رفتن به محتوای اصلی

فوز رئيسي يسعد "محور المقاومة"

موالون لرئيسي
AvaToday caption
وضع نصر الله في رسالته رئيسي كحلقة وصلٍ أساسية في ما يعرف بـ"محور المقاومة"، كون زعيم حزب الله يعرف أن الرئيس الجديد سيكون شخصية ملتزمة بمبادئ "الثورة"، ومنتهجاً لدرب "ولاية الفقيه"، دون أن يبدي أي تذمر من أوامر المرشد أو عصيانٍ لها
posted onJune 20, 2021
noدیدگاه

يبدو أن إيران التي جاء نظامها الجديد العام 1979، إثر ثورة قادها الخميني، باتت اليوم أكثر تشبثاً بـتلك "الثورة" في أوساط نخبتها الحاكمة، وليس بين عامة الشعب التي تتباين آراؤها، أو التيارات السياسية المُهمشة، كون شريحة واسعة من الإيرانيين ينظرون لانتخاب إبراهيم رئيسي، رئيساً للجمهورية، عملية انتظامٍ لاتساق النواة الصلبة لـ"الأصوليين"، وبالتالي، مزيداً من التماثل والانسجام بين المؤسسات الحاكمة: مكتب الولي الفقيه، مجلس الشورى، مجلس صيانة الدستور، مجلس تشخيص مصلحة النظام، المجلس الأعلى للأمن القومي، الحرس الثوري، والآن رئاسة الجمهورية!

لكن الأمر لا يتعلق بالداخل الإيراني وحسب، بل حتى بطريقة تعاطي النظام مع حلفائه وأذرعه الحزبية والعسكرية في الخارج، والتي كانت طوال السنوات الماضية على تواصل أكثر مع مكتب المرشد علي خامنئي أو "فيلق القدس"، متمثلاً في قائده السابق قاسم سليماني، أو خليفته العميد إسماعيل قاآني.

فالتشكيلات الموالية لإيران في الخارج، لم تكن "وزارة الخارجية" حلقة وصلٍ معها، بسبب التوجهات المختلفة للرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، وكلاهما ينتميان للتيار "المعتدل"، الذي لا يريد أن تكون تلك الميليشيات المنتشرة في أكثر من دولة، مصدر توتير لعلاقات بلاده مع جيرانها العرب، وبالتالي سعى ظريف بإيعاز من روحاني إلى محاولة تهذيب أدائها وخطابها، والحد من نشاطها السياسي، وهي المهمة التي كانت غاية في الصعوبة، ولم تجد تجاوباً في كثير من الأحيان، الأمر الذي أدى في خاتمة المطاف إلى يتغول "الحرس الثوري" في عمل وزارة الخارجية، وهو الأمر الذي اشتكى منه وزير الخارجية في التسجيلات المسربة، والتي نشرت في إبريل الماضي، حيث اعتبر أن عمل وزارته أصبح في خدمة "العسكر" وليس العكس!

من هنا، فإن المرحلة المقبلة، ستشهد تناغما أكبر بين دور "وزارة الخارجية" و سياسات المرشد الأعلى، وسيكون منسجماً مع الخطوط العامة لـ"الحرس الثوري"، ما يعني تصاعداً في التنسيق، أو مزيداً من التسليم بدور أكبر لـ"فيلق القدس" في القضايا الإقليمية التي تهم النظام الحاكم في إيران.

فرحُ "المحور"!

ولعل وصول برقيات تهنئة إلى رئيسي لخير مؤشر على هذا التوجه.

ففيما يعتبر وصول برقيات تهنئة لرئيسي، بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية من رؤساء دول، فذلك أمرٌ طبيعي جداً، ومتبع في بروتوكولات التعامل الدبلوماسي بين الحكومات والهيئات الدولية الرسمية، وهو في جزء منه شكليٌ أكثر منه موقفاً سياسياً عملياً، إلا أن تلقي الرئيس الإيراني الجديد تهاني من الحلفاء أيضاً، وفي مقدمتهم "حزب الله" لبنان، وحركة "حماس" في فلسطين، وجماعة الحوثيين في اليمن، مؤشر على ما سيحمله أيضا هذا الانتخاب لجهة علاقة طهران بالميليشيات التي تدور في فلكها.

فقد بعث الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ببرقية إلى رئيسي، اعتبر فيها أن نتيجة الانتخابات جاءت في "مرحلة حساسة ومصيرية من تاريخ إيران والمنطقة"، وهو الأمر الذي "أحيا الآمال الكبيرة لدى الشعب الإيراني العزيز ‏وشعوب منطقتنا المظلومة بالمستقبل القريب الآتي وفي القدرة على مواجهة كل التحديات والصعاب والتغلب عليها"، مضيفاً "لقد كنتم داعماً لمحور ‏المقاومة طيلة مراحل تصديكم للمسؤوليات المختلفة". وتابع "اليوم يتطلع إليكم كل المقاومين.. ويرون فيكم حصناً منيعاً وملاذاً آمناً وسنداً قوياً".

ووضع نصر الله في رسالته رئيسي كحلقة وصلٍ أساسية في ما يعرف بـ"محور المقاومة"، كون زعيم حزب الله يعرف أن الرئيس الجديد سيكون شخصية ملتزمة بمبادئ "الثورة"، ومنتهجاً لدرب "ولاية الفقيه"، دون أن يبدي أي تذمر من أوامر المرشد أو عصيانٍ لها.

