رفتن به محتوای اصلی

"كورونا الرئيسی" في إيران ليس جديدًا

إيرانيات تضعن كمامات لحماية من فيروس كورونا
AvaToday caption
تواجه الأقسام الطبية، خاصةً في المستشفيات من مشهد وكرمانشاه إلى أردبيل وأذربيجان الغربية، مجموعة متنوعة من أوجه النقص حتى في المرافق الأساسية مثل أسرَّة المستشفيات وسيارات الإسعاف
posted onMarch 8, 2020
noدیدگاه

يوحنا نجدي

أصبح فيروس كورونا، وانتشاره، وطرق الوقاية منه، هو القضية الرئيسية في إيران. ولكن السؤال الرئيسي هو: ما وضع النظام الصحي، خاصةً توزيع المرافق والأجهزة في جميع أنحاء إيران؟ وما مدى جاهزيتها للتعامل مع حالات الطوارئ اليوم؟

وفي الوقت الحاضر، من الصعب تحديد أي جزء من المجتمع الإيراني يعاني أكثر، من مشكلة الإدارة، ونقص الموارد والمعدات، فضلاً عن الفساد الاقتصادي الكبير. ومع ذلك، فإن الأقسام الطبية هي بالتأكيد أحد المجالات التي تواجه مثل هذه المشاكل منذ سنوات.

يواجه المجتمع الطبي الإيراني على نطاق واسع، مشكلات ثلاث متمثلة في: "نقص الموارد، وتهالك ونقص التجهيزات الضرورية، ونقص القوى العاملة".

ليست هذه مشاكل الأمس واليوم. غير أنه في الوقت الحاضر، فإنَّ تفشي فيروس كورونا جعل هذه النواقص والمشاكل منظورًا إليها أكثر من أي وقت مضى، وبالطبع، أصبحت في دائرة الاهتمام.

على سبيل المثال، في يناير (كانون الثاني) 2020، قال مسؤول بمحافظة كرمانشاه، إن مشروع بناء مستشفى يحتوي على 540 سريرًا في هذه المدینة، لا يزال غير مكتمل، رغم مرور 4 سنوات، وذلك بسبب نقص التمويل.

وقال مسؤول بجامعة البرز للعلوم الطبية أيضًا، في فبراير (شباط) 2020، إن مستشفيَي فرديس، وسيد الشهداء، يواجهان مشكلة في التمويل.

كما أعلن رئيس جامعة هرمزكان للعلوم الطبية، مؤخرًا، أن المليارات التي وعد بها المحافظ والوزير لم يتم الوفاء بها، وأن مشروع مستشفى شريعتي، في بندر عباس، لا يزال غير مكتمل!

لكن قبل هذا كله، قال وزير الصحة السابق في حكومة حسن روحاني، رسميًا، إن الحكومة ليس لديها أموال لبناء المستشفى، ودعا المستثمرين الأجانب إلى الاستثمار في قطاع الصحة الإيراني.

ونظرًا إلى نقص التمويل، فإن حالة الأجهزة والمرافق حرجة في جميع المحافظات تقريبًا، حتى في عاصمة البلاد!

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أعلن نائب رئيس لجنة الصحة بالبرلمان عن نقص 25 ألف سرير بالمستشفيات في البلاد. ولكن يمكننا اعتبار أن الرقم الحقيقي أضعاف هذا الرقم، وذلك لأنه في العام الماضي تم الإعلان عن أن طهران فقط "تواجه نقصًا بنحو 34 ألف سرير".

وتواجه الأقسام الطبية، خاصةً في المستشفيات من مشهد وكرمانشاه إلى أردبيل وأذربيجان الغربية، مجموعة متنوعة من أوجه النقص حتى في المرافق الأساسية مثل أسرَّة المستشفيات وسيارات الإسعاف.

وقال رئيس قسم الطوارئ بطهران، في مارس (آذار) 2019، إن طهران تحتاج إلى أكثر من 200 سيارة إسعاف. والأخبار الواردة من زنجان تقول أيضًا، إن المحافظة تحتاج إلى ما لا يقل عن 14 سيارة إسعاف، و4 سيارات إنقاذ أخرى، لكن لا أحد يستجيب!

