Skip to main content

روحاني تاركا خلفه خيبة أمل ووعودا معلقة

روحاني
AvaToday caption
"على المستوى السياسي، فإن الطبقة الوسطى المتعلمة (والمتحدرة) من المدن الكبرى، تعاني خيبة أمل كبيرة من روحاني"
posted onJune 15, 2021
nocomment

انتخب حسن روحاني رئيساً للجمهورية في إيران، عام 2013، واعداً بانفتاح دبلوماسي، وتعزيز الحريات الاجتماعية، وأعيد انتخابه بحماسة في عام 2017، لكن السياسي المعتدل يستعد لطي صفحة عهد يُختتم بخيبة أمل، بعد عدم تحقيق قسم كبير من هذه الوعود.

وفي حال صحت التوقعات بفوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية في 18 يونيو (حزيران) الحالي، سيرسخ ذلك تعثر عهد روحاني، الذي طبعت أعوامه الأخيرة أزمة اقتصادية واجتماعية، تعود بشكل أساسي إلى العقوبات الأميركية التي أعيد فرضها على إيران منذ عام 2018.

وصرح الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "إيريس" في باريس، تييري كوفيل، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن روحاني "أراد تحرير الاقتصاد الإيراني من خلال تعزيز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية". وأضاف أن هذا التوجه "أطاحه كلياً" الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

وكانت إيران قد أبرمت في 14 يوليو (تموز) 2015، أي مع انتصاف الولاية الأولى لروحاني، اتفاقاً مع ست قوى كبرى (الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وألمانيا)، في شأن برنامجها النووي، أنهى أعواماً من التوتر والمفاوضات، وفتح نافذة انفراج دبلوماسي في علاقة طهران مع الغرب.

وبموجب الاتفاق، رُفع قسم كبير من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران مقابل تقييد أنشطتها في المجال النووي، وضمان سلمية برنامجها.

وقوبل إبرام الاتفاق في فيينا، بفرحة عارمة في طهران، حيث نزلت أعداد كبيرة من الناس إلى الشوارع احتفالاً، لكن مفعول الاتفاق ذهب أدراج الرياح بالكامل تقريباً، اعتباراً من عام 2018، مع قرار ترمب الانسحاب منه بشكل أحادي، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران، ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اعتمدتها إدارته حيالها.

وانعكست العقوبات سلباً على الاقتصاد الإيراني، وتسببت بركود رافقه تراجع حاد في قيمة العملة المحلية.

زاد الوضع سوءاً مع جائحة كورونا، التي تُعد إيران، أكثر الدول تأثراً بها في منطقة الشرق الأوسط. ووجد روحاني نفسه محط انتقادات السياسيين المحافظين، الذين اتهموه بـ"عدم الفاعلية" في مواجهة الأزمات، بينما دافع عن سياساته، عازياً الأزمات بشكل أساسي إلى "الحرب الاقتصادية" التي تشنها واشنطن.

كما لم يَسلَم روحاني من انتقادات الإصلاحيين الذين تحالفوا معه في الحكومة، والذين اعتبروا أنه خلف بعديد من وعوده الانتخابية، لا سيما تلك المتعلقة بالحقوق المدنية والفردية. فواجه، على سبيل المثال، انتقادات لعدم تمكنه من رفع الإقامة الجبرية المفروضة على مير حسين موسوي ومهدي كروبي، رَمزَي "الحركة الخضراء" الاحتجاجية، التي تلت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في عام 2009.

واعتبر الصحافي الإصلاحي أحمد زيد آبادي، أن استخلاص حصيلة عهد روحاني يجب أن يتم "من منظار الصلاحيات" التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في إيران.

وتعود الكلمة الفصل في السياسات العامة إلى المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي. وفي حين يحظى رئيس الجمهورية بصلاحيات تنفيذية، ويشكل الحكومة، ثمة هيئات أخرى تتمتع بدور مؤثر في النظام السياسي، مثل مجلس الشورى (البرلمان)، والسلطة القضائية، إضافة الى الحرس الثوري.

وفي ما يتعلق بالإنترنت، أنجز روحاني تكبير سعة النطاق للاتصال بالشبكة، إلا أنه لم يتمكن من الإيفاء بوعده رفع الحظر المفروض على تطبيقات وسائل تواصل اجتماعي، مثل "فيسبوك" و"تويتر".

