رفتن به محتوای اصلی

الساحة العراقية أصبحت جبهة مفتوحة لإيران

إيران تتدخل في كل مؤسسات حكومة العراق
AvaToday caption
المليشيات الإيرانية الإرهابية تعوّل في تصريحات لمواجهة الوجود الأمريكي هذه المرة على بعض المنتفعين منها في المدن العربية السنية
posted onFebruary 3, 2019
noدیدگاه

لم يعد أمام النظام الإيراني أي طريق للالتفاف على العقوبات الاقتصادية وتجنب المواجهة المباشرة مع واشنطن في العراق سوى الدفع بمليشياتها للتصعيد ضد الوجود الأمريكي.

وعلى مدى الأشهر الماضية ومنذ تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران للحد من دورها الإرهابي في المنطقة، صعّدت مليشيات الحشد الشعبي وخصوصا عصائب أهل الحق ومنظمة بدر والنجباء وكتائب حزب الله العراق وعدد آخر من المليشيات المعروفة بولائها للمرشد الإيراني علي الخامنئني ضد الوجود الأمريكي في العراق تحت زعم الحفاظ على السيادة العراقية.

تؤكد المعلومات، أن قاسم سليماني قائد فيلق القدس الموجود في العراق بشكل دائم مشرف عليها بهدف تجنيب إيران الحرب من خلال تحويل العراق إلى ساحة للصراع مع الولايات المتحدة وامتصاص غضب الشارع على أحزاب تابعة لإيران ومليشياتها، خصوصا المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية من خلال إثارة الشعور الوطني والمذهبي، وبالتالي الزج بأبنائها في حرب لا علاقة لهم بها.

وهدد  قيس الخزعلي، الأمين العام لمليشيات عصائب أهل الحق في ٢٩يناير/كانون الثاني الماضي، بإخراج القوات الأمريكية من العراق بالقوة، وأضاف في تصريح صحفي: "أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب يرفضون مبدئيا الوجود العسكري الأمريكي، إذا أرادت الولايات المتحدة فرض وجودها بالقوة مع تجاهل قرارات البرلمان، فإن بإمكان العراق التعامل معها بالمثل من خلال طردها بالقوة".

ولم تكن تصريحات الخزعلي هذه أول مرة، فقد حرص قادة المليشيات منذ تأسيسها بفتوى من المرجع علي السيستاني وبأمر مباشر من قاسم سليماني على إصدار هكذا تصريحات وغسل أدمغة العديد من الشباب العراقيين وتجنيدهم في صفوفها ومن ثم إرسالهم إلى سوريا واليمن ولبنان واستغلالهم في العراق لتنفيذ المشروع الإرهابي لنظام ولي الفقيه في المنطقة.

واعتبر الخبير السياسي مؤيد الطيب، النائب السابق في مجلس النواب العراقي، وجود القوات الأمريكية ضروريا كي لا تستولي إيران على العراق بالكامل.

وقال الطيب  "مليشيات الحشد الشعبي متخوفة من إنهاء دورها في العراق بوجود القوات الأمريكية، وقدرة الجيش العراقي على مواجهة فلول داعش بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وهذا أحد الأسباب التي تدفع بهذه المليشيات للتصعيد وإطلاق التهديدات بمواجهة الجيش الأمريكي بالقوة".

وأضاف الطيب أن المصالح المشتركة بين مليشيات الحشد الشعبي وطهران تتمثل في تصعيد مليشياته ضد قوات التحالف ومحاولتها إصدار قانون لإخراج القوات الأمريكية من العراق، مؤكدا أن "سعي المليشيات لإصدار قانون إخراج القوات الأمريكية من العراق حلم لن يتحقق، فالوجود الأمريكي قائم حاليا ومستقبلا في هذا البلد، سواء صدر هذا القانون من البرلمان أو لم يصدر. مجلس النواب لم يستطع الإقدام على هذه الخطوة رغم وجود من ينادي بذلك".

وأشار الطيب إلى أن تصعيد قادة المليشيات ومحاولاتها لإخراج القوات الأجنبية من العراق يصطدم مع الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية التي من الصعب إنهاؤها بهذه السهولة، مشددا "تصريحات المليشيات شَعبوية، الغاية منها إرضاء إيران، ولن نشهد أي خطوة فعلية ضد أمريكا وسيكتفون بهذه التصريحات والتصعيدات".

وفتح قرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما سحب غالبية القوات الأمريكية من العراق نهاية عام ٢٠١١ الساحة العراقية أمام إيران ومليشياتها بالكامل، فقد تمكنت طهران وخلال السنوات الثلاث التي أعقبت الانسحاب من تنفيذ خططها، وسلمت ثلاث محافظات عراقية هي الموصل والأنبار وصلاح الدين وأجزاء من محافظتي كركوك وديالى لداعش؛ تمهيدا لفرض سيطرتها على هذه المناطق التي تقع على الطريق البري الممتد من طهران عبر العراق إلى سوريا ولبنان وإنشاء مشروع الهلال الشيعي الذي أعلن عنه نظام الخميني منذ سيطرته على الحكم عام ١٩٧٩.

