تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إيران بين العملاء والموالين

مقتدى الصدر مع سليماني وخامنئي
AvaToday caption
ثمة أتباع وعملاء، وعملاء مزدوجون، والعميل سيكون بداهة فاسدا، وكلما كان فاسداً أكثر كلما أمكن السيطرة عليه كلياً
posted onOctober 13, 2019
noتعليق

صباح علي الشاهر

هل يوجد فساد في إيران؟ سؤال يجيب عنه من عاش أو زار إيران. نعم يوجد فساد بلا حدود، فساد قد يختلف بالكم عن الفساد في العراق، لكنه لا يختلف في النوع، وتوجد تنمية بلا حدود، على الضد مما هو موجود في العراق، إذا لا تنمية ولا هم يحزنون، ويوجد صراع وبلا حدود أيضاً بين أقطاب السياسة الإيرانية، ولا يوجد مثل هكذا صراع في العراق.

فالسياسيون متفقون على النهب، مختلفون ظاهريا في كل شيء. وإيران ليست واحدة من حيث الرؤى والتطلعات، فثمة إيران معادية لإسرائيل وأميركا، وثمة إيران محبة لإسرائيل وأميركا، ثمة إيران عدوة للعرب، وثمة إيران صديقة للعرب، ثمة إيران لا تذكر عهد الشاه إلا مقروناً بـ "لعنة كبيرة"، وثمة إيران تترحم على هذا العهد، وهذا الصراع مازال محتدماً، ولم يُحسم نهائياً بعد، ولعله لن يُحسم بالمدى المنظور.

 لذا فالحديث عن إيران كما لو كانت "بلوك صلب" حديث متهافت وهزيل لا ينم إلا عن حماقة وتعصب غير مبرر.

وإيران وضعت نفسها أو وضعتها الأقدار ضمن محور يمتد من الصين حتى البحر المتوسط، ويشمل ضمن ما يشمل قوى ودول ستشرق شمسها كبديل عن شمس الغرب التي أفلت، وهي في سعيها لتكون رقماً صعباً أو محوريا تسعى لإستثمار كل طاقاتها وإمكاناتها، وتوظيفها لتحقيق هذا الهدف، عبر وجود يتعدى حدودها.

 وهي بذلك لا تعتمد على من يتشابه معها بالمذهب، ولا حتى بالدين رغم أنها دولة إسلامية رسمياً، فهي تتعامل مع شيعة، وسنة، عرب وأكراد، ترك وأفغان، صينيين وهنود، روس وأوروبين، مسيحين وملاحدة، هي تمد نفوذها حيثما أمكن، وهذا هو ديدن من يريد أن تكون له الصدارة، وفي الحقيقة لا يعنيها ما يفعله هؤلاء داخل بلدانهم إلا بمقدار ما يتعارض مع نفوذها، أو يهدد هذا النفوذ.

ومن بين من تتعاون معهم، ثمة أتباع وعملاء، وعملاء مزدوجون، والعميل سيكون بداهة فاسدا، وكلما كان فاسداً أكثر كلما أمكن السيطرة عليه كلياً، ولعل هذا يفسر لنا لماذا إختارت أميركا التي لم يكن لها وجود في العراق أراذل الناس وأفسدهم لتسليمهم مقدرات البلد. البحث عن عملاء يعني البحث عن فاسدين، ولا يختلف عملاء أميركا أو بريطانيا أو إيران أو روسيا في هذا الأمر.

نحن هنا نتحث عن العملاء وليس عن الموالين، الذين يكون ولاءهم متعدد الأسباب، يصعب في هذه العجالة حصره، وهم غير مشمولين بهذا المقال.

البعض يستغرب أن تعتمد إيران على فاسدين كفسدة العراق ليكونوا ممثليها في العراق، أو ذراعها الضاربة، إستغراب هؤلاء سيزول لو تمكنت السلطة الحاكمة في إيران من قطع دابر الفساد في بلادها، أو لو أنها عملت على محاربته بصدق، لكن هذا لم يحدث داخل إيران ذاتها، علماً أن هذا الفساد يهدد النظام في نهاية المطاف، فكيف تهتم بفساد العملاء خارج الجغرافية الإيرانية، المطلوب من العملاء في الخارج تنفيذ ما يريده مُشغلهم، أما ما عدا هذا فمسألة فيها نظر، ويصدق هذا الأمر على كل العملاء لأي جهة كانوا، وفي أي زمن.

البعض يخلط بقصدية بين العملاء والموالين، بين من يرى في الثورة الإيرانية نهجاً ثوريا، وجزءا جوهريا من ممانعة منوط بها تعديل ميزان كوني مختل، كحالة حزب الله في لبنان، والقوى المقاومة في فلسطين، وبين العملاء المتنقلين بين خدمة من يدفع أكثر، أو يسمح لهم بالنهب أكثر، ولمن يصعب عليه فهم هذه المعادلة عليه أن يستحضر أسماء أبطال العملية السياسية في العراق، وأتحدى من سيجد عميلاً صافياً لجهة واحدة، بدءا بأعضاء مجلس الحكم، وإنتهاء بالأحزاب والحركات الدينية، وهذا لا يمنع من وجود إستثناءات قليلة.

إعتماد الفاسدين كممثلين لقوى تدعي الثورية، وإستلهام مثل الدين العليا، نهج خاطئ ومسيء، ليس لهذه القوى الثورية، وإنما لمحور كوني برمته، وإذا كان المُشغل لا يرى فالشعب العراقي يرى ويعاني من هؤلاء، ولقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، فلا تتحملوا وزر الفاسدين، وليس من الحصافة التخلي عن مادة الحياة، وشباب المستقبل، وبناة الغد، من أجل حفنة من الفاسدين الهامشين، الجهلة، المنغمسين في النهب، وإلا فإن مكانكم ليس في قلوب أبناء مدينة الثورة، والشعلة، والناصرية، والنجف، وميسان، وبغداد، والبصرة، والديوانية، وعملياً يصبح كل ما تعدون المسحوقين به باطلا، ثم باطلا، ثم باطلا.