Skip to main content

الإمارات وإيران والجزر الثلاث

دبي
AvaToday caption
منذ إعلان بريطانيا عام 1968 الانسحاب من الخليج ، فشلت محاولات بذلتها جهات فاعلة إقليمية وخارجية، لتطوير نظام أمني كفء وفعّال يؤمّن التعاون من أجل تحقيق الاستقرار والأمن
posted onOctober 3, 2021
nocomment

هدى رؤوف

طرحت التصريحات المتبادلة بين المسؤولين الإماراتيين والإيرانيين بشأن الجزر الإماراتية الواقعة تحت السيطرة الإيرانية تساؤلات بشأن العلاقة بين الطرفين، التي بدت فيها مؤشرات تحسن خلال العامين الماضيين، بل ألقت الضوء على ما يتسم به النظام الأمني للخليج من تعقيدات يُراد حلها، ومن ثم تخفيض مصادر زعزعة استقراره، ولكن ثمة عقبات مستمرة تزيد من التعقيدات تلك.

فمنذ أيام أثار خطاب وزير الدولة الإماراتي، خليفة شاهين المرر، أمام الأمم المتحدة، الخلاف الإقليمي المتجدد بين إيران والإمارات العربية المتحدة حول قضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. إذ أشار في كلمته إلى أن بلاده ستواصل المطالبة بالسيادة على الجزر التي تحتلها إيران وتقع في مضيق هرمز. وأكد أن السيطرة الإيرانية تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. فجاء في بيان صادر عن البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة أن "الجزر الثلاث هي مساحات لا تنفصل عن الأراضي الإيرانية وأي مطالبة بها مرفوضة بشدة".

وكانت البحرية الإيرانية سيطرت على الجزر الثلاث بعد الانسحاب البريطاني في عام 1971، في عهد آخر ملوك أسرة بهلوي، محمد رضا شاه، ثم استمرت "الجمهورية الإسلامية" في السيطرة على الجزر الثلاث.

وتأتي إثارة قضية الجزر الثلاث على الرغم من بعض مؤشرات التقارب التي حدثت بين طهران وأبو ظبي في العامين الماضيين، حين شحنت الإمارات إمدادات طبية إلى طهران لمساعدتها في السيطرة على فيروس كورونا، الذي جعل إيران في المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات والوفيات في الشرق الأوسط.

كما التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مبعوثاً إماراتياً، وتحدث عن استعداده لتوثيق العلاقات بين البلدين.

وبشكل عام، تتسم العلاقات بين إيران والإمارات بالتعقد وتعدد الأبعاد، إذ ترتبط طهران بعلاقات تجارية وثيقة مع إمارة دبي، على الرغم من النزاع التاريخي بشأن الجزر الإماراتية، التي تُعد من القضايا محل النزاع الممتدة منذ عام 1971، والتي يتم تأكيدها في كل بيانات الجامعة العربية والقمم الخليجية.

ودائماً ما تثير دول الخليج مخاوفها علناً بشأن ما تمثله إيران من تهديدات تتمحور باستمرار حول الرغبة الإيرانية للسيطرة على المنطقة، وإثارة النزاعات الحدودية والإقليمية مع جيرانها العرب من حين إلى آخر، كالنزاع الإيراني - الإماراتي على الجزر الثلاث والتدخل في شؤون البحرين، فضلاً عن محاولاتها التأثير بشكل كبير في مستويات إنتاج النفط والأسعار، ناهيك بالتهديد الدائم بالقدرة على إغلاق مضيق هرمز، الذي يتدفق منه نحو 20 في المئة من تدفقات النفط في العالم.

منذ إعلان بريطانيا عام 1968 الانسحاب من الخليج ، فشلت محاولات بذلتها جهات فاعلة إقليمية وخارجية، لتطوير نظام أمني كفء وفعّال يؤمّن التعاون من أجل تحقيق الاستقرار والأمن، بل على العكس اتسمت العلاقة الأمنية بين الفواعل الرئيسة بالتنافس والصراع ومزيد من التدخل الخارجي.

ويواجه أي نظام أمني مقترَح في الخليج تعقيدات هيكلية عديدة، فقبل سقوط نظام صدام حسين، كان هناك ثلاثة أقطاب محتملة (المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وإيران والعراق)، وفي حين كانت السعودية من دول الحفاظ على الوضع الراهن وراضية عن الوضعين الاستراتيجي والسياسي، كان العراق وإيران يسعيان إلى تغيير الوضع القائم واكتساب مزيد من السيطرة على الخليج. فإيران تشعر بأن وضعها هو أنها قوة قيادية في الخليج. أما العراق فكان لديه طموح ليكون لاعباً رئيساً في العالم العربي. وكان الغزو الأميركي في عام 2003 النافذة التي سهّلت إخراج العراق من معادلة القوى الإقليمية في منطقة الخليج لصالح مضي إيران في سعيها نحو الهيمنة.

لذا وعلى الرغم من إعلان إبراهيم رئيسي نيته توثيق العلاقات مع جيرانه في الشرق الأوسط، فقد يقدّم هو الآخر طرحاً لرؤيته للتعاون الأمني الذي لن يختلف عن المشروعات الأمنية التي طرحها مَن سبقوه من الرؤساء الإيرانيين، إلا أنه يمكن القول إن العقبات ستظل قائمة أمام أي مشروع أمني بين إيران ودول الخليج ، وتتمثل باستمرار عدد من الأزمات منها احتلال إيران جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وتواصل البرامج الإيرانية الهادفة إلى تطوير ترسانة عسكرية تقليدية وغير تقليدية وتحديث قدراتها التكنولوجية، بالإضافة إلى دور إيران النشط في محاولة زعزعة استقرار حكومات الخليج العربي عبر استمرار العمل بمبدأ تصدير الثورة، ومحاولة إيران السيطرة على منطقة الخليج باعتبارها القوة المهيمنة الوحيدة.

ومن ثم فمن أجل إنشاء ترتيبات أمنية إقليمية فعّالة، لا بُد من اتخاذ تدابير لبناء الثقة بهدف تسوية النزاعات وردع الصراع، وهو ما لن يتحقق طالما ظلت العقبات المذكورة أعلاه.