بعيدا عن أي ضجيج إعلامي في اختيار يبدو أنه تم بالتوافق بين إيران والسعودية، تجري محادثات بين القوتين الإقليميتين المتنافستين واللتين تقفان على طرف نقيض من كثير من الملفات، على طريق تهدئة التوترات الكامنة بين البلدين.
وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من بيروت الجمعة أن المحادثات الجارية بين بلاده والمملكة العربية السعودية تسير على "الطريق الصحيح"، لكن استئناف العلاقات بين القوتين الإقليميتين يحتاج إلى مزيد من الوقت.
وأجرى مسؤولون سعوديون وإيرانيون عدة جولات من المباحثات خلال الأشهر الماضية في العاصمة العراقية، كشف عنها للمرة الأولى في أبريل/نيسان الماضي خلال فترة رئاسة الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني. واستُؤنفت المحادثات إثر وصول إبراهيم رئيسي إلى سدة الرئاسة.
وتعدّ إيران والسعودية القوتان الإقليميتان الأبرز، لكنهما على طرفي نقيض في معظم الملفّات الإقليمية ويتبادلان الاتهامات بشأن زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وقال عبداللهيان في مؤتمر صحافي في مقر سفارة بلاده، في ختام زيارة إلى بيروت التي وصلها فجر الخميس آتيا من موسكو، إن الحوار السعودي الإيراني يسير على "الطريق الصحيح. وقد تمكنّا من التوصل إلى نتائج واتفاقات، لكننا ما زلنا بحاجة إلى محادثات إضافية".
وتابع "سيعلن الطرفان عن تطبيق هذه الاتفاقات في الوقت المناسب. ونحن نرحّب بمواصلة المحادثات وبالنتائج التي تفيد الطرفين والمنطقة".
وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران في يناير/كانون الثاني 2016، إثر هجوم على سفارتها في العاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد (شمال شرق)، نفّذه محتجّون على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي نمر النمر بعد إدانته بتهم تتعلق بالإرهاب.
وأوضح المسؤول الإيراني في هذا السياق "نحن لم نبادر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، تم ذلك بقرار سعودي" مضيفا "في كل الأحوال، نعتبر أن المفاوضات الجارية بناءة ونأمل أن تؤدي إلى نتائج تصب في مصلحة الطرفين".
واعتبر أن "المملكة العربية السعودية دولة مهمة في المنطقة. والجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة مهمة أيضا" مشددا على أهمية دور البلدين في تحقيق الاستقرار المستدام في المنطقة".
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أعرب في حوار مطول مع عدد من القنوات السعودية في ابريل/نيسان، عن رغبة بلاده في إقامة علاقات "مميزة" مع جارتها إيران.
وقال حينها "لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".
وتابع "إشكاليتنا هي في التصرفات السلبية التي تقوم بها إيران سواء من برنامجها النووي أو دعمها لميليشيات خارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامج صواريخها البالستية".
وشكلت تصريحات الأمير محمد انعطافة مهمة بعد ست سنوات من القطيعة مع إيران، فيما كانت الرياض تتهم طهران بدعم وتسليح المتمردين الحوثيين في اليمن والذين يشنون اعتداءات على أهداف مدنية واقتصادية في المملكة بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية تقول واشنطن والسعودية إن مصدرها إيران.
وكان ولي العهد السعودي قد دعا في المقابلة ذاتها، الحوثيين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات "للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضا مصالح دول المنطقة".
وقال وقتها "العرض المقدم من السعودية هو وقف إطلاق النار والدعم الاقتصادي وكل ما يريدونه مقابل وقف إطلاق النار من قبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات"، مضيفا "لا شك أن الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني لكن أيضا الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة العروبة واليمنية الذي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر".