رفتن به محتوای اصلی

متطلبات المشروع الإيراني: طرد أميركا ومحو إسرائيل

ميليشيات عراقية
AvaToday caption
أما إيران فلديها مشروع إقليمي عملت له وأنفقت عليه، وركزت على ما تسميه "الاقتدار العسكري"، وأنشأت وسلحت ومولت ميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري للعمل من أجل المشروع
posted onAugust 13, 2023
noدیدگاه

رفيق خوري

طبيعة العلاقات العربية - الإيرانية ليست بسيطة ولا ثنائية، بمقدار ما هي مركبة ومتشابكة مع علاقات أخرى. والطريق إليها، في ضوء الاتفاق السعودي - الإيراني برعاية الصين، مملوء بالرهانات والاختبارات. رهانات على تحول مهم في الاستقرار الإقليمي والالتفات إلى التنمية المستدامة، واختبارات في المسار العملي لتسوية الخلافات وتصفية الأزمات والحروب، بدءاً من حرب اليمن وصولاً إلى أزمات العراق وسوريا ولبنان والصراع مع إسرائيل.

ليس سراً ما اقترحه الرئيس باراك أوباما أيام ولايته ورفضته الرياض حول تقاسم النفوذ في المنطقة بين السعودية وإيران في إطار البديل من الوجود الأميركي، الذي أرادت واشنطن تخفيفه للتركيز على الشرق الأقصى حيث الصين وروسيا والهند والقوة والثروة. وليس سراً أيضاً أن هناك اليوم من يتصور عودة للمشروع والبدء من "عقدة اليمن" التي هي أكثر من الحرب.

فهل صار هذا ممكناً أم أن الرفض جاهز؟ وماذا عن الحسابات الجيوسياسية في المنطقة، وسط تقدم الدور السعودي في قيادة الأمة العربية وتمدد النفوذ الإيراني إلى حد أن وزير العمل في طهران يرى أن "لبنان جزء من الأمة الإسلامية والدفاع عنه دفاع عنها"؟

ليس لدى العرب عملياً في الوقت الحالي سوى مشروع دقت ساعته بعد طول ضياع في المتاهات الأيديولوجية: إعادة الاعتبار للدولة الوطنية، وتقوية الدول الوطنية بالتنمية ونوعية التعليم والقوة التي تحميها والتكامل الاقتصادي والسياسي العربي.

أما إيران فلديها مشروع إقليمي عملت له وأنفقت عليه، وركزت على ما تسميه "الاقتدار العسكري"، وأنشأت وسلحت ومولت ميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري للعمل من أجل المشروع.

ولا شيء يوحي أنها يمكن أن تتخلى عنه، لكن نجاح المشروع في رأيها يحتاج إلى أمرين كبيرين فوق كل ما فعلته في المنطقة حتى الآن. أولهما إخراج أميركا أو أقله القوات الأميركية من الشرق الأوسط الذي صارت تسميه "غرب آسيا"، وثانيهما إزالة إسرائيل من الخريطة.

السؤال ليس فقط عن مدى الجدية في العمل لتحقيق الأمرين، بل أيضاً إلى أي حد تمتلك إيران القدرة على ذلك، ثم تحويل القدرة إلى فعل؟ وليس إن كانت جمهورية الملالي تتصرف كأن المنطقة خالية من القوى والمصالح المتعلقة بها والمتجاوزة لها بل إن كانت تقرأ بعمق ودقة في كتاب الثوابت والمتغيرات في الشرق الأوسط أم تلجأ إلى التحليل الأيديولوجي؟

الحسابات معقدة جداً، لا بسيطة كما توحي الأجوبة الأيديولوجية عن الأسئلة الواقعية.

ففي الصراع مع أميركا تجد إيران حماسة في الصين وروسيا، ودعماً حذراً جداً مخافة الاصطدام بقوة عظمى. وفي الصراع مع إسرائيل والسعي إلى إزالتها من الوجود تدرك طهران أنها تغامر بالمواجهة المصيرية مع دولة تملك 200 رأس نووي ومستعدة لممارسة "خيار شمشون" حين يكون مصيرها في الدق، وتعرف أن أميركا وأوروبا والصين وروسيا ضد إزالة إسرائيل، لكن خطاب الإزالة مستمر، بحيث تمتلئ شوارع طهران حالياً بملصقات ضخمة تقول: "400 ثانية إلى تل أبيب".

فضلاً عن أن المشروع الإقليمي الإيراني يصطدم بالقوى العربية في المنطقة التي تدافع عن وجودها وحرية قرارها وتاريخها، وفضلاً أيضاً عن أن الوضع الداخلي في إيران يواجه خلافات وتحديات وتظاهرات شعبية لا علاج لها لدى النظام سوى العنف والقمع بما يزيد من الغضب الشعبي. والرئيس الأسبق محمد خاتمي يحذر مما سماه "الإطاحة الذاتية للنظام". نظام خائف من أن تكشف امرأة عن شعرها كأنه واقف على حجاب، نظام يرى أن الحجاب مثل "جدار برلين": حين انهار الجدار انهار النظام، وإذا سقط الحجاب سقط النظام.

والمشروع الإقليمي هو جزء من أسس النظام، بحيث يصبح البلد عادياً إذا انتهى مشروعه الإقليمي. ومن بين كل الهموم والاهتمامات، فإن الرئيس إبراهيم رئيسي يطمئن المتشددين إلى "سحب البساط من حركة خلع الحجاب".

والمرونة الحالية مع الخارج، وسط التشدد في الداخل، هي خطوات تكتيكية يتصور الملالي أن تراكمها يقود إلى تحول استراتيجي، لكن الديالكتيك الماركسي حيث "التراكم الكمي البطيء يؤدي إلى تحول كيفي سريع" ليس وارداً على الطريقة الإيرانية.