اتفق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني اليوم الخميس، على المضي قدما في تشكيل الحكومة المقبلة عبر "تحالف ثلاثي" يضم قوى شيعية وسنّية و كوردية.
ويأتي هذا التطور بينما كشف مصدر سياسي الخميس أن الكتلة البرلمانية للتيار الصدري وتحالف 'السيادة' الذي يضم معظم القوى السياسية السُنية أبلغا الحزب الديمقراطي الكوردستاني بدعم مرشحه ريبر أحمد خالد لمنصب رئيس الجمهورية.
وقد يعبد دعم الكتلة الصدرية وتحالف 'السيادة' الطريق لتشكيل حكومة أغلبية وطنية يطالب بها الصدر ويعزز كذلك من موقع التحالف الثلاثي في البرلمان الجديد.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد استبعد هوشيار زيباري من سباق الرئاسة بسبب شبهات فساد حين كان وزيرا للخارجية والمالية في الحكومات العراقية المتعاقبة، ما اضطر الديمقراطي الكوردستاني لترشيح وزير الداخلية في الإقليم شبه المستقل ريبر أحمد للمنصب الذي يتنافس عليه عدة مترشحين أبرزهم الرئيس الحالي المنتهية ولايته برهم صالح.
ويبدو أن دعم كتلة الصدر البرلمانية لترشيح ريبر أحمد يأتي ضمن تسوية أو صفقة لتعزيز التحالف الثلاثي.
وكانت مصادر محلية قد رجحت أن يتأثر هذا التحالف البرلماني بعد أن قاطع التيار الصدري جلسة برلمانية لانتخاب رئيس الجمهورية اعتراضا على ترشيح الديمقراطي الكوردستاني لهوشيار زيباري.
وذكرت وكالة شفق نيوز العراقية الكوردية نقلا عن المصدر الذي قالت إنه مطلع على الملف، أن الكتلة الصدرية وتحالف السيادة أبلغا بشكل رسمي الحزب الديمقراطي دعمهما والتصويت لصالح مرشحه لرئاسة الجمهورية (ريبر أحمد خالد).
وبحسب بيان نشره المكتب الإعلامي للصدر على فيسبوك، بحث الصدر وبارزاني "خلال اتصال هاتفي اتخاذ الخطوات اللازمة وتنسيق مواقف التحالف الثلاثي الاستراتيجي في المرحلة الراهنة من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية". كما اتفاقا على ضرورة عقد اجتماع لقوى التحالف الثلاثي خلال الأيام المقبلة.
ويضم التحالف الثلاثي الكتلة الصدرية (شيعية) بزعامة الصدر والتي تصدرت نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة بـ73 من أصل 329 مقعدا، وتحالف 'السيادة' وهو ثاني أكبر كتلة برلمانية وأكبر تحالف للقوى السنّية (71 مقعدا) والحزب الديمقراطي الكوردستاني أكبر الأحزاب الكوردية ورابع أكبر كتلة برلمانية بـ31 مقعدا.
ويعيش البلد أزمة سياسية منذ إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جراء خلافات بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي يضم الأحزاب الشيعية الموالية لإيران والتي خسرت في الانتخابات باستثناء ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الذي حصل على 33 مقعدا.
ويريد الصدر تشكيل حكومة أغلبية وطنية بينما يطالب الإطار التنسيقي بحكومة توافقية تضم أحزابه وهو أمر لم يعارضه الصدر لكنه اشترط استبعاد المالكي وائتلافه من أي دور في الحكومة المقبلة. ورفض قادة الإطار التنسيقي مقترح الصدر.
وفي خضم الأزمة السياسية أثار قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق (أعلى هيئة قضائية في البلاد)، بإلزام حكومة كوردستان العراق بتسليم كامل إنتاج النفط لبغداد، احتمال تصدع التحالف الثلاثي.
لكن لقاء مباحثات الصدر وبارزاني لم تخض في هذا الأمر المفصلي في العلاقة بين أربيل وبغداد وتداعياته السياسية.
لكن يبدو أن ثمة اتفاق وتوافق بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكوردستاني على ترك هذا الأمر جانبا إلى حين حل عقدة تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للبلاد. وقد يكون دعم ريبر أحمد خالد مفتاح حل أي إشكال بين ضلعي التحالف.
ودعا الرئيس العراقي برهم صالح الخميس إلى إطلاق حوار عاجل بين الحكومتين الاتحادية في بغداد وإقليم كوردستان في أربيل، بشأن ملف إدارة الثروة النفطية.
وتأتي الدعوة بعد يومين من صدور قرار من المحكمة الاتحادية العراقية (أعلى سلطة قضائية وقراراتها غير قابلة للطعن) يلزم فيه إقليم كوردستان بتسليم نفطه إلى الحكومة الاتحادية، واعتبار قانون النفط والغاز الخاص بالإقليم "غير شرعي".
ورفضت حكومة الإقليم في بيان الثلاثاء، قرار المحكمة الاتحادية واعتبرته مخالفا لدستور البلاد.
وقال صالح في بيان، إن "تردد القوى السياسية لسنوات في إقرار قانون النفط والغاز أسهم في خلق الإشكاليات والأزمات وأوصلنا إلى هذه اللحظة المفصلية حيث نواجه تبعاتها اليوم".
وشدد الرئيس العراقي المنتهية ولايته على ضرورة إطلاق حوار جاد وعاجل بين حكومتي بغداد والإقليم "لإيجاد آليات واقعية ضامنة لما أرادت المحكمة الاتحادية العليا الأخذ به، وبما يضمن الاستحقاقات الدستورية لإقليم كوردستان وسائر العراقيين عبر تسخير الواردات لخدمة المواطنين بعيدا عن الفساد وسوء الإدارة".
وإدارة الثروة النفطية إحدى أهم الملفات العالقة بين بغداد وأربيل منذ سنوات طويلة إلى جانب المناطق المتنازع عليها بين الطرفين.
وينتج الإقليم نحو 450 ألف برميل يوميا من النفط ويقوم بتسليم 250 ألف برميل يوميا إلى الحكومة الاتحادية مقابل حصوله على 12.6 بالمئة من الميزانية المالية للدولة، بناء على اتفاق أبرم بين الجانبين في العام الماضي.