الوضع في عدد من المدن الصغيرة التي تقع على مشارف المدن الكبرى أكثر تعقيدًا، فعلى سبيل المثال، مدينة بيشوا، جنوب شرقي طهران، التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة، لا يوجد بها مستشفى، ويقول سكانها إنه يجب عليهم أن يذهبوا إلى ورامين، أو باكدشت، أو أخيرًا طهران، إذا کانوا بحاجة إلى مستشفى.

وتعاني المحافظات المحرومة أيضًا، من نقص المرافق الطبية، ويضطر السكان في بعض المحافظات، مثل هرمزكان وكرمان وسيستان-بلوشستان، إلى السفر لمحافظات أخرى، بسبب "نقص أسرَّة المستشفيات".

وفي هذه الأيام، تعتبر کیلان واحدة من أكثر مناطق تفشي فيروس کورونا تأزمًا، وهي المحافظة التي تعاني منذ سنوات عديدة من مجموعة متنوعة من المشاكل وأوجه القصور في قطاع الصحة، على عكس ما یتصوره الرأي العام؛ ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال ممثل مدینة أستارا في البرلمان إن الأطباء المتخصصين في مستشفى شهيد بهشتي "يخدمون المواطنین بأقل المرافق والتجهيزات الطبية"، ولا يزال المستشفى "یفتقر إلی جهاز الفحص بالأشعة المقطعية"، وهو "بحاجة إلی 14 طبیبًا متخصصًا"، وقد بلغ نقص المعدات درجةً جعلت الموظفین في المستشفی یفقدون دافعهم للعمل.

وبعد شهرين أیضًا، أبلغ نائب رئيس جامعة کيلان للعلوم الطبية عن الحاجة إلی 900 ممرض في المحافظة، مضيفًا أن جميع مستشفيات کيلان تواجه نقصًا حادًا في الممرضین، ومساعدي الممرضین، والأطباء المتخصصين، بالإضافة إلى تقادم الأجهزة الطبية، مشيرًا إلى أن عمر مستشفى بورسينا في رشت بلغ أکثر من 70 عامًا، وأن العديد من الأجهزة الطبية في کيلان "متهالکة وقديمة جدًا"، كما أعلن رئيس جامعة کيلان للعلوم الطبية عن وجود مشاريع نصف مكتملة لـ128 مرکزًا صحيًا في المناطق الحضریة والریفیة من هذه المحافظة، وأن توفير التجهيزات الطبية في کیلان یحتاج إلی 86 ملیار تومان.

وفي حین أن معظم الأجهزة والمعدات الطبیة وحتى تكلفة بناء المستشفيات غالبًا ما تأتي من المتبرعین ولیس من الحکومة، لذلك قال مساعد وزير الصحة رسميًا إن الأمور لن تسير على ما يرام دون مساعدة من الناس.

هذه مجرد لقطة صغيرة من نظام الرعاية الصحية في بلد يجلس على مليارات الدولارات من الموارد الطبيعية الجوفية، مع هيكل مكتظ بسوء الإدارة والفساد وعدم الكفاءة التي تظهر وراء كل كارثة في البلاد، من الفيضانات والزلازل، إلى الغبار وكورونا، الأمر الذي یکشف زاوية أخرى من عمق عجز ودمار وجهل هذا النظام.

ومع ذلك، فإن "کورونا الرئیسي" هو النظام الحاكم في بلدنا الذي یقدم سنویًا 16 مليار دولار لبشار الأسد، وحسن نصر الله، وحماس، وغيرها من المیلیشیات في المنطقة، بدلاً من استخدامها لبناء وتجهيز المستشفیات في إيران، سواء للظروف العادية أو الأیام الملتهبة الحالیة؛ تلك الثروة لم یتم إنفاقها على الرعاية الصحية في البلاد، ولذلك نواجه الیوم قائمة متنوعة من الاحتیاجات وأوجه القصور لمواجهة كورونا.

"کورونا الرئیسي" هو الهيكل غير المنطقي الذي یرفض فرض الحجر الصحي على مدينة قم، لأسباب واهیة، لینشر المرض إلى مدن أخرى ویعرض حياة الملايين للخطر.. "کورونا الرئيسي" هو النظام الذي یدعي رئیس جمهوریته، على الرغم من كل المشاکل وأوجه القصور، أن "أخصائي ألماني أخبرني أن مراكزكم الصحية أفضل من أوروبا من حيث الجودة والصحة"، أو في هذه الأيام، وفي ذروة الأزمة، يقول إن "أعداءنا يخططون لتعطیل البلاد من خلال بث الخوف من كورونا".