ترى مصادر كوردية أن التفجير الذي هز يوم الأحد ميدان تقاسيم بوسط اسطنبول يذهب إلى أبعد من مجرد اعتداء إرهابي وأن الغاية إما انتخابية أو تحضيرا لهجوم واسع على مدينة كوباني أو عفرين بذريعة أن من نفذ الهجوم هو حزب العمال الكوردستاني وأن المرأة التي اعتقلتها الشرطة التركية ونسبت لها وضع حقيبة بها عبوة ناسفة في الميدان تتحدر من المناطق الكوردية السورية.
ويُعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية سيوظفان هذا الاعتداء أيا كانت الجهة التي تقف وراءه، لأغراض انتخابية أو لعمل عسكري يجري التحضير له في الغرف المغلقة لوزارة الدفاع التركية.
وتتساءل تلك الأوساط عن الجهة المستفيدة من الاعتداء، مشيرة في الوقت ذاته إلى حاجة أردوغان لترميم شعبيته المتهاوية وأنه مستعد من أجل ذلك ولأغراض انتخابية لفعل أي شيء.
وأشارت إلى سيناريو تورط محتمل للمخابرات التركية خدمة للأجندة السياسية للرئيس التركي وحزبه، لكن هذا السيناريو يبقى مجرد افتراضات ولا توجد أية أدلة تثبت صحته.
وقد نفى حزب العمال الكوردستاني وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يشكل المقاتلون الكورد عمودها الفقري أي صلة لهما باعتداء اسطنبول الذي أسفر أمس الأحد عن مقتل 6 أشخاص وحملت السلطات التركية المتمردين الكورد المسؤولية عنه.
واتهمت الشرطة التركية في وقت سابق الاثنين سورية بوضع القنبلة، مشيرة إلى أن الشابة التي تمّ توقيفها اعترفت بأنها تصرّفت "بأمر من حزب العمال الكوردستاني".
واتهم وزير الداخليّة التركي سليمان صويلو حزب العمّال الكوردستاني التركي بالوقوف خلف الاعتداء. وقال "نعتقد أن الأمر بالهجوم صدر من كوباني"، المدينة الحدودية مع تركيا الواقعة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشمال شرق سوريا.
وأكدّت الإدارة الذاتية الكوردية في شمال وشمال شرق سوريا أن "لا قيود" لديها للمشتبه بها التي أعلنت الشرطة التركية توقيفها.
وكتب عبدي في تغريدة على تويتر "نؤكد أن لا علاقة لقواتنا بتفجير اسطنبول ونرفض المزاعم التي تتهم قواتنا بذلك"، مضيفا "نعبّر عن خالص تعازينا لأهالي المفقودين والشعب التركي ونرجو للجرحى الشفاء العاجل".
وتُصنّف أنقرة وحدات حماية الشعب الكوردية منظمة "إرهابية" وتعدّها امتدادا لحزب العمال الكوردستاني الذي ينفّذ تمردا ضدها منذ عقود.
ونفى حزب العمال الكوردستاني بدوره أي دور له في التفجير. واتهم أنقرة بامتلاك "خطط غامضة" وبـ"إظهار كوباني كهدف".
وذكرت تقارير أن المشتبه بها التي تدعى إلهام بشير، دخلت تركيا بطريقة غير قانونية من سوريا، قادمة من منطقة عفرين التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل سورية موالية لها منذ هجوم على المنطقة استهدف الكورد قبل بضع سنوات.
وقالت الإدارة الذاتية الكوردية "المدعوة أحلام البشير لا قيود لها في مناطقنا". واعتبرت أن اتهام أنقرة "لبعض مؤسساتنا العسكرية يتماشى بالمطلق مع سياسات تركيا وأفعالها التي تريد من خلالها في كل مرة خلق الذرائع والحجج لتهيئة الأرضية لمهاجمتنا".
وشنت تركيا منذ العام 2016 ثلاث عمليات عسكرية في سوريا استهدفت بشكل أساسي المقاتلين الكورد، وتمكنّت مع فصائل سورية موالية لها من السيطرة على مناطق حدودية واسعة.
وفي وقت سابق من العام الحالي، هدّدت أنقرة مرارا بشن هجوم جديد ضد المقاتلين الكورد في سوريا، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يحصل، وفق محللين، على ضوء أخضر من إيران وروسيا اللتين تملكان نفوذا واسعا في سوريا، للقيام بذلك.
ونأى حزب العمال الكوردستاني الاثنين بنفسه عن الهجوم الدموي، مؤكدا أن لدى دور له في تفجير اسطنبول. وقالت المجموعة التي تعتبرها تركيا "إرهابية"، في بيان نشرته وكالة فرات للأنباء "شعبنا والأشخاص الديمقراطيون يعلمون عن كثب أننا لسنا على صلة بهذا الحادث وأننا لن نستهدف مدنيين بشكل مباشر وأننا لا نقبل أعمالا تستهدف مدنيين".
واتهمت المجموعة المسلحة الكوردية الحكومة التركية بامتلاك "خطط غامضة" وبـ"إظهار كوباني كهدف". وقال المتحدث باسم الجناح السياسي لحزب العمال الكوردستاني زاكروس هيوا "ليس لدينا أي علاقة بالانفجار الذي وقع أمس في اسطنبول ولسنا مسؤولين عنه".
وصرّح مسؤول تركي بأن المعلومات الأولية تشير إلى "وحدات داخل منظمة شبابية تابعة لحزب العمال الكوردستاني".
واشتهرت مدينة كوباني بالمعركة التي سمحت في العام 2015 للقوات الكوردية بصدّ تنظيم الدولة الإسلامية بدعم أميركي. ولا تزال تسيطر عليها حاليا قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر وحدات حماية الشعب المتحالفة مع حزب العمال الكوردستاني أحد مكوناتها الرئيسية.
ويخوض حزب العمال الكوردستاني الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون على أنه منظمة "إرهابية"، تمرّدا ضد الدولة التركية منذ العام 1984، ويتمركز في مناطق جبلية نائية في العراق.
في العاشر من ديسمبر 2016، أسفر اعتداء مزدوج قرب استاد بشيكتاش عن سقوط 47 قتيلا بينهم 39 شرطيا و160 جريحا. وتبنى الاعتداء جماعة 'صقور حرية كردستان' المتطرّفة القريبة من حزب العمال الكوردستاني.
وحزب العمال الكوردستاني أيضا في قلب المواجهة بين السويد وتركيا التي تعرقل دخول ستوكهولم إلى حلف شمال الأطلسي منذ مايو الماضي بتهمة التساهل مع الحزب الكردي المسلح.
وطالبت أنقرة بتسليم عدد من أعضاء حزب العمال الكوردستاني في مذكرة تفاهم وقّعت في يونيو الماضي مع السويد وفنلندا الراغبة هي أيضا في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وبعد زيارة رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون لأنقرة الأسبوع الماضي، يستعد البرلمان السويدي للتصويت على تعديل الدستور من أجل تشديد تشريعات مكافحة الإرهاب. وغالبا ما يتمّ استهداف قواعد حزب العمال الكوردستاني في شمال العراق وسوريا بعمليات عسكرية تركية.