ليس نصر الله وحده من هنأ رئيسي، فهنالك "حماس"، التي أصدرت بياناً جاء فيه "نسأل الله تعالى له التوفيق والسداد والنجاح في قيادة البلاد.. ومواصلة وتعزيز مواقف إيران المشرفة في التضامن مع فلسطين وقضيتها العادلة، ودعم صمود الشعب الفلسطيني".

بدوره تحدث يوسف الحساينة، المسؤول في "حركة الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، عن فوز إبراهيم رئيسي، قائلاً "مجدداً يثبت الشعب الإيراني للعالم انتماءه وتمسكه بمنهج الثورة ونظامها".

وقد يكون من الطبيعي خروج هذا النوع من التصريحات من تنظيمات هي جزء من "محور" ممتدٍ من طهران إلى ضاحية بيروت الجنوبية مروراً بغزة، إلا أن هذا المحور العابر للحدود، مر أيضاً باليمن، والعراق، والبحرين!

نصرة "المستضعفين"

فقد بعث مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، وهو شخصية تنتمي تنظيمياً للحوثيين في اليمن، ببرقية اعتبر فيها أن "نجاح العملية الانتخابية في إيران يعتبر انتصار لمبادئ الثورة ا وترسيخا لخيار مواجهة المشروع الصهيوأمريكي".

وشاركت الميليشيات الحوثية، في التهنئة ميليشيا "كتائب حزب الله" في العراق، والتي قالت في بيان"نتطلّع في هذه المرحلة الرئاسية الجديدة إلى ما يزيد من تحقيق مصلحة الشعبين؛ العراقي والإيراني، وتعميق العلاقة في المبادئ الأساسية لنصرة الشعوب المستضعفة في العالم".

كما اعتبرت "عصائب أهل الحق" العراقية، أن "الشعب الإيراني أثبت مرة جديدة وفاءه للثورة وثبات موقفه من قضايا الأمة".

فيما رأى تحالف "الفتح" في العراق، بزعامة هادي العامري أنه "ستبقى الجمهورية الإسلامية وقيادتها الحكيمة وشعبها الواعي والمتيقظ سنداً وعوناً لكل المستضعفين وشريكا حقيقيا للشعوب الحرة في الدفاع عن كرامتها واسترجاع حقوقها".

لا شك أن في جميع البيانات السابقة موقف وتطلعات تربط بينها، و تؤكد على:

ديمومة العلاقة مع نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، والرغبة في تعزيز أواصرها.

اعتبار النظام الإيراني سنداً لما تسميه "الحركات المقاومة" و"المستضعفين".

التأكيد على التنسيق بين النظام في إيران وما بات يعرف بـ"محور المقاومة" لمواجهة أي تحديات مستقبلية أو أخطار قائمة.

الاستعداد للمواجهات القادمة مع ما تطلق عليه "قوى الاستكبار".

الالتزام بـ"مبادئ الثورة" والعمل على ترسيخها.

مغازلةُ الحرس!

لكن هذه المرة، انضم لـ"محور المقاومة" فصيل جديد، يعتبر حديثاً نسبياً على هذا الخط السياسي، ألا وهو "ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير" المناوئ لنظام الحكم في مملكة البحرين، وهي حركة صنفتها الحكومة البحرينية كـ"جماعة إرهابية".

فقد أصدر "الائتلاف" الذي تكون في البدايات العام 2011 من مجموعات شبابية متنوعة، جزء أساسي منها ينتمي للتيار "الشيرازي" في البحرين، وتعرض لعدد من الانشقاقات في داخله، والتبدل في مواقفه، بياناً قال فيه "لقد حسم الشعب الإيراني قراره بكل ثقة وإيمان.. منتصراً على المؤامرات الدولية المنظمة التي تحاك للجمهورية الإسلامية الإيرانية بغرض إفشال انتخاباتها الديمقراطية".

تعليقا على هذا الموقف، رأى أحد المراقبين الذين تحدثت معه "العربية.نت"، أن "الائتلاف تحول إلى أداة بيد الحرس الثوري الإيراني"، مبيناً "أنه خليط من مكونات عدة، جزء منهم ينتمون إلى التيار الشيرازي بقيادة السيد هادي المدرسي، إلا أنه حتى هذا التيار تبدلت الكثير من مواقفه على مدى سنوات، وصار الآن أقرب إلى الحرس الثوري الإيراني"، معتبراً بيان التهنئة مجرد "محاولة للتقرب من الحرس الثوري وإبداء المزيد من الولاء، كونهم يعلمون أن الحرس هو القوة الأكبر في إيران، والجهة التي من الممكن أن تقدم لهم مزيداً من الدعم".

برقيات تهنئة وبيانات إشادة من أذرع إيران وحلفائها في الشرق الأوسط، قد ينظر لها البعض على أنها أمرٌ اعتيادي من أحزابٍ تبارك لمن تعتبره المرشد الأعلى لمنظومتها السياسية والفكرية والعسكرية. إنما من يقرأ الحدث من زاوية مختلفة، يجد فيها إعلاناً عن أن هذه الحركات تجد في الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي "داعماً" و"سنداً" أكثر مما كانت تجده في الرئيس حسن روحاني، والذي كانت تنظر له كشخصية لا تُقدم لها الدعم السياسي الكافي، ولذا لجأت إلى الجنرال قاسم سليماني، الذي رُفعت صوره بشكل مكثف في الانتخابات الإيرانية الأخيرة إلى جانب صور رئيسي، معلنةً: عودة سليماني في جلبابِ رئيسي!