تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

أمريكا غير مستعجلة برد هجوم على سفارتها في بغداد

عنصر من قوات العراقية
AvaToday caption
رجحت أوساط سياسية في بغداد أن تكون إيران استقرت على اتباع استراتيجية المناوشات المتقطعة مع الولايات المتحدة في جبهات متعددة، لاختبار جدية قرار واشنطن بشأن المضي نحو الحرب
posted onMay 21, 2019
noتعليق

تعيش الميليشيات العراقية الموالية لإيران حالة من الترقب، بانتظار الردّ الأميركي على هجوم صاروخي استهدف محيط سفارة الولايات المتحدة في بغداد، فيما تميل المؤشرات إلى أن الهجوم هو بمثابة جسّ نبض إيراني لاختبار صبر واشنطن ونواياها.

وسعى قادة الميليشيات إلى تبرئة ساحتهم من هذا الهجوم، فيما ألقى بعضهم باللوم على إسرائيل.

ولكن الحرج حاصر هؤلاء القادة، بعدما أعلنت السلطات الأمنية العراقية العثور على منصة إطلاق الصاروخ في منطقة تخضع لهيمنة فصيل عراقي مسلح، معروف بقربه الشديد من المرشد الإيراني علي خامنئي.

وتعليقا على الهجوم الصاروخي، قال هادي العامري، الذي يتزعم ثاني أكبر الكتل البرلمانية في مجلس النواب العراقي، ويقود منظمة بدر وهي جزء من قوات الحشد الشعبي، إن “المسؤولية الوطنية والدينية والتاريخية تحتم على الجميع إبعاد شبح الحرب عن العراق أولا وعن كل المنطقة ثانيا”، مشيرا إلى أن “الحرب إذا اشتعلت لا سمح الله، فسوف تحرق الجميع″.

وفي إشارة إلى الجهة التي أطلقت الصاروخ على المنطقة الخضراء في بغداد، قال العامري إن “كل من يحاول إشعال فتيل الحرب انطلاقا من العراق إما جاهل وإما مندسّ″، مؤكدا أن “كل أطراف الحرب لا تريد الحرب، فلا الجمهورية الإسلامية (في إيران) تريد الحرب، ولا الولايات المتحدة تريد الحرب”.

وختم العامري قائلا إن “الذي يدفع إلى الحرب فقط الكيان الصهيوني، لذا نهيب بكل العراقيين ألا يكونوا نارا لهذه الحرب”.

وكرّر المعنى نفسه زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي الذي اتفق مع العامري في أن الحرب هي رغبة إسرائيل فقط، وليس الولايات المتحدة وإيران.

لكن ميليشيا “كتائب حزب الله” التي يقودها أبومهدي المهندس، أحد أبرز المطلوبين العراقيين للولايات المتحدة، ويلعب دورا بارزا في قيادة قوات الحشد الشعبي، أعلنت أن توقيت الهجوم على المنطقة الخضراء لا يخدم أوضاع المنطقة.

ويقرأ المراقبون في تصريحات قادة أهم وأبرز ثلاث ميليشيات عراقية، محاولة واضحة للتنصّل من مسؤولية قصف المنطقة التي تضم مبنى السفارة في بغداد للإفلات من التداعيات.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت أنها ستردّ على الهجوم.

وحذر الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر من الزجّ بالعراق في أي حرب بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، رافضا أن تكون بلاده ساحة صراع بين واشنطن وطهران.

وعلّق الصدر على الهجوم الذي استهدف المنطقة الخضراء بالقول إن أي طرف يعمل على توريط العراق في أي مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة وإيران سيكون عدوا للشعب العراقي.

وقال الصدر في تغريدة له على حسابه الرسمي في تويتر، إن “الحرب بين إيران وأميركا ستكون نهاية للعراق، وأي طرف يزجّ بالعراق في الحرب ويجعله ساحة للمعركة سيكون عدوا للشعب العراقي”.

