Ana içeriğe atla

الرئيس العراقي يوجه صفعة للمشروع الإيراني في بغداد

الرئيس العراقي برهم صالح
AvaToday caption
استقالة برهم صالح يمكن النظر إليها من جهة ما تمثله من دعم استثنائي لمطالب المحتجين وترجيح حقهم في اختيار الشخصية التي تناسبهم للحكم
posted onDecember 27, 2019
noyorum

أربك الرئيس العراقي برهم صالح الحسابات الإيرانية فيما يتعلق باختيار رئيس الحكومة العراقية القادمة، مفضلا الاستقالة على تكليف مرشح طهران أسعد العيداني، ليفتح الباب على تطورات عديدة محتملة.

وحتى الآن، رفض صالح تكليف ثلاثة مرشحين تقدم بهم تحالف البناء، الذي يضم جميع النواب المؤيدين لإيران في البرلمان العراقي، وهم كلّ من وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم عن المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة همام حمودي، ووزير التعليم في الحكومة الحالية المستقيلة قصي السهيل عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، ومحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني عن تحالف الفتح بزعامة هادي العامري.

ويمثل هؤلاء المرشحون الثلاثة المرفوضون قوى ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران مكنتها من الوصول إلى القمة في المشهد السياسي العراقي، ما يسلط الضوء عل حقيقة أن رفضهم يحتاج إلى جرأة كبيرة.

وقالت مصادر سياسية إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، تدخل شخصيا لدعم ترشيح العيداني، مؤكدة أن سليماني توعد بإقالة صالح ومطاردته في حال لم يمرّر المرشح المذكور.

وذكرت المصادر أن من بين أشكال التهديد التي استخدمتها طهران ضد صالح إرسال طائرات مسيّرة للتحليق فوق منزله في بغداد، خلال اجتماعات له مع مسؤولين وساسة.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر من مكتب صالح قولها إن الرئيس غادر بغداد الخميس متجها إلى مسقط رأسه في السليمانية.

وعزت مصادر سياسية عراقية مغادرة صالح بغداد إلى "الخطر الحقيقي المتمثل على حياته بعد رفضه مرشح الأحزاب المدعومة من إيران".

ومعظم صلاحيات الرئيس في الدستور العراقي شكلية، إلا أن حقه في تكليف مرشح الكتلة البرلمانية الأكثر عددا بتشكيل الحكومة، هو المهمة الأخطر الموكلة إليه.

ويقول مقربون من صالح إن الرئيس يفضل الإصغاء لصوت الجمهور في هذه المرحلة، برغم التهديدات الإيرانية الكبيرة التي يطال بعضها حياته وأفراد أسرته.

ولم يكن صالح يذهب حتى هذا المدى، لولا تشجيع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي سارع المقربون منه إلى شكر الرئيس العراقي على وقوفه مع الشارع ورفض المرشح الذي اقترحته إيران.

ويتحكم الصدر في كتلة نيابية تملك 54 مقعدا في البرلمان العراقي، ويمكن لها لعب أدوار حاسمة في عمليات التصويت على المرشحين.

وقال نواب الصدر في البرلمان إنهم لن يسمحوا بقبول استقالة الرئيس صالح، مطالبين إياه باختيار مرشحين يتطابقون والمواصفات التي حددها المحتجون العراقيون المرابطون في ساحات الاحتجاج منذ ثلاثة شهور.

وقال صالح محمد العراقي، الذي يوصف بأنه “وزير الصدر” وأشدّ المقربين منه، إنه تقصّى عن المرشحين الذين يمكن أن يوافق الشارع عليهم، وتوصل إلى ثلاثة أسماء، مضيفا أن المرشحين الثلاثة الذين يمكن أن يشكل أحدهم الحكومة القادمة، هم رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي ورئيس هيئة النزاهة رحيم العكيلي والنائب في البرلمان فائق الشيخ علي.

ولا ينتمي أيّ من هؤلاء المرشحين إلى التيار الصدري سابقا أو الآن، وهو ما قد يعزز فرص أحدهم.

وقد يمثل دخول العراقي على خط اختيار المرشحين، مخرجا مهمّا لأزمة احتراق الأسماء، لاسيما في ظل صعوبة إقناع المحتجين بأيّ مرشح.

ويقول مراقبون إن طرح المرشحين عبر الصدر أو مقربيه، ربما يمثل مدخلا مهما لإقناع المحتجين بأحدهم، نظرا لوجود الصدريين بقوة في ساحات التظاهر.

ورجحت مصادر مطلعة حظوظ الكاظمي على الآخرين بسبب علاقة الكاظمي بمكتب المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.

ويُنظر إلى الخطوة التي أقدم عليها الرئيس العراقي كتحوّل مفصلي في الأحداث، فإن كانت استقالة عادل عبدالمهدي من منصب رئاسة الوزراء قد اعتبرت في حينها انتصارا مهما لقوى الاحتجاج فإن استقالة برهم صالح يمكن النظر إليها من جهة ما تمثله من دعم استثنائي لمطالب المحتجين وترجيح حقهم في اختيار الشخصية التي تناسبهم للحكم.

واعتبر مراقب سياسي عراقي أن صالح نجح في تسديد ضربة مفاجئة للأحزاب وللبرلمان في الوقت نفسه، وهي ضربة قد لا يستطيع الطرفان تفادي تداعياتها على مستوى تخلخل المعادلة التي يشكل المحتجون طرفها الثاني.

وبدا واضحا أن الرئيس العراقي قد اختار أن يقف مع الشعب وذلك ما ورد في رسالته التي قد يسعى البرلمان إلى تأجيل النظر في استقالته إلى أن تجد الأحزاب مخرجا لها من تلك التداعيات، وهو ما يمكن التكهن بصعوبته.

وقال المراقب  إن الاستقالة المفاجئة، وهي حدث غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث في العراق، قد ركنت كل التسويات الممكنة جانبا وأدت إلى حصر الأحزاب في زاوية ميتة، بعد أن عجزت تلك الأحزاب عن فرض مرشحيها بالقوة.

وتوقع أن تتجه الأنظار بطريقة مركزة إلى إيران التي وجه لها الرئيس العراقي صفعة مدوية بطريقة غير مباشرة، غير أن إيران ستفاجئ الجميع بخلوّ جعبتها من الحلول بعد أن انتهى الزمن الافتراضي للحل الأمني.

وربما ينجح مقتدى الصدر في إنقاذ الأحزاب من ورطتها غير أن أحدا لا يمكنه أن يتوقع في ما إذا كانت المبادرة الصدرية ستلقى ردودا طيبة من قبل الشعب، فالصدر هو الآخر متهم بالتواطؤ من أجل تمرير بعض صفقات الأحزاب السابقة.