أعرب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في اجتماع لمجلس الوزراء، اليوم الأربعاء، عن قلقه من أن تغير إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نهجها وتقنع الشعب الإيراني بأن النظام في طهران هو السبب في استمرار العقوبات المفروضة على إيران.
وأضاف روحاني أنه من أجل تجنب هذا الخطر، يجب على الحكومة الإيرانية أن تظهر بشكل يومي أنها تسعى للتفاوض مع الولايات المتحدة لرفع العقوبات.
وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام الإيرانية، فقد قال روحاني: "حتى اليوم، تُعد أميركا هي المسؤولة عن العقوبات بنسبة 100%"، ولكن مع وصول جو بايدن للبيت الأبيض، فقد "غيرت الإدارة الأميركية الجديدة أسلوبها، بحيث تطالب باستمرار باستئناف المحادثات (بين طهران وواشنطن) وعودة البلدين إلى التزاماتهما المنصوص عليها في الاتفاق النووي".
وحذر الرئيس الإيراني قائلاً: "إذا لم ننتبه، قد يلجأون إلى الدعاية ليقولوا تدريجياً إلى شعبنا: إننا (أي الأميركيون) مستعدون للتفاوض، وإيران هي التي تماطل". وشدد على أنه "يجب ألا ندع هذا ينتشر بين الشعب والرأي العام".
ثم خاطب الرئيس الإيراني تيارات السلطة في النظام الإيراني والمختلفة حول مسألة التفاوض مع أميركا، قائلاً: "طريقة التعامل مع هذا الأمر المقلق هي أن نصبح نحن فاعلين".
ومضى روحاني، الذي يتعرض لانتقادات لاذعة من قبل المتشددين في إيران، بالتأكيد على أن ما كان يقصده من "الفاعلين" هو أن يسعى النظام الإيراني "يومياً" للتفاوض مع الولايات المتحدة ولرفع العقوبات.
ثم أكد الرئيس الإيراني لمنافسيه في السلطة أنه لا يسعى لاستغلال المفاوضات المحتملة مع الولايات المتحدة بشكل سياسي، حيث "لم يتبق شيء تقريباً" من عمر إدارته حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في يونيو.
وفي معرض انتقاده للمدة التي تحدث عنها الرئيس الأميركي قبل رفع العقوبات المفروضة على إيران، قال روحاني: "على عكس ما قاله جو بايدن، فإن رفع العقوبات لا يستغرق شهرين أو ثلاثة أشهر، بل يمكن أن تتم عودة الأميركيين إلى التزاماتهم ورفع العقوبات في غضون ساعة واحدة".
كما انتقد روحاني موقف إدارة بايدن من إيران، مؤكداً أنها "لم تخطُ أي خطوة علمية جادة، بل إنها تتكلم فقط.. إنها تقول بأن أفعال الإدارة السابقة كانت خاطئة وإن الضغط الأقصى لم يأت بنتيجة، وإن الحرب ليست الحل.. ولكن عملياً، لم نر تصرفاً دبلوماسياً، بل نرى استمرار العقوبات واستمرار الضغوط، نحن لا نرى أي إجراء جاد".
وتابع مخاطباً الأميركيين: "إنكم مستمرون في الإجراءات الإرهابية، حيث لا تزال أموالنا مجمدة ولا تسمحون لنا بأن نصل إليها، وتعرقلون تجارتنا".
وبالرغم من أن المرشد هو الذي منع شراء لقاح كورونا من أميركا وبريطانيا، إلا أن روحاني حاول إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في تأخر الحكومة لإيرانية في توفير لقاح كورونا، فقال: "نواجه مشاكل حتى في توفير لقاح كورونا.. فإحدى الدول التي لا أريد ذكرها قالت لنا بأنها لا يمكن أن تبيع اللقاح لنا لأن الولايات المتحدة ترفض ذلك".
