قال الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إن علاقته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان كانت مبنية على مصالح شخصية متبادلة، وليس لاعتقاده بأنهما يشتركان في الالتزام بالديمقراطية.
وقال أوباما في مذكراته التي تحمل عنوان "أرض الميعاد"، والتي نُشرت يوم الثلاثاء، إنه شك في تمسك أردوغان، الذي كان رئيس الوزراء آنذاك، بالقيم الديمقراطية وسيادة القانون. إذ كان يهدف إلى تعزيز قاعدته فقط.
وكتب "أشار بعض المراقبين إلى أن أردوغان قد يقدم نموذجا للإسلام السياسي المعتدل والحديث والتعدّدي، وبديلا للأنظمة الاستبدادية والثيوقراطيات والحركات المتطرفة التي تميزت بها المنطقة... حاولت أن أردّد مثل هذا التفاؤل. لكن، وبسبب محادثاتي مع أردوغان، كانت لدي شكوك".
وفي إشارة إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية التي شهدها العالم في 2008، استشهد أوباما بتركيا في سياق عالم متغير، بدأت فيه الديمقراطية والتحرير والاندماج التي اجتاحت العالم بعد نهاية الحرب الباردة في التراجع.
وقال إنه بدلا من ذلك، كانت القوى القديمة والأكثر قتامة تتجمع، ومن المرجح أن تزيد الضغوط الناجمة عن الانكماش الاقتصادي المطول الأمور سوءا.
وأضاف أوباما: "بدت تركيا وكأنها دولة في حالة صعود، وهي دراسة حالة في آثار العولمة الإيجابية على الاقتصادات الناشئة. فعلى الرغم من تاريخ من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية، كانت الدولة ذات الأغلبية المسلمة متحالفة مع الغرب إلى حد كبير منذ الخمسينيات، وحافظت على عضويتها في الناتو، وأجرت انتخابات منتظمة، وأسست اقتصاد سوق، ووضعت دستورا علمانيا كرّس المبادئ الحديثة مثل حقوق المرأة".
وصل أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة في 2002، وكانا يروجان للشعبوية والإسلاموية في كثير من الأحيان، حسب تعبير أوباما.
وقال الرئيس الأميركي السابق إن "تعاطف أردوغان الصريح مع الإخوان المسلمين وحماس في قتالهم من أجل دولة فلسطينية مستقلة، على وجه الخصوص، أقلق واشنطن وتل أبيب". ومع ذلك، التزمت حكومة أردوغان بالدستور التركي، ووفت بالتزاماتها في حلف شمال الأطلسي، وأدارت الاقتصاد بفعالية، وبادرت بسلسلة من الإصلاحات المتواضعة على أمل التأهل لعضوية الاتحاد الأوروبي.
وحسب أوباما، فقد حددت اعتراضات أردوغان على تعيين رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن أمينا عاما لحلف شمال الأطلسي في 2009، ورد الولايات المتحدة في النهاية، وقع العلاقات الأميركية التركية في عهده.
وخلال قمة للناتو، أصدر أردوغان تعليمات لفريقه بمنع تعيين راسموسن لأن حكومته لم تفرض رقابة على نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد في صحيفة دنماركية سنة 2005.
قال أوباما: "ولم يتأثر أردوغان بالمناشدات الأوروبية بشأن حرية الصحافة، ولم يرضخ إلا بعد أن وعدت بأن يكون لراسموسن نائب تركي وإقناعه بأن زيارتي القادمة لتركيا، والرأي العام الأميركي، سوف يتأثران سلبا إذا لم يتم تعيين راسموسن".
وتابع: "وضع ذلك نموذجا للسنوات الثماني المقبلة. تُملي المصلحة الذاتية المتبادلة علي وعلى أردوغان أن نطور علاقة عمل. إذ تتطلع تركيا إلى الولايات المتحدة لدعم مساعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فضلا عن المساعدة العسكرية والاستخباراتية في محاربة الانفصاليين الأكراد الذين شجعهم سقوط صدام حسين. أثناء ذلك، نحتاج إلى تعاون تركيا لمكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في العراق".
كما أضاف: "شخصيا، وجدت رئيس الوزراء وديا ومتجاوبا مع طلباتي بشكل عام. لكن، كلما استمعت إليه وهو يتحدث، كان جسده الطويل ينحني قليلا، ونغمة صوته ترتفع ردا على المظالم المختلفة أو الإهانات المتصورة. وخلق لدي انطباعا قويا بأن التزامه بالديمقراطية وسيادة القانون سيستمر طالما أن ذلك يحافظ على سلطته فقط".