليزر بسرعة إلى الترسانة العسكرية، واستخدامها لا يمثل خبراً ساراً لإيران.

ـ الحرب السيبرانية: وقد جربت إيران الخسائر الناجمة عن تلاعب الأميركيين والإسرائيليين بمحطاتها النووية وأشهرها الهجوم الأخير على مفاعل نطنز.

وفي الخلاصة، تقتضي الموضوعية الإشارة إلى أن ما تقدم ليس إلا عصفاً ذهنياً لا يوفي القصة أبعادها بشكل كامل، ثم إن مشاغبة قصة أي هجوم عسكري على إيران أميركياً كان أو إسرائيلياً أمر لا يستقيم من غير قراءة مقابلة لردات فعل إيران، وما يمكن أن تحدثه على صعيد الحالة الأمنية العالمية.

عطفاً على ذلك تبقى ردات فعل القوى الدولية لا سيما روسيا والصين أمراً مهماً للغاية وينبغي التحسب له، حتى لا تتحول المواجهات من إقليمية إلى عالمية.