وبحسب ما نقله موقع "إيران إينترناشنال" الناطق بالفارسية عن موقع "أكسيوس" الأميركي، فإن الرئيس الأميركي يواجه ثلاث عقبات على طريق التفاوض مع إيران.
ونقل الموقع الأميركي عن مسؤولين في الولايات المتحدة قولهم "إن جهود إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإعادة التواصل مع إيران بشأن برنامجها النووي تواجه ثلاث عقبات رئيسية، وهي عدم وجود قنوات اتصال مباشر بين الجانبين، والخلافات بين المسؤولين الإيرانيين على مستوى القيادة، والانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة المزمع تنظيمها يونيو المقبل".
ووفقا لـ"أكسيوس"، "تتمثل إحدى أولويات السياسة الخارجية لإدارة بايدن في "تأطير" برنامج إيران النووي، ولكن المسؤولين الإيرانيين والأميركيين لم يتمكنوا بعد من إجراء محادثات مباشرة مع بعض".
وكان الرئيس الأميركي قد صرح في وقت سابق إنه سيرفع العقوبات عن إيران إذا عادت إلى التزاماتها النووية، وسيعود حينها إلى الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 بعد وصفه بـ"الاتفاق السيء".
ويرفض المسؤولون الإيرانيون وخاصة في الحكومة التي يترأسها حسن روحاني مراراً العروض الأميركية لإجراءات لقاءات رسمية أو حتى غير رسمية، لأن مركز صنع القرار الرئيسي هو مكتب المرشد خامنئي الذي يترأس مؤسسة ولاية الفقيه. وبالإضافة إلى وجود مؤسسات تمثل الحكومة الإيرانية على المستوى العالمي، مثل وزارة الخارجية الإيرانية، هناك في إيران عدة مؤسسات فاعلة كمجلس الأمن القومي، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، ولجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، وفيلق القدس ذراع التدخل الخارجي للحرس الثوري. وهذه التعددية في صنع القرار في إيران يجعل التعامل مع إيران معقد وصعب للأطراف الدولية.
وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قد قال أمس الثلاثاء إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "تتبع خطى" إدارة سلفه دونالد ترامب في استخدام ورقة العقوبات للضغط على إيران.
وكتب ظريف على حسابه الرسمي في "تويتر": "إنه من المحزن والمثير للسخرية أن وزارة الخارجية الأميركية تطالب الآن إيران باحترام الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة ترامب".
وأضاف متوجهاً لبايدن: "إدارتك تتبع خطى ترامب وتحاول استخدام عقوباته غير القانونية كوسيلة ضغط. العادات البشعة لا تموت بسهولة. حان الوقت للتخلي عن هذه العادة".
وبحسب موقع "بوليتيكو"، يكافح فريق بايدن لإحضار الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات، ومن أجل ذلك كشف مسؤولو الإدارة الأميركية أنهم يخططون لطرح اقتراح جديد لبدء المحادثات في أقرب وقت هذا الأسبوع.
وقال أحد المصادر للموقع إن الاقتراح يطالب إيران بوقف بعض أنشطتها النووية، مثل العمل على أجهزة طرد مركزي متطورة وتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 20%، مقابل بعض التخفيف من العقوبات الاقتصادية الأميركية، وأكد المصدر أن التفاصيل لا تزال قيد العمل بها.
من جهتها، أعلنت إيران الاثنين، أنها لن توقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% قبل رفع العقوبات الأميركية.
وقال مسؤول إيراني كبير في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، "إذا لم ترفع إدارة بايدن العقوبات قريبا فستقوم طهران بمزيد من التقليص لالتزاماتها في الاتفاق النووي".
كما أضاف "إدارة بايدن تضيع الوقت، وإذا فشلت في رفع العقوبات قريباً، سنتخذ الخطوات التالية والتي ستكون بمثابة مزيد من التخفيضات لالتزاماتنا بخطة العمل الشاملة المشتركة".