رفتن به محتوای اصلی

روحاني و"العبيد".. مرحلة جديدة من هيمنة إيران

روحاني مع ساسة العراق
AvaToday caption
لايخلو الأمر من محادثة سياسية بين إيران وأمريكا على موقع العراق السياسي والاقتصادي، هي رسائل استفزاز بلغة العناد والتباهي، على أن المكان لنا وليس لكم، نحن ندخل وقتما نشاء وبشكل علني
posted onMarch 19, 2019
noدیدگاه

سلام الحسيني

ثلاثة أيام قضاها الرئيس الإيراني حسن روحاني مع وفده، الذي ضم وزير خارجيته ظريف، في العراق. تجول فيها روحاني كمن حفظ خارطة العراق عن ظهر قلب، لم يكن بحاجة لدليل ولا حتى من يقوم بواجب الضيافة. الرئيس في بيته من المطار إلى المراقد المقدسة في الكاظمية، ثم إلى مقر إقامته ينتظر الوافدين عليه للتفاهم والتفاوض.

على ماذا؟ ومن يفاوض من؟، سؤال رد عليه تزاحم السياسيين على باب مقر روحاني، فبمجرد تخيل المشهد المخجل تظهر الإجابة، كاشفة عن ضعف السياسي العراقي في مثل تلك المواقف، حيث لا يدخر مناسبة منها إلا وظهر كـ "العبد" أمام سيده، دون ما يدعو للحرج وفقًا لقناعاتهم الآيديولوجية التي يحكمون بها البلد منذ عام 2003.

أما السؤال الأهم فهو عن حقيقة هذه الزيارة، وهل كانت تستوجب زيارة الرئيس إن كانت لأجل مشاريع إقتصادية تخدم (الطرفين)؟. فإيران هي اللاعب الأساس، والعراق لا يمثل لها سوى مسرحًا صغيرًا قابل للاستخدام السياسي. ملفات كالسكك الحديدية والطاقة والمياه، حيث غيب الملف الأخير، كان بالإمكان أن يقوم بالتفاوض عنها الوزراء المختصون دونما حاجة لهذا الثقل الدبلوماسي الذي تمثل بالزيارة الأخيرة، إذًا لماذا تجشم روحاني عناء السفر ووضع برنامجًا دقيقًا لأماكن إقامته، لاسيما في النجف معقل زعماء التشيع؟.

لايخلو الأمر من محادثة سياسية بين إيران وأمريكا على موقع العراق السياسي والاقتصادي، هي رسائل استفزاز بلغة العناد والتباهي، على أن المكان لنا وليس لكم، نحن ندخل وقتما نشاء وبشكل علني. أرادت طهران أن تقول لواشنطن، عبر زيارة روحاني، نحن نريد أن نفاوضكم بورقة العراق، الورقة الأهم، المنفذ الوحيد لها بعد العقوبات الأمريكية.

أما السياسي العراقي فهو يعيش حالة حرج من إقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار العربية وتركيا على سبيل المثال، على غرار علاقاته مع إيران، ولذلك فهو مغيّب عن الصورة التي نقلها الإعلام وغير محترم، حيث تصدّر روحاني المشهد بشكل كامل، حتى وصل الأمر بالبعض منهم الى تهديد أمريكا بالوقوف مع إيران، كما جاء على لسان فالح الفياض، رئيس جهاز الامن الوطني العراقي ومرشح وزارة الداخلية.

لنا أن نتخيل حجم الذكاء والحنكة السياسية التي يتمتع بها مفاوضنا العراقي. الذي هرع من منطلق مجهول بتقدير الموقف العراقي اقتصاديًا وسياسيًا، ليدلي بهكذا تصريح، في حين تُعرّف الحكومة العراقية نفسها كطرف محايد في صراع المحاور. فهل يستطيع السيد عادل عبد المهدي توجيه دعوة لأي رئيس عربي لزيارة العراق، والتجول فيه كما فعل روحاني؟، وفتح باب اقتصادي متوازن للدول العربية كما لإيران؟. الإجابة عن هذا التساؤل يقودنا لفتح ملف الأمن العراقي المعقد، ومن يملك أدوات ارتفاعه وهبوطه.

في النهاية، زيارة حسن روحاني أبرزت بشكل جلي حقيقة النفوذ الإيراني في العراق، كما أنها ستؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق بين البلدين، بما يتعدى القطاع الاقتصادي إلى المواقف السياسية المتناغمة من الملفات الشائكة، مثل الوجود الأمريكي في العراق وما يتعلق بالعقوبات الأمريكية أحادية الجانب على إيران، وملفات أخرى تدفع العراق بعيدًا عن أخذ دوره كبلد مستقل وكامل السيادة وله حرية إتخاذ القرارات المصيرية بما يتعلق بشأنه الداخلي أو المنطقة.