واعتمد النظام الإيراني على سياسة استخدام العرب السنة في العراق لمواجهة الأمريكيين الذين شكّل وجودهم في العراق بعد عام ٢٠٠٣ خطرا على المشروع التوسعي الإيراني، فدفع من خلال السنة المواليين له وبالاستفادة من النظام القطري والجماعات الإرهابية المرتبطة به إلى غسل أدمغة السنة ودفعهم إلى مواجهة الوجود الأمريكي في العراق، الأمر الذي تسبب في تدمير المدن العربية السنية وتهميشها لأنها كانت مناطق ساخنة تشهد عمليات مسلحة، بينما كان السياسيون الشيعة التابعون لإيران متحالفين مع التحالف الدولي وسيطروا على مقاليد الحكم كافة، لكن الموقف العربي السني بات مختلفا عما كان عليه خلال السنوات الماضية، فالسنة العراقيون يرحبون اليوم بالتحالف الدولي للتخلص من إيران ومليشياتها.

في غضون ذلك، قال الشيخ مصطفى العسافي، القيادي في تجمع القوى العراقية للإنقاذ ورفض التوسع الإيراني، "المليشيات الإيرانية الإرهابية تعوّل في تصريحات لمواجهة الوجود الأمريكي هذه المرة على بعض المنتفعين منها في المدن العربية السنية، لكنها لا تعلم أن هؤلاء سيكونون أول المتخلين عنها وستواجه هذه المليشيات في الوقت ذاته مقاومة وتصديا وهجوما مباغتا من العراقيين في المحافظات الجنوبية التي ذاقت الأمرين من هذه المليشيات، ولن تشهد المليشيات بعد الآن أذنا صاغية من العراقيين".

وتشهد مدن جنوب العراق، ذات الغالبية الشيعية وخصوصا مدينة البصرة منذ يوليو/تموز من العام الماضي وحتى الآن، مظاهرات واحتجاجات شبه يومية تطالب بالخدمات الرئيسية وفرص العمل وإنهاء الدور الإيراني في العراق، وبلغت هذه الاحتجاجات ذروتها في سبتمبر/أيلول الماضي عندما أحرق شباب بصريون غاضبون مقرات المليشيات والقنصلية الإيرانية في البصرة في أول ردة فعل من شيعة العراق على التدخلات الإيرانية، وتعتبر تحركات المدن الجنوبية العراقية بداية نهاية المشروع الإيراني في العراق، بحسب طيف واسع من المراقبين.

وأردف العسافي: "نحن كعرب سنة نرحب بالوجود الأمريكي، واشنطن حليفة وصديقة لنا ولن نتعامل معها بعدوانية. أما التصعيد الإيراني ضد الوجود الأمريكي في العراق ليس إلا أقوالا لا أفعالا، وقد شاهدنا ضعف إيران ومليشياتها في سوريا وفي اليمن أمام ضربات التحالف الدولي والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مؤخرا، وهذا يعني أن الدور الإيراني بدأ بالزوال وسينتهي قريبا".

ومارست مليشيات الحشد الشعبي، منذ تأسيسها، سياسة تجويع المواطنين العراقيين والتضييق عليهم من خلال تهميشهم وحرمانهم من فرص العمل والاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم في جنوب العراق وفي بغداد والمدن والمحافظات الأخرى ما عدا إقليم كردستان الخاضع لحكومة الإقليم، الأمر الذي دفع بالشباب إلى الانتماء لهذه المليشيات هربا من الفقر، واستغلت المليشيات هذا الواقع لاستخدام الشباب المنتمين لها كدروع بشرية لحماية النظام الإيراني الذي دمر العراق وفرض سيطرته على جميع مفاصل الحكم فيه.

أمام خريطة المصالح داخل العراق، تعرت الخلافات داخل معسكر القوى الموالية لنظام ولاية الفقيه، في بلد يعاني من تدخلات فجة للجار الإيراني، بعد أن كشف تصريح رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي مؤخرا عن حجم نفوذ طهران.

وأقر العبادي، الذي يتزعم ائتلاف النصر النيابي، خلال مقابلة تلفزيونية، السبت، بوجود نفوذ لطهران في بلاده، مؤكدا أنه يتجلى في الضغوط خلال تشكيل الحكومات واختيار النخب الحاكمة، رافضا تدخلات أجهزة بعض الدول سواء كانت أمريكية أو إيرانية أو غيرهما في المشهد السياسي ببلاده.