يكافح الحزب الرئيسي المؤيد للكورد في تركيا، والذي يتعرض لضغوط كبيرة منذ سنوات، للاستمرار على خلفية إجراءات قضائية قد تفضي إلى حظره في وقت يسعى فيه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى تعزيز وضعه قبل انتخابات صعبة.
ويتعرض حزب الشعوب الديموقراطي، ثالث أحزاب البلاد لقمع قاس منذ العام 2016 عندما زُج بزعيمه، صلاح الدين دميرتاش، في السجن.
وكثفت السلطات التركية متجاهلة الانتقادات الغربية، في السنوات الأخيرة عمليات الاعتقال وعزل مسؤولين منتخبين أعضاء في الحزب واستبدلت الغالبية العظمى لرؤساء البلديات الستة والخمسين المؤيدين للكورد.
لكن مستقبل الحزب بات الآن على المحك على ما يبدو مع فتح أعلى محكمة في تركيا تحقيقا بشأنه الأسبوع الماضي بعدما كثف إردوغان الهجمات عليه.
وقد يفضي هذا التحقيق الذي يجريه المدعي العام في محكمة التمييز إلى محاكمة قد يحظر فيها حزب الشعوب الديموقراطي في حال اعتبر منظمة ضالعة في "نشاطات إرهابية".
ويتهم الرئيس التركي هذا الحزب بأنه "الواجهة السياسية" لحزب العمال الكوردستاني الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "إرهابيا".
ويرفض حزب الشعوب الديموقراطي هذه التهمة مؤكدا أنه ضحية قمع بسبب معارضته الشرسة للرئيس التركي.
وأتى الإعلان عن التحقيق بشأن هذا الحزب بعد دعوات متكررة لحظره أطلقها شريك إردوغان في الحكومة دولت بهجلي من حزب العمل القومي (يمين متطرف).
وبعد عملية عسكرية فاشلة لإنقاذ 13 رهينة يحتجزهم حزب العمال الكوردستاني في أقليم كوردستان العراق، انتهت بمقتل جميع المحتجزين منتصف فبراير، وكثف إردوغان وبهجلي من الهجمات على حزب الشعوب الديموقراطي.
وبالإضافة إلى فتح التحقيق، باشر البرلمان التركي في فبراير درس رفع الحصانة عن 20 نائبا مؤيدا للكورد.
وفي حين يقف بهجلي في مقدمة المنادين بحظر حزب الشعوب الديمقراطي إلا أن إردوغان قد يكون المستفيد الأكبر خصوصا وأنه يخشى خسارة السيطرة على البرلمان في الانتخابات المقبلة على ما يشير خبراء.
وتظهر نتائج آخر استطلاعات الرأي تآكل شعبية تحالف إردوغان مع بهجلي، في ظل ظروف اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كوفيد-19.
ويرى، غالب دالاي، الباحث في مؤسسة "روبرت بوش أكاديمي" في برلين وفي مركز "شاتام هاوس" للدراسات في لندن "الحكومة في وضع حرج .. ولا تعرف ما الذي ينبغي عليها القيام به لقلب هذا التوجه".
ويضيف "في حال اعتبر إردوغان أن حظر حزب الشعوب الديموقراطي سيخدم على أفضل وجه معادلته الرابحة فلا أظن أنه سيواجه صعوبة في التوصل إلى ذلك".
وأمام تلبد الأفق، يشدد حزب الشعوب الديموقراطي على قدرة الحركة الكوردية السياسية على الاستمرار.
فقد سبق وحظرت أحزاب كثيرة مؤيدة للكورد مثل حزب ديموقراطية الشعب في العام 2003 المتهم بإقامة روابط مع حزب العمال الكوردستاني.
وقالت برفين بولدان إحدى رئيسات حزب الشعوب الديموقراطي لوكالة فرانس برس "هل سنتوقف عن الخوض في السياسة في حال حظر حزبنا؟ بالطبع لا. ثمة بدائل عدة".
وأضافت "في الماضي حظرت أحزابنا وأسسنا أحزابا أخرى. وفي كل مرة عززنا صفوفنا".
ويقول دالاي إن الرئيس التركي حائر بين موقوفين موضحا "فهو يتردد بين شل حركة حزب الشعوب الديمقراطي وبين حظره كليا".
والخيار صعب بالنسبة لإردوغان الذي عليه أن يقيم بدقة تأثير نهج كهذا في وقت يحاول فيه "إصلاح العلاقات" مع الغرب ووعد بإصلاحات كثيرة في مجال حقوق الإنسان على ما يوضح دالاي.
وينبغي عليه أيضا أن يضبط موقفه مع موقف حليفه القومي بهجلي الذي يحتاج إليه للاحتفاظ بالغالبية في البرلمان.
وفي مؤشر إلى هذا التجاذب، أعلن فتح تحقيق محكمة التمييز بعيد عرض إردوغان "خطة عمل لتعزيز دولة القانون" بغية تهدئة خاطر الدول الأوروبية.