يتحدى زعيم جماعة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ويتوعّده بخسارة انتخابية "صادمة" فيما لو تمت إعادة الانتخابات.
ويقول الخزعلي الذي ينضوي مع بقية حلفاء إيران في الإطار التنسيقي، إنّ الصدر وحليفيه في تحالف "إنقاذ وطن"، زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، ورئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، لن يتمكنوا من حصد النتائج التي حققوها في انتخابات خريف 2021. وتصريحات الخزعلي تأتي ضمن سلسلة محاولات تخوضها الأجنحة السياسية للفصائل سعيًا لتغيير واقع الهزيمة الانتخابية التي تعرضت لها تلك الفصائل.
ومنذ 6 أشهر، ترفض الجماعات المسلحة الموالية لإيران، الإقرار بخسارتها للانتخابات، وترفض كل القراءات التي تعزو تراجع مقاعد الفصائل إلى عوامل الرفض الشعبي لسلوكيات المسلحين، وعوضًا عن ذلك، يتنقل زعماء تلك الجماعات، بين عدة مبررات، كوجود اختراق "سايبراني" للنتائج نفذه "هكر" تلاعب بالنتائج، أو أنّ قانون الانتخابات كان مصممًا لخسارتها، وغيرها من التفسيرات المماثلة.
ويتخذ الإطار التنسيقي مسارين في محاولة إنقاذ نفسه، يمثّل الأول، زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم الذي خسر أكثر من 70% من مقاعده، إذ يسعى لإيجاد تسوية تضمن مشاركة القوى الخاسرة في الائتلاف الحكومي، بينما يكرر زعماء جماعات مسلحة، كـ "العصائب" الحديث عن إعادة الانتخابات.
ويراهن حلفاء إيران، على أنّ إعادة الانتخابات قد تتيح لهم إعادة ترتيب أوراقهم، وتصحيح الأخطاء الاستراتيجية التي وقت بها الفصائل خلال العملية الانتخابية، لجهة خطابها السياسي، أو التعامل الخاطئ مع قانون الانتخابات والدوائر الصغيرة.
وترفض قوى "الثلاثي" مناقشة فكرة إعادة الانتخابات "لانتفاء مبرراتها"، خاصة بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج، واستنفاد الإطار جميع محاولاته القانونية لإلغاء النتائج.
لكن أولى إشارات التعامل مع فكرة إعادة الانتخابات، ظهرت على لسان عضو الديمقراطي الكوردستاني، وزير الإسكان السابق بنكين ريكاني، الذي تحدث - للمرة الأولى بالنسبة لشخصية على صلة بالثلاثي- عن أنّ "إعادة الانتخابات ستكون من أهم خيارات" فك الانسداد السياسي.
ريكاني، الذي حقق حزبه الأغلبية على مستوى الأحزاب الكوردستانية، بـ 31 مقعدًا، قال بلهجة متحدية أيضًا لقوى الإطار "هل يؤمنون بأنفسهم للدخول في الانتخابات مرة أخرى أم لا؟".
ومن جهة أخرى عدة شخصيات على صلة مباشرة بصنع القرار داخل القوى الثلاثة المُشكِّلة لتحالف "إنقاذ وطن"، هناك مناقشة سيناريو إعادة الانتخابات، وظهَر أن كواليس القوى الثلاثة تضع بالفعل خططًا للتعامل مع هذا السيناريو الذي كان مُستبعدًا على مستوى التصريحات الرسمية على الأقل.
ووفقًا للمعلومات، فإنّ "الخطة التي سيعاني حلفاء إيران في التعامل معها تنص على إطلاق قائمة انتخابية موحدة تضم كبار الفائزين، وتضع الاكتساح هدفاً مباشرًا".
رئيس مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية، مناف الموسوي، يقول في تصريح صحفي، إنّ "آخر ما تفكر به قوى الإطار هو سيناريو إعادة الانتخابات" ويضيف "هذا مستحيل.. لا يُمكن أن يفكروا بهذا السيناريو جديًا رغم تصريحاتهم الإعلامية.. بل على العكس، قد يعتبرون الحديث عن هذا المسار، محاولةً للضغط على قوى الإطار وليس العكس.. إنّهم يعرفون حجمهم جيدًا، ومعظم المستقلين إنما فازوا على حساب الإطار، لأن غالبية الجمهور الناخب والمقاطع، إن لم يكن ضد الإطار، فهو على الأقل ضد مشروع الإطار بتشكيل حكومات توافقية شاملة لجميع القوى".