ولا يمكن النفاذ إلى هذه التطبيقات، كما هو الحال مع كثير من المواقع الإلكترونية في إيران، من دون استخدام شبكات افتراضية خاصة "في بي أن".

وفي حين أن حضور ما اصطُلح على تسميتها "شرطة الأخلاق" تراجع في الشوارع، شهد عهد روحاني قمع حركة احتجاج ضد إلزامية ارتداء الحجاب في الأماكن العامة في عام 2018.

كما شهد عهده موجتَي احتجاجات على خلفيات اقتصادية، وذلك في شتاء 2017-2018 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019، تعاملت معهما السلطات بالشدة.

ولا تزال بعض الشخصيات التي نشطت في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، وخصوصاً حقوق النساء، في السجن. وواجه بعض هؤلاء تشديد العقوبة المفروضة عليهم.

واعتبر الباحث في معهد "إيريس"، تييري كوفيل، أنه "على المستوى السياسي، فإن الطبقة الوسطى المتعلمة (والمتحدرة) من المدن الكبرى، تعاني خيبة أمل كبيرة من روحاني". أضاف، "يتفهم الناس ما حدث، لكنهم توقعوا منه أن يقاوم بشكل أكبر تقدم المتشددين سياسياً".

من جهة أخرى، رأى المحلل السياسي المحافظ حسين كنعاني مقدم، أن "روحاني نفسه يتحمل جزءاً أساسياً من عملية تهميشه". وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "الرئيس الحالي أحاط نفسه بمجموعة ضيقة من المقربين الذين بالغ في الاعتماد عليهم، ما أدخل الحكومة في طريق مسدود سياسياً".

واعتبر الباحث الفرنسي كليمان تيرم، المتخصص في الشأن الإيراني بالمعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، أن "النجاح الأكبر" الذي حققه روحاني، هو إبرام "تسوية دبلوماسية مع واشنطن في إطار الخطوط الحمر للنظام السياسي في طهران".

في المقابل، يعتبر تيرم أن "فشل روحاني الأساسي هو إضعاف الطبقة الوسطى وثورات الطبقات الشعبية المتضررة من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية".

وفي سياق متصل، قال عبد الناصر همتي، المرشح المعتدل البارز بانتخابات الرئاسة الإيرانية، الثلاثاء 15 يونيو (حزيران)، إنه من الممكن أن تجري إيران محادثات مع الولايات المتحدة إذا التزمت واشنطن "بالتعايش الإيجابي" مع طهران.

وكان الزعيم الأعلى الإيراني، علي خامنئي، صاحب القول الفصل في كل شؤون الدولة، قد استبعد مراراً التفاوض مع الولايات المتحدة. لكن طهران تجري محادثات غير مباشرة مع واشنطن وقوى عالمية من أجل العودة للالتزام بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن في عام 2018.

وقال همتي، المحافظ السابق للبنك المركزي، في مؤتمر صحافي قبيل الانتخابات المقررة الجمعة، "يجب أن نرى ما الذي ستفعله أميركا بشأن الاتفاق النووي... بعد ذلك نرى ما إذا كانت تريد مواصلة التدخل في المنطقة من خلال إسرائيل وعناصرها".

وأضاف همتي في تصريحات نقلتها وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء، "هناك سلسلة من القضايا التي تحتاج إلى بناء الثقة... إذا شعرنا حقيقة أن أميركا تمضي باتجاه تعايش إيجابي لدعم السلام العالمي والإقليمي، عندئذ لن تكون هناك مشكلة في إجراء محادثات".

وهمتي مرشح معتدل سمح له مجلس صيانة الدستور الذي يقوده متشددون بخوض الانتخابات مع خمسة مرشحين متشددين ومرشح آخر معتدل. ولم يحقق نجاحاً يذكر في حشد تأييد الإصلاحيين وسط دعاوى لمقاطعة الانتخابات.

وذكرت وكالات أنباء إيرانية الثلاثاء نقلاً عن ابن رجل الدين مهدي كروبي، زعيم المعارضة الموضوع قيد الإقامة الجبرية منذ عام 2011، قول كروبي إنه سيصوت لصالح همتي. لكن مير حسين موسوي حليف كروبي، الموضوع كذلك قيد الإقامة الجبرية منذ 2011، انضم إلى المقاطعة التي دعا إليها معارضون في داخل البلاد وخارجها.