وأضاف “لست مع الحرب بين إيران وأميركا، ولست مع زجّ العراق في هذه الحرب وجعله ساحة للصراع الإيراني الأميركي”.

وأكد على ضرورة إبعاد العراق عن أي خلافات قائلا، “نحن بحاجة إلى وقفة جادة مع كبار القوم لإبعاد العراق عن تلك الحرب الضروس التي ستأكل الأخضر واليابس فتجعله ركاما”.

ووقع الهجوم على المنطقة الخضراء بعد قليل من لقاء عقده القائم بأعمال السفير الأميركي في بغداد جوي هود وعمار الحكيم زعيم تحالف الإصلاح أكبر كتل البرلمان العراقي الذي أكد للدبلوماسي الأميركي أن “أمن البعثات الدبلوماسية في العراق من مسؤولية الدولة العراقية”.

وأبلغ الحكيم هود بأن “للعراق علاقات وثيقة مع الطرفين تمكنه من أن يؤدي دور الوسيط لتقريب وجهات النظر وإنهاء حالة التوتر”، مطالبا البعثات الدبلوماسية في العراق بأن “ترسل رسائل إيجابية عن الوضع السياسي والأمني في العراق بعد أن وصل إلى مراحل متقدمة تزول أمامها كل الأسباب الموجبة لمغادرة موظفي أو رعايا هذه البعثات للأرض العراقية”.

 رجحت أوساط سياسية في بغداد أن تكون إيران استقرت على اتباع استراتيجية المناوشات المتقطعة مع الولايات المتحدة في جبهات متعددة، لاختبار جدية قرار واشنطن بشأن المضي نحو الحرب.

وترى هذه الشخصيات أن “إيران تحاول التعرف على مدى استعداد الولايات المتحدة لخوض حرب ضدها، فإذا تأكدت من ذلك، فإنها تريد اندلاع الحرب الآن، والقوات الأميركية لم تكمل تحشيد قواتها في المنطقة بعد.

لكن مختلف الأطراف العراقية تستبعد انزلاق الأوضاع بين الولايات المتحدة وإيران إلى مواجهة عسكرية شاملة، وسط ترجيحات لسيناريو “الاشتباك المحدود”، أو الغارات المتبادلة.

وتوقع مراقب سياسي عراقي أن تقوم إيران بما يمكن تسميته بعمليات “جسّ النبض” لمعرفة ردود أفعال الولايات المتحدة، معتبرا ما جرى من قصف لمحيط السفارة الأميركية يدخل في ذلك الإطار الذي يمكن اعتباره تعبويّا أيضا.

وقال إن الأمر يكشف عن استعداد ميليشيات عراقية للقتال إلى جانب إيران، بما يعدّ رسالة إلى الولايات المتحدة، مضمونها أن مصالحها في العراق لن تكون محمية وليست بعيدة عن الحرب.

وأضاف المراقب أنه إذا ما كانت إيران قد اختارت ميليشيا صغيرة ومغمورة للقيام بتلك العملية فلأنها تسعى إلى ألا تضع ميليشياتها الكبيرة في مواجهة الغضب الأميركي، وهو ما يعني أنها يمكن أن تضحي بتلك الميليشيا الصغيرة في عملية التعرف على نوع ردّ الفعل الأميركي.

وشدد بقوله إنه من الواضح أن ردود أفعال أتباع إيران في العراق على العملية تكشف عن شعورهم بالخوف من أن يُزج بهم في صراع، لن يكونوا قادرين على تحمّل نتائجه.

ويعتقد المراقب أن الرد الأميركي سيكون مؤجلا إلى أن تتعرف الولايات المتحدة على حقيقة ما يجري في العراق، وهو ما يمكن أن يستغرق وقتا طويلا وسيكون بمثابة وقت عصيب بالنسبة لقادة الميليشيات الحائرين بين ولائهم لإيران ومنافع الحكم في العراق التي يمكن أن يفقدوها إذا ما وضعت الولايات المتحدة نهاية لسلطتهم. وهو ما كان مقتدى الصدر صريحا فيه حين أشار إلى نهاية العراق.