أما بشأن تشكيل القائمة الانتخابية الموحدة بين قوى الثلاثي، يقول الموسوي إنّ "لا شيء يمنع تشكيل هذا التحالف الانتخابي على مستوى التقارب بين القوى الثلاثة، لكن المحاذير تتعلق بالدرجة الأساس بالتكتيكات الانتخابية، فاندماج هذه الأطراف في تحالف واحد قد يسهل عملية استهدافهم سواءً سياسيًا، أم على مستويات أخرى"، ملمحًا إلى "تحديات أمنية" قد تواجه مرشحي تحالف من هذا النوع.
مسؤول في التيار الصدري، يقول إنّ "قراءة الموسوي للتحديات والمخاوف، لا تخلو من صحة"، لكنه يستدرك، إنّ أعضاء الثلاثي "جربوا كل شيء منذ 6 أشهر، من حملات التسقيط والأكاذيب التي تواصل مجاميع إعلامية بثها، وصولاً إلى قصف الكاتيوشا والطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، ولم يُظهر الصدر أو حلفاؤه بارزاني والحلبوسي وخميس الخنجر تراجعًا، بل على العكس، بدأ هؤلاء الشركاء يقوّي بعضهم بعضًا"، مشيرًا إلى بيان شديد اللهجة نشره الحلبوسي ضد الفصائل قبل أسابيع.
ويتابع مشترطًا إخفاء هويته، "رغم كل الدعوات والضجيج الإعلامي، نعتقد أننا مازلنا في مرحلة مبكرة جدًا قبل الوصول إلى إعادة الانتخابات، مازال لدينا في الثلاثي الكثير من الخيارات، لكننا لا ننتظر وقوع الحدث حتى نعد خططه، وفكرة توحيد قائمة انتخابية مع حليفينا واردة لعدة أسباب، على رأسها، انتفاء الحاجة للنزول منفردين، فأحد أسباب تأجيل تشكيل التحالفات إلى ما بعد الانتخابات، هو أن معظم الأحزاب تبني دعايتها السياسية على التراشق والتصعيد بين المكوّنات، أما تجربة الثلاثي فقد غادرت هذه المنطقة".
"لقد اختبرنا بعضنا البعض، وبدأنا محمّلين بهواجس وشكوك، وانتهينا إلى تبديدها، وبناء أول تحالف عابر للطائفية، وفيما لو بدأت خطوات تشكيل التحالف الانتخابي الموحد، فإن قوى أخرى ومستقلين سينضمون للتحالف، ولن تكون الأرقام النهائية سارّة لدعاة إعادة الانتخابات".
ويقول القيادي الصدري، ويلفت إلى أنّ تياره يستبعد إعادة الانتخابات وفق قانون الانتخابات الحالي: "أشاعت أطراف سياسية أن فوزنا وخسارتهم كانا بسبب قانون الانتخابات، ونحن في الحقيقة لا نعتقد أنّه قانون مثالي، ولذا فإن جانبًا آخر من مفاجآتنا لا يتعلق فقط بالقائمة الانتخابية الموحدة مع حلفائنا الديمقراطي والسيادة، بل أيضًا بدعمنا لتغيير قانون الانتخابات".
قيادي في حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي، يقول إنّ قائمة الثلاثي الانتخابية الموحدة، نوقشت بالفعل في الاجتماعات بين أقطاب التحالف، وأنّ "تقدم" على رأس داعمي الفكرة".
ويبيّن، "نحن حزب سياسي، وعلينا دائمًا الانتباه إلى اتجاهات جمهورنا وتفضيلاته، ومنذ انضمامنا إلى التحالف الثلاثي، نلاحظ أننا نحصل على مساندة شعبية لفكرة كسر التحالفات الطائفية، وبناء مشروع حكم جديد ورشيد، ويمكننا القول أن جمهورنا انتقل من مرحلة اليأس، إلى بوادر الأمل، بأن لا يكون سكان المحافظات ذات الغالبية السنية مواطنين من الدرجة الثانية، ولا أن يكون أي عراقي من الجنوب إلى الشمال، مجرد رقم في نزاعات دامية داخلية أو إقليمية، ولذا نلمس تطلع جمهورنا إلى أن يكون شريكًا مع بقية العراقيين في بناء مستقبل يعتمد الاستثمار والفرص، وليس الحروب والكاتيوشا".
وتجمع المصادر السياسية من داخل التحالف الثلاثي، على أنّ رفع بعض الفصائل الصوت في المطالبة بإعادة الانتخابات، ليس أمرًا جادًا، نظرًا لمدى تعقيد المشهد داخل الإطار التنسيقي نفسه، كما في موقف أكبر قوى الإطار، ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، الذي يرفض بشدة أي حديث عن الإعادة، إلا أنّ شخصيات الثلاثي تتحدث عن جاهزيتها – وبعضها يتحدث عن تفضيله - لإعادة الانتخابات إذ "ستقود إلى تعميق جراح الإطار، واكتساح القائمة الانتخابية الثلاثية، التي ستقدم المشروع الوحيد والواضح".