رفتن به محتوای اصلی

ميليشيا فاطميون من سوريا إلى أفغانستان

فاطميون
AvaToday caption
كان فيلق "فاطميون" ناشطاً جداً في أفغانستان ونفوذه يتوسع في المناطق الشيعية، فإن لذلك تداعيات خطيرة على الصراع في البلاد، في توليده بعداً طائفياً جديداً، يمكن أن يصبح تهديداً لكل المنطقة، ويعمّق مشاركة الدول والميليشيات السنية والشيعية
posted onAugust 20, 2021
noدیدگاه

هدى رؤوف

يطرح دائماً سيناريو تشكيل إيران لميليشيات مسلحة على أسس طائفية ودمجها في النظام السياسي لبلد ما، السؤال حول تداعيات خلق كثير من الفواعل حاملي السلاح، لا سيما في ظل دول تتنازعها الصراعات الإثنية والطائفية والعرقية. ومن ثم، فهل تكون أفغانستان مرشحة لسيناريو تعزيز العنف والانقسام العرقي بعد صعود حركة "طالبان" السنية، التي اشتبكت في معارك مع الشيعة الهزارة المدعومين من إيران.

ما هو مصير فيلق "فاطميون" بعد عودته من سوريا؟ وما تأثير ذلك في الوضع الجديد في أفغانستان؟

الهزارة، هم ثالث أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان ويمثلون ما بين 10 إلى 15 في المئة من سكان البلاد، ذات الغالبية السنية، وهم من الشيعة وعانوا من الاضطهاد لقرون. قُتل الكثير منهم في ظل حكم "طالبان"، وفي الأعوام الأخيرة على يد تنظيم "داعش" في خراسان. دفع الفقر واليأس وانعدام الأمن في أفغانستان عدداً كبيراً من الهزارة للفرار إلى إيران، وهي الأسباب ذاتها التي دفعت شبابهم للانضمام إلى صفوف "فاطميون" في سوريا.

وفي ظل سيطرة "طالبان" على أفغانستان أخيراً، تعاملت إيران ببراغماتية مع التطورات السياسية بعد الانسحاب الأميركي، وقررت عدم معارضة الحركة معترفة بتقدّمها. وهي بهذه الخطوة تضع الهزارة الشيعة، الذين كانوا في الخطوط الأمامية للقتال ضد "طالبان" في قلب الصفقة مع الحركة، التي ستقتضي عدم التعرض لهم.

أهمية الشيعة الهزارة تجلّت في الأعوام الأخيرة التي زادت فيها عسكرة السياسة الخارجية الإيرانية، مستندة إلى العامل الأيديولوجي الذي تعتمد طهران عليه في نسج وتكوين شبكات من الوكلاء الإقليميين. وشُكّل لواء "فاطميون" من اللاجئين الأفغان الشيعة في إيران ومن أعضاء أقلية الهزارة الشيعية داخل أفغانستان.

ومنذ عام تقريباً، عرض وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته محمد جواد ظريف على الحكومة الأفغانية استخدام لواء "فاطميون" لمحاربة تنظيم "داعش" في خراسان، واصفاً إياهم بأنهم "أفضل القوات" لمحاربته. وقال إن طهران مستعدة لمساعدة الحكومة الأفغانية في إعادة تجميع هذه القوات تحت قيادة الجيش الوطني لمكافحة الإرهاب، مؤكداً أن بلاده جاهزة لدعم "فاطميون" تحت قيادة الحكومة الأفغانية.

وحينها لم تكُن تصريحات ظريف تعني الحكومة الأفغانية فحسب، لكنها  تستهدف أيضاً "طالبان" والولايات المتحدة في حال تهديد مصالحها في أفغانستان.

الآن وبعد سيطرة "طالبان" على أفغانستان، ربما لن تتمكّن إيران من إقناعها بدمج "فاطميون" في القوات الأمنية الحكومية. بالتالي، فإن السيناريو العراقي القاضي بتشكيل ميليشيات شيعية ودمجها في النظام السياسي، على غرار لواء كتائب "حزب الله" وقوات الحشد الشعبي لن يتحقق مجدداً، لا سيما أن "طالبان" تدرك أهمية لواء "فاطميون" كحركة مقاتلة شكّلها الحرس الثوري الإيراني، واحتمال انتهاجها العنف داخل أفغانستان في ظل أي مواجهة مع الأقلية الشيعية.

إن توظيف "فاطميون" في سوريا ثم أفغانستان يعكس الأهداف الجيوسياسية لإيران، التي تعود إلى أعوام طويلة من توظيف وتسليح وتدريب ونشر الميليشيات الشيعية في مناطق الصراع المختلفة، بما في ذلك لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وبعد أن تم تعزيز سيطرة نظام بشار الأسد على السلطة وانحسار الصراع السوري، عادت هذه الميليشيات إلى إيران وأفغانستان. ومع ذلك، ربما لا يكون استخدام "فاطميون" انتهى، بحيث يمكن لطهران الآن الاستفادة منه في دول الخليج مثل البحرين واليمن، إضافة إلى أفغانستان.

ولئن كان فيلق "فاطميون" ناشطاً جداً في أفغانستان ونفوذه يتوسع في المناطق الشيعية، فإن لذلك تداعيات خطيرة على الصراع في البلاد، في توليده بعداً طائفياً جديداً، يمكن أن يصبح تهديداً لكل المنطقة، ويعمّق مشاركة الدول والميليشيات السنية والشيعية.

ففي ظل عودة الآلاف من لواء "فاطميون" إلى أفغانستان وأي تسوية سياسية تحصل في سوريا تتضمن إخراج الميليشيات الإيرانية منها، وبعد تدرّبهم على حمل السلاح طوال عشرة أعوام في الميدان السوري، والصدام في وقت لاحق مع "طالبان"، فإن الصراع الطائفي والعرقي سيؤجج في أفغانستان، ومن الممكن أن يؤدي إلى أن تصبح منطقة حرب بين السنّة والشيعة، مما يجذب القوات والميليشيات المدعومة من إيران.