تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رجل أحدث ثورة علمية وأتهم بالهرطقة

رسم تخيلي لغاليلي وهو يفسر نظرية مركزية الشمس
AvaToday caption
جذب غاليلي اهتمام الكنيسة، حيث تعارضت العديد من نظرياته مع أفكار بطليموس حول مركزية الأرض والنظرة الأرسطية للكون التي اتفق عليها رجال الدين وعلماء تلك الفترة
posted onJune 16, 2019
noتعليق

يصنف العديد من المؤرخين الفلكي والفيلسوف والفيزيائي الإيطالي، غاليلو غاليلي، كأبٍ للعلوم الحديثة.

فخلال مسيرته العلمية التي امتدت بين النصف الثاني من القرن السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر، ساهم غاليلي في تقدم علوم الفيزياء والفلك والرياضيات كما عمل على تطوير منظار تمكن بفضله من مشاهدة أقمار كوكب المشتري وحلقات كوكب زحل والطور الكوكبي لكوكب الزهرة والبقع الشمسية وسطح القمر.

وبذلك نجح هذا العالم الإيطالي، المنحدر من مدينة بيزا، في دحض النظريات الإغريقية القديمة التي تناقلها العلماء حول الأرض.

وللحفاظ على مكانته والنجاة من تتبعات محاكم التفتيش، سعى غاليلي للحصول على حلفاء من أصحاب النفوذ.

وفي عام 1609، تمكن العالم الإيطالي من صناعة أول تليسكوباته عن طريق تطوير نسخة هولندية قديمة، ونجح بفضل ذلك في مشاهدة الأقمار الأربعة الكبيرة لكوكب المشتري وألف كتاب رسول النجوم (Siderius Nuncius)، الذي نقل من خلاله كل ملاحظاته حول درب التبانة واقترح تسمية أقمار كوكب المشتري التي شاهدها بأقمار ميديتشي بهدف التقرب من دوق توسكانا كوزيمو الثاني دي ميديتشي.

وجعل كتاب رسول النجوم من غاليلو غاليلي أكثر شخصية معروفة بإيطاليا حينها، حيث منحه دوق توسكانا مكانة هامة وحوله لعالم رياضيات وفيلسوف لصالح عائلة ميديتشي، مانحاً إياه الحماية اللازمة لنشر نظرياته وأفكاره.

وتزامناً مع ذلك، جذب غاليلي اهتمام الكنيسة، حيث تعارضت العديد من نظرياته مع أفكار بطليموس حول مركزية الأرض والنظرة الأرسطية للكون التي اتفق عليها رجال الدين وعلماء تلك الفترة.

وقد جاء وصفه لسطح القمر وحركة دوران أقمار كوكب المشتري ليؤكد ما توصل إليه سابقاً الفلكي البولندي، نيكولاس كوبرنيكوس، الذي وضع مجسماً جديداً للكون تميز بمركزية الشمس ودوران الأرض حولها.

لوحة زيتية تجسد مثول غاليلي أمام محاكم التفتيش

وعام 1616، لجأت محاكم التفتيش لجملة من المشاورات أفضت لتحريم كتاب De revolutionibus   orbium coelestium   لكوبرنيكوس المصنف كأول كتاب تحدث عن مركزية الشمس على مر تاريخ البشرية.

وتبعاً لذلك، استدعى البابا بولس الخامس غاليلي لروما وطالبه بالتوقف عن مساندة نظريات كوبرنيكوس.

وسنة 1632، نشر غاليلي كتاباً بعنوان حوار حول النظامين الرئيسيين للكون (Dialogo sopra i due massimi sistemi del mondo) قارن فيه بين النظامين الكوبرنيكي والنظام البطلمي القديم. وقد تلقى دوق توسكانا فرديناندو الثاني دي ميديتشي أول نسخة منه قبل أن ينشر لاحقاً في فلورنسا.

وأثار هذا الكتاب العديد من المتاعب لغاليلي. فسنة 1633 أجبر على المثول أمام محاكم التفتيش، حيث أمر البابا أوربان الثامن، بعد تزايد الضغوطات عليه، باستدعاء غاليلي للتحقيق وتحريم كتبه.

في البداية، رفض غاليلي التهم الموجهة إليه، مؤكداً على عدم مساندته لفكرة مركزية الأرض في كتابه، لكنه تراجع لاحقاً ليعلن عن تأييده لهذه النظرية وحديثه عنها دون قصد.

 وبسبب ذلك، اتهم غاليلي بالهرطقة وأجبر، بعد تهديده بعقاب وعذاب شديد، على تقديم اعتذار والتخلي عن أفكاره.

كما صدر لاحقاً في حق غاليلي حكماً بالسجن المؤبد ليرسل بذلك هذا الرجل، الذي قارب عمره 70 عاماً، لقضاء التسع سنوات المتبقية من حياته بإقامة جبرية مريحة.

 وبحسب بعض الأساطير، نطق غاليلي عقب صدور الحكم في حقه بجملته الشهيرة: "وعلى الرغم من ذلك فهي تدور".

وأثارت محاكمة غاليلي العديد من التساؤلات حول مدى مصداقيتها. وفي منتصف القرن الثامن عشر، وافقت الكنيسة على رفع الحظر عن كتب هذا العالم الإيطالي.

وفي القرن العشرين، قدم كل من البابا بيوس الثاني عشر والبابا يوحنا بولس الثاني تصريحات أكدوا من خلالها على أسفهم الشديد للمعاملة السيئة والمحاكمة التي تعرض لها غاليلي على يد رجال الكنيسة في زمنه.